< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

40/07/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التعادل والتراجيح 15

ومنها: رواية أحمد بن الحسن الميثمي: «أنه سأل الرضا (عليه السّلام) يوماً، وقد اجتمع عنده قوم من أًصحابه، وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في الشيء الواحد، فقال (عليه السّلام): إن الله حرّم حراماً وأحلّ حلالاً وفرض فرائض. (إلى أن قال): قلت: فإنه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ممّا ليس في الكتاب وهو في السنّة ثم يردّ خلافه. (إلى أن قال): فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجوداً حلالاً أو حراماً فاتبعوا ما وافق الكتاب وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فمّا في السنّة موجوداً منهياً عنه نهي حرام ومأموراً به عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أمر إلزام فاتبعوا ما وافق نهي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأمره وما كان في السنّة نهي إعافة أو كراهة ثم كان الخبر الأخير خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله (ص) وكرهه ولم يحرّمه فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعاً وبأيّهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والإتباع والردّ إلى رسول الله وما لم تجدوه في شيء من هذا الوجوه فردّوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك ولا تقولوا فيه بآرائكم وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا». [1] وهي ضعيفة لعدم وثاقة محمد بن عبد الله المسمعي، بل قال الشيخ الصدوق (رحمه الله) في العيون بعد نقل هذه الرواية: «كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) سيّء الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث، وانما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لأنه كان في كتاب الرحمة، وقد قرأته عليه فلم ينكره ورواه لي» (انتهى كلامه).ومنها: رواية الاحتجاج عن الحسن بن الجهم المتقدمة عن الرضا (عليه السّلام)، قال: «قلت له: تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة. فقال: ما جاءك عنّا فقسْ عل كتاب الله عزّ وجلّ وأحاديثنا فإن كان يشبههما فهو منّا وان لم يكن يشبههما فليس منا ...»[2] [3] . وهي ضعيفة بالإرسال.ومنها: ما رواه العياشي عن الحسن بن الجهم أيضاً عن العبد الصالح (عليه السّلام)، قال: «إذا جاءك الحديثان المختلفان فَقِسْهما على كتاب الله وأحاديثنا فإن اشبههما فهو حق وان لم يشبههما فهو باطل».[4] وهي ضعيفة بالإرسال أيضاً.ومنها: حسنة الراوندي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: قال الصادق (عليه السّلام): «ذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فردّوه فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه».[5]

وقد عبّر كثير من الأعلام عن هذه الرواية بالصحيحة، ولكن الإنصاف: أنه لا يوجد ما يخدش في الرواية إلّا أبي البركات علي بن الحسين، إلّا أنه ممدوح، مدحه الشيخ الحرّ (رحمه الله)، وأبو البركات يروي عن الشيخ الصدوق (رحمه الله)، وعليه: فإن اكتفينا بمدح الشيخ الحر فَبِها، وإلّا فتكون ضعيفة.

ومنها: رواية المعلّى بن خنيس، قال: «قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام): إذا جاء حديث عن أوّلكم وحديث عن آخركم بأيّهما آخذ. فقال: خذوا به حتى يبلغكم عن الحيّ، فإن بلغكم عن الحيّ فخذوا بقوله، قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السّلام): إنّا والله لا ندخلكم إلّا فيما يسعكم».[6] وهي ضعيفة بعدم وثاقة إسماعيل بن مرار، وبالمعلّى بن خنيس، قال النجاشي (رحمه الله) في ترجمته (أي المعلّى بن خنيس): «كوفي بزاز ضعيف جدّاً لا يعوّل عليه» (انتهى كلامه).قال الكليني (رحمه الله): وفي حديث آخر: «خذوا بالأحدث»[7] إلّا أنه ضعيف بالإرسال.ومنها: موثقة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، قال: «قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولا يتهمون بالكذب فيجيء منكم خلافه. قال: إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن».[8] ومنها: رواية أبي عمرو الكناني، قال: «قال لي أبو عبد الله (عليه السّلام): يا أبا عمرو أرأيت لو حدثتك بحديث أو أفتيك بفتيا ثم جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك بخلاف ذلك بأيّهما كنت تأخذ. قلت: بأحدثِهما وأَدَعْ الآخر. فقال: قد أصبت يا أبا عمرو، أبى الله إلا أن يعبد سّراً، أما والله لئن فعلتم ذلك أنه لخير لي ولكم، أبى الله -عزّ وجل- لنا في دينه إلّا التقية».[9] وهي ضعيفة بعدم وثاقة أبي عمرو الكناني، والتعبير عنها بالصحيحة في غير محله.وأمّا الكلام عن دلالة هذه الروايات، فسيأتي إن شاء الله تعالى.

إذا عرفت ذلك، فنقول:أمّا على ما ذهبنا إليه من عدم تماميّة شيء من الطوائف المتقدمة: فلم يبق عندنا إلّا أخبار الترجيح، فإن تمّت فنأخذ بمقدار ما ثبت من الترجيح، وإلّا فمقتضى القاعدة هو التساقط والرجوع إلى الأصول العملية كما هو مقتضى القاعدة الأوّلية، ولكن بما أنه لم يذهب أحد إلى التساقط مطلقاً نظراً للأخبار العلاجية، إذْ الأعلام ما بين الأخذ بالمرجحات وهم الأكثر، والأخذ بالتخيير بين الروايات، كما ذهب إليه بعض الأعلام، منهم صاحب الكفاية (رحمه الله)، فاقتصرنا على الأخذ بالقدر المتيقن من المرجحات، وهو ما وافق الكتاب المجيد وخالف العامّة.لا يقال: إذا لم يثبت أخبار الترجيح، فلا بدّ من القول بالتخيير مطلقاً لعدم ذهاب أحد من الأعلام إلى التساقط. فإنه يقال: إن مقتضى القاعدة– كما ذكرنا سابقاً- هو الأخذ بالترجيح أو ما كان محتمل الترجيح لدوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجّية، وقد عرفت أن القدر المتيقن من المرجحات هو موافقة الكتاب المجيد ومخالفة العامّة. هذا كلّه على مبنانا.وامّا على مبنى القوم، فقد اختلفوا: فالأكثر على الأخذ بالمرجحات المنصوصة. وبعض الأعلام كالشيخ الأنصاري (رحمه الله) تعدّى إلى غير المنصوصة. وقد ذهب بعضهم إلى التخيير مطلقاً، منهم صاحب الكفاية (رحمه الله).


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo