< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

45/06/10

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/فصل في الأغسال المندوبة/في اقسامها

 

وهي كثيرة، وعدّ بعضهم سبعاً وأربعين، وبعضهم انهاها الى خمسين، وبعضهم الى ازيد من ستين، وبعضهم الى سبع وثمانين، وبعضهم الى مائة (1) وهي اقسام زمانية، ومكانية، وفعلية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1_ اختلف الفقهاء في عدد الاغسال المندوبة فقد نسب ما يقرب المائة الى المصابيح، والسبع والثمانون الى النراقي في المستند، والخمسون الى النفلية، واما الستون فقال السيد الوالد (رحمه الله تعالى) لم أظفر بقائله عاجلاً.

والاختلاف في العدد يرجع الى ما ورد من الروايات سواء كانت معتبرة ام ضعيفة، وأخرى فتوى فقيه أو ورد في كتاب فقيه ما لم يعارضه دليل، كل ذلك بناءً على قاعدة التسامح في السنن في الفتوى، واثبات الاستحباب بها، بل عن المعتبر والمنتهى استحباب غسل المندوب نفساً، وعدم حصره في عدد شخوص، وسيأتي انه الأوجه، لأنه تنظيف، والنظافة من الايمان.

ويدل عليه قوله تعالى ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهّرين﴾[1] ، واطلاقه يشمل جميع مراتب التطهير حتى غسل تمام البدن وتنظيفه عن الوسخ والقذارات ولو في كل يوم، ولم يوجد خبر يشتمل على جميع الاغسال المندوبة، بل هي متفرقة في الاخبار المنقولة في الأبواب المختلفة، وانما يذكر كل فقيه بعضاً منها، نعم ورد لفظ الوجوب في موثق سماعة عند تعداد الاغسال منها السبعة المعروفة، وأخرى صرّح الامام عليه السلام بوجوبها، وهي: غسل المولود، وغسل المحرم، وغسل يوم عرفة، وغسل المباهلة، وغسل الاستسقاء، ولكن لابد من حمله على تأكيد الاستحباب جمعاً واجماعاً.

مع انه ليس الاختلاف في أعداد الاغسال المسنونة حقيقياً بل اعتباري، فمنهم من اكتفى بذكر الأهم المشهور منها، كالمحقق حيث جعلها ثمانية وعشرين، ومنهم من ذكر كل ما افتي به ولو كان فقيهاً واحداً، فلو كان بناءهم على التسامح حتى بالنسبة الى فتوى الفقيه، لأتفق الكل على عدد خاص، والامر سهل كما قاله السيد الوالد (قده) وسيأتي بيانه.

ثم انه قد مرّ إمكان استفادة استحباب ذات الغسل مطلقاً نفساً من الآية المباركة التي تقدم ذكرها، وقولهم عليهم السلام (الطهور نور) وغيره مما ورد في الاخبار، فإن اطلاقها يشمل مراتب الطهارة الظاهرية والمعنوية، كانت مبيحه للصلاة أو لا، لا سيما اذا قلنا بأن كل غسل يجزي عن الوضوء فإن حصول الطهارة حينئذ واضحة، فتصدق الآية لا محالة، وسيأتي تتمة الكلام في الاغسال الفعلية.

ثم انه ذكرنا مكرراً أن سيرة الفقهاء وعلمهم قد استقرت على حمل القيود المذكورة في المندوبات على تعدد المطلوب، فيكون تقييد هذه الاغسال بالوقت الخاص او المكان المخصوص محمولاً على الأفضلية، فيجوز اتيانها قبله او بعده ايضاً، كما في غسل الجمعة وغسل ليلة القدر -على قول بعض- وكذا صلاة الليل والنوافل من صحة الاتيان بها قبل الوقت او حينه او بعده، فان ذلك موافق للقاعدة لا ان يكون مخالفاً لها حتى يكون استثناءً وتخصيصاً.

كما انه عند التأمل فيما ورد في الاغسال المندوبة، يظهر استحباب الغسل لكل عمل يراد التقرب به الى الله تعالى، وكل مكان شريف وزمان كذلك، وكل ما يراد به حصول النشاط العبادي. نعم خرجت العبادات العامة الابتلائية ودخول المساجد -غير المسجدين- بظهور الاجماع على عدم استحباب الغسل لها. وحينئذ يمكن ان يؤتى بها في غير ما ورد فيه بالخصوص بقصد الرجاء.

ثم ان البحث عن الاغسال المندوبة يقع من جهات:

الجهة الأولى: في اقسامها

اما للفعل الذي يريد أن يفعل، او للفعل الذي فعله (1) والمكانية ايضاً في الحقيقة فعلية ايضاً، لأنها اما للدخول في المكان او للكون فيه.

واما الزمانية فأغسال: (احدها) غسل الجمعة، ورجحانه من الضروريات، وكذا تأكيد استحبابه معلوم من الشرع والاخبار في الحث عليه كثيرة، وفي بعضها انه يكون طهارة من الجمعة الى الجمعة، وفي آخر: غسل يوم الجمعة طهور وكفارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة الى الجمعة. وفي جملة منها: التعبير بالوجوب (2) ففي الخبر انه واجب على كل ذكر أو انثى من حرّ او عبد، وفي خبر آخر عن غسل يوم الجمعة فقال عليه السلام "واجب على كل ذكر وانثى من حر او عبد" وفي ثالث: "الغسل واجب يوم الجمعة" وفي رابع: قال الراوي كيف صار غسل الجمعة واجباً؟ قال عليه السلام "ان الله أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة... وأتم وضوء النافلة بغسل يوم الجمعة" وفي خامس: "لا يتركه الا فاسق" وفي سادس: "عمّن نسيه حتى صلى قال عليه السلام: ان كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة، وان مضى الوقت فقد جازت صلاته" الى غير ذلك (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1_ التقسيم الذي ذكره الفقهاء ومنهم المصنف (رحمه الله) في المتن استقرائي، ولم يكن له أثر في كتب القدماء، ولكنه واقع في الأدلة الشرعية، فلا يضرّ عدم تعرّض المتقدمون له.

2_ كما اطلق الوجوب على جملة أخرى من الاغسال ايضاً، كما تقدم في موثق سماعة، مع انهم لا يقولون بوجوبها.

3_ وقال في الجواهر: لعل التتبع يشهد أنّ كل ما زيد فيه من المبالغة في فعله وتركه كان الى الاستحباب أقرب منه الى الوجوب. واستحسنه السيد الوالد (قده) وقال وقد جعل (قده) هذا


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo