< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/07/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

قال السيد الماتن (رحمه الله): الحادي عشر: الموالاة بمعنى عدم جفاف الأعضاء السابقة قبل الشروع في اللاحقة، فلو جف تمام ما سبق بطل، بل لو جف العضو السابق على العضو الذي يريد أن يشرع فيه الأحوط الاستئناف وإن بقيت الرطوبة في العضو السابق على السابق، واعتبار عدم الجفاف إنما هو إذا كان الجفاف من جهة الفصل بين الأعضاء، أو طول الزمان، وأما إذا تابع في الأفعال وحصل الجفاف من جهة حرارة بدنه أو حرارة الهواء أو غير ذلك فلا بطلان، فالشرط في الحقيقة أحد الأمرين من التتابع العرفي وعدم الجفاف ، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الموالاة بمعنى التتابع، وإن كان لا يبطل الوضوء بتركه إذا حصلت الموالاة بمعنى عدم الجفاف، ثم إنه لا يلزم بقاء الرطوبة في تمام العضو السابق، بل يكفي بقاؤها في الجملة ولو في بعض أجزاء ذلك العضو))[1] .

كان الكلام في شرطية الموالاة وقلنا انه متسالم عند الفقهاء وبين الجميع وتدل عليه بعض النصوص بل يمكن استفادة ذلك من نصوص الوضوء والادلة الواردة في الوضوء كما سياتي بيانه.

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله) والمراد من الموالاة هو عدم جفاف العضو السابق قبل الشروع في العضو اللاحق فاذا جف العضو السابق قبل اللاحق بطل الوضوء هذا معنى الموالاة.

وكذا المتابعة والموالاة لا يختصان بالوضوء بل كل عمل مركب من اجزاء وافعال لابد يكون بينها وحدة اعتبارية وهيئة اتصالية ، وقبل بيان الادلة نقدم بعض الامور في المقام.

الامر الاول:- لا اشكال في ان الافعال اذا كانت مركبة من اجزاء انما يكون بينها وحدة اعتبارية وهيئة اتصالية وهذه الوحدة والهيئة الاتصالية اذا كان الفعل والموضوع ذو اجزاء متعددة فتارة تكون هذه الوحدة اعتبارية وهيئة اتصالية عرفية واخرى تكون وحدة اعتبارية وهيئة اتصالية عند المتشرعة وثالثة تكون وحدة اعتبارية وهيئة اتصالية بتحديد من الشارع الاقدس ، ولا ريب ان الموضوع العرفي انما نرجع فيه وحدته بين الاجزاء الى العرف نفسه حيث ان هو الذي جعل التتابع والوحدة بين هذه الاجزاء ، كما اذا كان هناك موضوع شرعي كما في العبادات مثل الصلاة والوضوء والحج فان المناط في هذه الوحدة الاعتبارية هو نظر المتشرعة فاما ان يكون نظر المتشرعة مطابقا لما هو عند العرف ايضا فانه يتطابق نظر المتشرعة مع نظر العرف حينئذ واما اذا لم يتطابق فسياتي بيان حكمه ، واما الوحدة الشرعية والهيئة الاتصالية الشرعية التي حددها الشارع فلابد من متابعة الدليل وهو الذي يعين ذلك فان استفدنا من الدليل ان هناك تحديد خاص بالشارع فلابد من متابعته واما اذا لم نستفد من الدليل ما يحدد ذلك بما انه موضوع له اجزاء وله وحدة عرفية وهيئة اتصالية فنرجع في تحديد هذه الهيئة الى العرف حينئذ.

وهذا الموضوع محل ابتلاء عند الناس جميعا فمثلا بين الطواف وصلاة الطواف لابد من الموالاة ولذا يأتي فقيه ويحدده بزمن معين ويأتي فقيه اخر ويقول انه غير محدد بزمن معين.

اذن ان كان هناك نظر شرعي بالنسبة الى هذه الهيئة الاتصالية والوحدة الاعتبارية فنرجع فيه الى في تشخيص تلك الهيئة الى المتشرعة فان حددها الشارع في مثل هذا الموضوع فلابد ان يمون هناك رجوع الى العرف المتشرعي اذ المتشرعة انما حكم بتحقق هذه الوحدة وتعيين مصداقها في الخارج فاذا ورد في الدليل شيء يبين ذلك فلابد ان يكون هذا ناظرا الى ما هو الموجود عند المتشرعة لا ان له اصطلاح جديد في هذا الامر ، فما ذكره الفقهاء من عدم جفاف الاعضاء السابقة قبل الشروع في العضو اللاحق فهل هو نظر متشرعي او لا؟

فما ورد في بعض الروايات انما نرجع فيه الى النظر المتشرعي فاذا حكم المتشرعة بتحقق الهيئة الاتصالية فالتحديد الشرعي يكون ناظرا الى هذا واما اذا لم يكن هناك نظر للمتشرعة فنرجع الى العرف العام في تعيين هذه الهيئة الاتصالية والوحدة الاعتبارية لهذا الموضع المركب من الاجزاء والافعال هذه هي القاعدة في المقام.

فاذا ورد اطلاق في الوضوء انما هذا الاطلاق يحمل على هذا الامر المركوز.

واما اذا شككنا في مورد ولا ريب ولا اشكال ان هذا الشك حاصل باعتبار طروا الحالات والظروف فلابد ان يكون هناك مخرج لتصحيح هذا العمل والا يكون العمل باطلا وسياتي بيانه.

الامر الثاني:- مما ذكرنا نستفيد ان اطلاقات ادلة الوضوء من الكتاب والسنة انما نحمله على هذه الوحدة الاعتبارية والهيئة الاتصالية فما دام الوضوء له افعال ومركب من اجزاء فلابد ان يكون بينها وحدة اتصالية وتشخيص هذه الوحدة الاتصالية اما شرعية من قبيل الشارع كما في الكر واقل الحيض واكثر او نرجع الى العرف المتشرعي او نرجع الى العرف العام.

الا ان بعض الفقهاء ومنهم السيد الخوئي (قدس سره) قال ان مقتضى اطلاقات ادلة الوضوء من الكتاب والسنة هو عدم اعتبار الموالاة في افعال الوضوء فشأن الوضوء شأن الغسل فكما يصح للانسان ان يغسل راسه صباحا ويغسل الطرف الايمن ظهرا ويغسل الطرف الايسر عصرا كذا في الوضوء له ان يغسل وجهه في وقت ويغسل يده اليمنى في وقت اخر ويغسل يده اليسرى في وقت اخر.

ونقول انه يوجد اطلاق يتمسك به لعدم اعتبار الموالاة ام ان الامر بالعكس فان الوضوء لما كان افعالا متعددة تنضم بعضها الى بعض كالصلاة اولها التكبيرة واخرها التسليم فحينئذ لابد ان يكون بين هذه الافعال المتعددة وحدة اعتبارية وهيئة اتصالية فان العرف يحكم بذلك وهو مرتكز عرفي ، فاذا كان للشارع نظر خاص فلابد من تخصيصه كما ورد الدليل في الغسل فان الدليل لو لم يرد في الغسل لقلنا في الغسل يجب الموالاة والمتابعة اما في الوضوء فلا يوجد دليل فمقتضى ذلك الاطلاق اعتبار الوحدة الاعتبارية واعتبار الهيئة الاتصالية بين افعال الوضوء.

اذن ما دام الوضوء مركب من افعال كالصلاة فتجب المتابعة بين هذه الافعال.

الا ان الخلاف في تعيين معنى المتابعة والوحدة لا يضر بأصل اعتبارها ، فاصل الوحدة مسلّم واطلاقات الادلة الواردة تشمل ذلك لأنه امر مركوز ، والخلاف بين الفقهاء في كيفية الموالاة هذا لا يضر في اصل الاعتبار.

الامر الثالث:- اختلفوا في تحديد معنى المتابعة ، فالمشهور بين الفقهاء ما ذكره السيد الماتن من ان المتابعة بمعنى عدم جفاف العضو السابق قبل الشروع في العضو اللاحق وهذا هو المشهور وحكاه جمع كثير من الفقهاء في كتبهم.

ومنهم فسّر المتابعة بالموالاة العرفية أي ان العرف اذا حكم بالموالاة بين افعال الوضوء صح هذا الوضوء واذا حكم بعدم الموالاة بين افعال الوضوء يبطل الوضوء ، وربما يكون العرف مطابقا لما ذكروه من عدم جفاف العضو السابق وربما يختلف كما لو كان الجو بادر ولا تجف الاعضاء بسرعه فيتأخر ولكن العرف يرى بانه لم تكن هناك موالاة بينهما وان لم يجف العضو السابق.

اما الشيخ الصدوق (رحمه الله) جمع بين الامرين فقال المراد من الموالاة عدم جفاف العضو السابق قبل الشروع في اللاحق وتحقق الموالاة العرفية وهو الذي صنعه السيد الماتن في المقام اخيرا حيث جمع بينهما فقال لابد من الموالاة العرفية وان لم يجف العضو السابق.

وبعضهم قال عدم جفاف العضو السابق قبل الشروع في اللاحق في حال الاختيار واما في حال الاضطرار فلا يضر ذلك فانه لم لا يأثم بذلك ولا يبطل الوضوء ذكر هذا جمع من الفقهاء والعمدة هو بيان الادلة الواردة في المقام وما هو المستفاد منها.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo