< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

45/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الدفن /مكروهات

الحادي والعشرون: نقل الميت من بلد موته الى بلد آخر (1) الا الى المشاهد المشرفة والأماكن المقدسة (2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ختام: ما تقدم في الفصلين السابقين من الأوامر والنواهي وان كانت ظاهرة في الوجوب و الحرمة، الا أنّها محمولة على الندب والكراهة، لقرائن داخلية أو خارجية، تعرضنا لبعضها.

ولقصور مدارك بعضها الأولى إتيان المندوبات وترك المكروهات رجاء، اعتماداً على قاعدة التسامح التي اختلف الفقهاء في اثبات الحكم الشرعي بها، كما ذكرنا مراراً، وتطرقنا اليه في الأصول فراجع.

1_ نقل الموتى من مكان الى مكان اخر اما ان يكون النقل الى غير المشاهد المشرفة او يكون اليها، اما الأول فهو على انحاء:

الأول: نقل الموتى بعد دفنهم، والمشهور حرمته مطلقاً ولو الى أحد المشاهد المشرفة، وفي الجواهر دعوى الاجماع بالنسبة الى غير المشاهد المشرفة، وعن الوسيلة "يكره تحويله من قبر الى قبر" وقيل انه أراد بذلك نقله بعد وضعه في القبر قبل أن يتحقق دفنه.

وعن ابن الجنيد: أطلق نفي البأس عن التحويل لصلاح يراد بالميت.

وهذا بالنسبة الى غير المشاهد المشرفة، واما النقل اليها فأنه يظهر من القدماء الاصحاب وكثير من متأخريهم جوازه، وان حكى صاحب الجواهر عن بعضهم تقييده بما اذا لم يبلغ الميت حالة يلزم من نقله هتكه، ومثلته يصير متقطعاً ونحوه.

وكيف كان فقد احتج القائلون بالحرمة، بحرمة النبش ولا دليل لهم غيره.

واشكل عليه في المدارك وغيره خروجه عن محل النزاع، فان المراد في المقام هو النقل بعد الدفن من حيث هو كذلك مع قطع النظر عن النبش، فربما يخرج الميت بسيل ونحوه من دون نبش فلا حرمة من هذه الجهة، ولا يظن بالمانعين التزامهم بحرمة النقل من حيث هو ولو بعد خروج الميت من قبره وحينئذ لا دليل على حرمته، ومقتضى الأصل عدم الحرمة، والا انه مكروه بالنسبة الى بلد آخر غير المشاهد، والاستحباب اليها كما سيأتي.

مع ان القول بحرمة النبش مطلقاً محل كلام فان عمدة دليلها الاجماع وهو مفقود في مورد الخلاف كما سيأتي الكلام فيه.

الثاني: النقل بعد الموت قبل الدفن، والظاهر انه لا اشكال في جوازه مطلقاً للأصل، واطلاق أدلة الدفن، هذا اذا لم يترتب عليه محرّم، ولكنه مكروه لدعوى جمع من الاعيان، الاجماع عليها، ويشهد له ما نسب الى النبي صلى الله عليه واله، وتارة والى علي عليه السلام أخرى: "ادفنوا الأجساد في مصارعهم، ولا تفعلوا كفعل اليهود، فانَ اليهود تنقل موتاهم الى بيت المقدس... الحديث"[1] ، هذا اذا لم نقل باختصاصه بمصارع الشهداء والا فلا يستفاد التعميم منه.

واما القول بأنه ينافي تعجيل الدفن[2] ، فهو غير ضار، فان التعجيل مندوب اجماعاً ما لم يكن غرض صحيح في البين، والا فيكون الترجيح مع صاحب الغرض.

الثالث: النقل بعد ايداعه فيما يحفظه عن الفساد او استعمال ما يوجب عدم عروضه عليه من الادوية القديمة او الحديثة، وهو جائز ايضاً مع الكراهة، للأصل والاطلاق، هذا كله فيما اذا لم يستلزم النقل لهتك الميت او عدم احترامه او تشتت اجزائه والتمثيل به والا فالحكم هو حرمة النقل قولاً واحداً من الجميع، وفي جميع تلك الحالات، للأدلة التي تقدم ذكرها في الفصل السابق، هذا كله في النقل الى غير المشاهد المشرفة.

2_ أما النقل الى المشاهد المشرفة والأماكن المقدسة والمواضع المحترمة كالنقل من عرفات الى مكة المكرمة فأنه جائز، بل مندوب في جميع تلك الصور المتقدمة، والدليل على ذلك الأصل بعد كون المتيقن من الاجماع على كراهة النقل غير هذه المواضع، بل يمكن دعوى اتفاق المذاهب الإسلامية الأربعة فضلاً عن الامامية بل العقلاء على جواز النقل اليها.

وقال السيد الوالد (قده): رجحان ذلك ثابت بالفطرة، وفي الشرائع الإلهية، خصوصاً في مثل هذه الحالة التي انقطعت منها العلاقات، وتدل على ذلك جملة من الاخبار

منها: ما رواه الشيخ وغيره مرسلاً في عدة كتب، فعن النهاية: اذا دفن الميت في موضع فلا يجوز تحويله من موضعه، وقد وردت رواية بجواز نقله الى بعض المشاهد الائمة عليهم السلام سمعناه مذاكرة، والاصل ما قدمناه" وظاهره عدم العمل بالرواية.

لكن يظهر من المبسوط ومختصر المصباح تجويزه للعمل بها.

منها: ما في مسائل العزّية للمفيد (قده): وقد جاء حديث يدل على رخصة في نقل الميت الى بعض مشاهد آل الرسول صلى الله عليه واله، اذا أوصى الميت بذلك، واطلاقه يشمل ما بعد الدفن ايضاً.

منها: ما رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه مرسلاً، قال: "قال الصادق عليه السلام


[1] مستدرك الوسائل، باب13، أبواب الدفن، ح12.
[2] تقدم مصدره في الفصل السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo