< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

45/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الدفن /النقل بعد الدفن

يجوز البكاء على الميت (1) ولو كان مع الصوت، بل قد يكون راجحا، كما إذا كان مسكنا للحزن وحرقة القلب (2) بشرط أن لا يكون منافيا للرضا بقضاء الله تعالى (3) ولا فرق بين الرحم وغيره، بل قد مر استحباب البكاء على المؤمن، بل يستفاد من بعض الأخبار جواز البكاء على الأليف الضال (4)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الى حرم النبي صلى الله عليه واله لجدد به عهداً، ثم دفنه في البقيع"[1]

وهذا وان الأولى أن لا يحتسب مؤونة النقل على القاصرين من الورثة.

الثالث: نسب الى أمالي الطوسي انه نقل عن الصادق عليه السلام إنّ الله تعالى خلق سبعين الف ملك نقالة تنقل الموتى الى حيث يناسبهم"[2] .

وقد ورد "أن من مات بعمل قوم لوط، ولم يتب يقذفه القبر الى مكان قوم لوط"[3] .

وقال السيد الوالد (قده): قد تفحصت بقدر وسعي فلم أجد ما يدل على النقل في المدارك المعتبرة، ويمكن حملها على فرض الصدور من المعصوم عليه السلام على كان لا يليق بالجواز من الكفار او من انهمك في الطغيان بحيث يقبح بالنسبة اليه الثواب والإحسان، فإنّ مشاهدهم مأمن إلهي والملائكة لا تجرئ على النقل من مأمن إلهي، وكيف يرضى الله تعالى بذلك بعد أن جعل تلك المشاهد ملجاً وملاذاً... مع انه تقدم ان الدفن في الحرم ينفع بر الناس وفاجرهم.

1_ تقدم الكلام في جواز البكاء على الميت، وتدل عليه نصوص كثيرة نكرنا بعضها فيما مر، ولا اشكال فيه، سواء كان مع الصوت ام بدونه، للأصل والاطلاق، بل الظاهر أن بعض مراتبه خارج عن الاختيار عند موت القريب، بل الجيب لا سيما عند القلوب الرحيمة، والنفوس الرقية.

2_ لخبر منصور الصيقل، عن أبيه، قال: شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام وجد أوجدته على ابن لي هلك حتى خفت على عقلي، فقال: إذا أصابك من هذا شيء فأفض من دموعك فإنه يسكن عنك"[4] ، بل قد يجب اذا توقف علاج العقد النفسانية عليه، ويشهد له ما ذكره العلماء في الطب القديم والحديث.

3_ فإنّ التسليم لله تعالى من أجلّ المقامات وأعلاها التي يسعى عباد الله عز وجل للتقرب بها اليه سبحانه وهو مقام الاولياء المقربين والعرفاء الشامخين فإنّهم يعتقدون بأن جميع ما يتعلق بهم هي وديعة منه عز وجل وعارية، فلا وجه للجزع عند ردّ العارية والوديعة، وفي قول النبي صلى الله عليه واله ما يدل على ذلك عند موت ابنه إبراهيم عليه السلام "يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما يسخط الرب"[5]

4_ كما ورد في خبر يونس بن يعقوب عن عبد الله بن بكير الأرجانين قال: "ذكرت أبا الخطاب ومقتله عند ابي عبد الله عليه السلام قال: فرققت عند ذلك وبكيت، فقال عليه السلام: أتأسي عليهم؟ فقلت: لا، ولكن سمعتك تذكر أن عليا عليه السلام قتل أصحاب النهروان فأصبح أصحاب علي عليه السلام يبكون عليهم، فقال علي عليه السلام أتأسون عليهم؟ فقالوا: لا، أنا ذكرنا الألفة التي كنا عليها والبلية التي أوقعتهم فلذلك رققنا عليهم، قال: لا بأس"[6]

 

والخبر (1) الذي ينقل من أن الميت يعذب ببكاء أهله ضعيف مناف لقوله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى ". وأما البكاء المشتمل على الجزع وعدم الصبر فجائز (2) ما لم يكن مقرونا بعدم الرضا بقضاء الله (3) نعم يوجب حبط الأجر ولا يبعد كراهته (4)

مسألة2: يجوز النوح على الميت بالنظم والنثر (5)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1_ وهو الذي يرويه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر "أنّ النبي صلى الله عليه واله قال: الميت يعذب ببكاء أهله عليه"[7] ، وفي رواية أخرى "إنَّ الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله"[8] .

وهذا الخبر مضافاً الى كونه عامياً، وانه منقول بوجهين ومخالف للكتاب الشريف في قوله تعالى ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [9] ، انه محرّف ايضاً، فقد نقلوا عن عائشة انها قالت "رحم الله عمر، والله ما كذب، ولكنه أخطأ او نسي، انما مرّ رسول الله صلى الله عليه واله بقبر يهودية وهم يبكون عليها، فقال: انهم يبكون وانها لتعذب"[10]

واما قول الصادق عليه السلام "أنّ كل الجزع والبكاء مكروه ما سوى الجزع والبكاء لقتل الحسين عليه السلام"[11] فلابد من تأويله، كالإرشاد الى أقلّية ثواب البكاء على غيره عليه السلام عن البكاء عليه، ونحو ذلك.

2_ للإصل، والاطلاق.

3_ لأنه ينافي الاخبار المتواترة التي تدل على الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمره، وقد عدّ ذلك من شعب الايمان.

4_ لأن ما دلّ على ان ضرب المصاب يده على فخذه يوجب حبط الاجر، يمكن أن يكون مثالاً لكل ما يمكن أن يظهر الجزع المنافي لقضاء الله تعالى فيوجب حبط الاجر ويكون مكروهاً اذا قلنا بأن ترك المندوب مكروه في مثل المقام.

5_ اجماعاً، وللأصل، وتدل عليه النصوص المستفيضة.


[1] وسائل الشيعة، باب13، أبواب الدفن، ح6 و10.
[2] الامالي، ص132.
[3] مستدرك الوسائل، باب61، أبواب الجهاد.
[4] وسائل الشيعة، ج1، ص921، باب87، أبواب الدفن، ح2.
[5] وسائل الشيعة، ج1، ص921، باب87، أبواب الدفن، ح4.
[6] وسائل الشيعة، ج1، ص925، باب89، أبواب الدفن، ح1.
[7] صحيح البخاري، ج2، ص800، باب قول النبي يعذب الميت.
[8] المصدر السابق.
[9] سورة الانعام، اية164.
[10] صحيح البخاري، ج2، ص800، باب قول النبي يعذب الميت.
[11] وسائل الشيعة، باب87، أبواب الدفن، ح9.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo