< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

45/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الميت /عدم جواز اللطم والخدش

لا يجوز اللطم والخدش وجز الشعر (1) بل والصراخ الخارج عن حد الاعتدال على الأحوط (2) وكذا لا يجوز شق الثوب على غير الأب والأخ (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1_ إجماعاً، ولجملة من النصوص

منها: قوله صلى الله عليه واله "ليس منّا من ضرب الخدود، وشق الجيوب"[1]

منها: لعن رسول الله صلى الله عليه واله "الخامشة وجهها، والشاقة جيبها، والداعية بالويل والثبور"[2] .

منها: خبر أبي جميلة: "أشدّ الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر..."[3] .

منها: قوله صلى الله عليه واله: "مهما يكن من العين والقلب فمن الله ومن الرحمة، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان"[4] .

منها: وصية ابي عبد الله عليه السلام عند احتضاره "لا يلطمن عليّ خدّاً، ولا يشقن علّي جيباً، فما من امرأة تشق جيبها الا صدع لها في جهنم صدع كلّما زادت زيد"[5] ، هذا مع منافات كل ذلك للتسليم والرضا.

ويؤيده ايضاً كون الشق إسراف محرّم، والضرر في الخدش، وأنّ مقتضى العمومات والاطلاقات فيهما عدم الجواز ان صدق الاسراف والاضرار عليهما.

ولكن إطلاق هذه الاخبار يقتضي الحرمة مطلقاً، ولو لم ينطبق على الشق عنوان الاسراف، ولو لم ينطبق على الخدش عنوان الاضرار ايضاً.

2_ كما صرّح به في الحدائق وقال: الظاهر من الاخبار وكلام الاصحاب حرمة الصراخ، فيحمل قول الصادق عليه السلام "لا ينبغي الصياح على الميت، ولا تشق الثياب" على الحرمة بقرينة فهم الاصحاب، وانما الجائز النوح بالصوت المعتدل، الا انه يمكن القول بالفرق بين الصياح والنوح.

3_ اختلف الفقهاء في حكمه، فالمشهور ما ذكره المصنف (قده) وقيل كما عن الحلّي في النهاية المنع مطلقاً، وقيل بجوازه للمرأة مطلقاً والمنع للرجل على غير الاب والاخ، ويظهر من بعض المتأخرين الميل الى جوازه مطلقاً على كراهية في غير الاب والاخ والاقارب او مطلقاً.

وعن كفارات الجامع للشرائع: لا بأس بشقّ الانسان ثوبه لموت أخيه ووالديه وقريبه، والمرأة لموت زوجها.

وكيف كان فقد استدل للمنع: بكونه تضييعاً للمال، ومنافياً للرضاء بقضاء الله تعالى، ولكن جعلهما من المؤيدات أولى من ان يكونا دليلين، كما اشرنا اليه انفاً لا سيما انه قد يصدر مثل ذلك من العقلاء في مقاصدهم العقلائية من دون أن يتعدّ تبذيراً وسرفاً حتى يكون محرماً، وإمكان تحققهما على وجه لا يكون ساخطاً بقضاء الله تعالى.

واستدل ايضاً بروايات اكثرها مما لا يمكن الاعتماد عليها سنداً:

منها: مرسلة الشيخ في المبسوط من نسبته الى الرواية، وقال المحقق الهمداني (قده) فيها: انها اوثق في النفس لانجبار هذه الرواية المرسلة بفتوى الاصحاب، اذ من المستبعد عادة التزامهم بمثل هذا الفرع من دون عثور على رواية مقبولة لديهم.

ومنها: ما في البحار عن دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليه السلام: انه أوصى عند ما احتضر فقال: "لا يلطمنّ علّي خدّ، ولا يشقنّ علّي جيباً، فما من امرأة تشقّ جيبها الا صدع لها في جهنم صدع كلّما زادت زيدت"[6] .

ومنها: ما في الدعائم ايضاً عن مسكّن الفؤاد عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: "ليس منّا من ضرب الخدود، وشق الجيوب"[7] .

ومنها: عن ابي أمامة "أن رسول الله صلى الله عليه واله لعن الخامشة وجهها، والشاقة جيبها والداعية بالويل والثبور"[8] .

ومنها: ما عن كتاب المحاسن عن الصادق عليه السلام في قول الله تعالى: "﴿ولا يعصينك في معروف﴾ والمعروف أن لا يشقن جيباً ولا يلطمن وجهاً، ولا يدعونّ بالويل"[9] .

ومنها: وصايا الائمة عليهم السلام التي ورد فيها النهي عن شق الجيوب وخمش الوجوه[10] .

هذه هي جملة ما يمكن الاستدلال بها من الروايات على الحكم، ومقتضى الصناعة عدم امكان الاعتماد عليها في اثبات الحكم المزبور، لكن لا يبعد كفاية هذه الروايات بعد التجابر والتعاضد واعتضادها بفتوى الاصحاب وغيرها لإثبات الحرمة الا ان يقال: بمنافاتها لخبر الحسن الصيقل -المتقدم- عن ابي عبد الله عليه السلام "لا ينبغي الصياح على الميت ولا تشق الثياب"[11] ، من حيث ظهورها في الكراهة.

ولكن ظهور تلك المجموعة اقوى، فلتحمل الرواية المزبورة على الحرمة، او محامل أخرى لا سيما مع مخالفتها لظاهر الاصحاب مع ما فيها من الضعف، مع ان في نسخة الوسائل لهذه الرواية "ولا تشق الثياب" فيكون نهياً مستقلاً ظاهره التحريم.


[1] مستدرك الوسائل، باب71، أبواب الدفن، ح12.
[2] نفس المصدر، ح13.
[3] تقدم مصدره.
[4] مستدرك الوسائل، باب74، أبواب الدفن، ح21.
[5] نفس المصدر، باب72، ح2.
[6] تقدم مصدره.
[7] بحار الانوار، ج28، ص93، ح45.
[8] نفس المصدر، ج82، ص93.
[9] نفس المصدر، ج82، ص102، وراجع الارشاد للمفيد، ج2، ص94.
[10] راجع مستدرك الوسائل، باب71، أبواب الدفن، ح1.
[11] تقدم مصدره.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo