< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

40/06/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات الإستصحاب 91

الخلاصة:

     الكلام في: القرعة وتعارضها مع الاستصحاب.

     ويقع الكلام فيها في أربعة أمور: الأمر الأوّل: في أدلّة القرعة. الأمر الثاني: هل هي أمارة أو أصل عملي. الأمر الثالث: في مقدار دلالة دليلها وموارد جريانها. الأمر الرابع: في بيان نسبتها مع الاستصحاب.

     أما الأمر الثالث والرابع في القرعة، فيأتيان في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

 

الكلام في تعارض الاستصحاب مع القرعةوأمّا تعارض الاستصحاب مع القرعة، فيقع الكلام فيها في أربعة أمور:

الأمر الأوّل: في أدلّة القرعة.

الأمر الثاني: هل هي أمارة أو أصل عملي.

الأمر الثالث: في مقدار دلالة دليلها وموارد جريانها.

الأمر الرابع: في بيان نسبتها مع الاستصحاب.

 

أمّا الأمر الأوّل: فيدل عليها الكتاب المجيد والسنّة النبوية الشريفة.أمّا الكتاب العزيز:فقوله تعالى في قضية النبيّ يونس (على نبيّنا وآله وعليه السلام): ﴿فساهم فكان من المدحضين﴾، والمراد من المساهمة هو القرعة أي أن النبيّ يونس (عليه السلام) اقترع معهم فكان من المغلوبين، والقضية معروفة.ومنها: قوله تعالى في قضية تكفل مريم (عليها السّلام): ﴿وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم الآية﴾، فقد اختلف القوم في تكفل مريم. قال لهم زكريا (عليه السّلام): أنا أحق بها، قالوا: لا حتى نقرع عليها. والقصة معروفة، حيث انطلقوا إلى النهر فألقوا فيه أقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي على أن من ارتفع قلمه فوق الماء فهو أحق بها، فألقوا أقلامهم ثلاث مرات، وفي كل مرّة يرتفع قلم زكريا (عليه السّلام) وترسب أقلامهم.وأمّا الروايات الوارد فيها فهي متواترة إجمالاً:منها: حسنة محمد بن حكيم، قال: «سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن شيء. فقال لي: كل مجهول ففيه القرعة. قلت له: إن القرعة تخطئ وتصيب. قال: كلّما حكم الله به فليس بمخطئ».[1] وهي وان كانت ضعيفة بطريق الشيخ الطوسي (رحمه الله) بجهالة علي بن عثمان، واشتراك موسى بن عمر بين الثقة والمجهول إلّا أنها بطريق الشيخ الصدوق (رحمه الله) حسنة فإن محمد بن حكيم ممدوح.ومنها: مرسلة الفقيه، قال: «وقال الصادق (عليه السّلام): ما تنازع قوم ففوضوا أمرهم إلى الله عزّ وجلّ إلّا خرج سهم المحق. وقال: أي قضية أعدل من القرعة إذا فوض الأمر إلى الله أليس الله يقول: فساهم فكان من المدحضين».[2] وهي ضعيفة بالإرسال.ومنها: صحيحة منصور بن حازم، قال: «سأل بعض أصحابنا أبا عبد الله (عليه السّلام) عن مسألة، فقال: هذه تخرج في القرعة، ثمّ قال: وأيّ قضيّة أعدل من القرعة إذا فوضوا أمرهم إلى الله عزّ وجلّ، أليس الله يقول: فساهم فكان من المدحضين».[3] أي سأله بعض أصحابنا وأنا حاضر. وفي رواية ابن طاووس عن منصور بن حازم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول وقد سأله بعض أصحابنا وذكر مثله.ومنها: مرسلة الشيخ في النهاية، قال: «روي عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السّلام) وعن غيره من آبائه وابنائه (عليه السّلام) من قولهم: كل مجهول ففيه القرعة. فقلت له: إن القرعة تخطئ وتصيب. قال: كل ما حكم به الله فليس بمخطئ».[4] وهي ضعيفة بالإرسال.وقد وردت القرعة أيضاً في موارد مختلفة:منها: حسنة أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السّلام)، قال: «بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عليّاً إلى اليمن، فقال له حين قدم: حدثني بأعجب ما ورد عليك. فقال: يا رسول الله أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطأها جميعهم في طهر واحد فولدت غلاماً فاحتجّوا فيه كلّهم يدعيه، فأسهمت بينهم فجعلته للذي خرج سهمه وضمنته نصبيهم. فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ليس من قوم تقارعوا ثم فوّضوا أمرهم إلى الله إلّا خرج سهم المحق».[5] ورواها الشيخ (رحمه الله): بإسناده عن الحسين بن سعيد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر (عليه السّلام) نحوها إلّا أنه قال: «ليس من قوم تنازعوا».[6] وهي ضعيفة بطريق الشيخ (رحمه الله) بالإرسال. وكذا غيرها من الروايات الكثيرة الواردة في قضايا متعددة سيأتي بعضها ان شاء الله تعالى في ضمن الأبحاث الآتية.

الأمر الثاني: هل القرعة أمارة أو أصل عملي.اعلم انه قد ذكرنا في أكثر من مناسبة ان الأمارة الظنّية متقوّمة بشيئين:

الأوّل: أن يكون فيها جهة كشف عن الواقع. الثاني: أن يعتبرها الشارع المقدس من هذه الجهة بأن يتمّم كشفها ويعتبرها كشفاً تاماً تنزيلاً، أي ينزّلها منزلة العلم.وهذا بخلاف الأصل العملي: لأنه إمّا أن لا يكون فيه جهة كشف أصلاً كالأصل الغير المحرز، مثل أصالة البراءة والاحتياط والتخيير وأصالة الطهارة وأصالة الحلّ، وإمّا أن يكون فيه جهة كشف عن الواقع، ولكن الشارع لم يعتبره من هذه الجهة، كالاستصحاب وقاعدتي الفراغ والتجاوز وأصالة الصحّة.إذا عرفت ذلك، فنقول: إن قاعدة القرعة من الأمارات الكاشفة عن الواقع، حيث اعتبرها الشارع المقدس من هذه الجهة.انظر إلى قوله (صلّى الله عليه وآله) في حسنة أبي بصير المتقدمة لعليّ (عليه السّلام): «ليس من قوم تقارعوا». وفي مرسلة عاصم بن حميد: «ليس من قوم تنازعوا... ثم فوضوا أمرهم إلى الله إلّا خرج سهم المحق». وقول أبي الحسن (عليه السّلام) في حسنة محمد بن حكيم: «كل ما حكم الله به فليس بمخطئ» بعد قول الراوي أي محمد بن حكيم: «إن القرعة تخطئ وتصيب» فإنهما ظاهرتان جدّاً في كشفهما عن الواقع وان اعتبارهما من هذه الجهة، بل حسنة محمد بن حكيم تنادي ان جعل القرعة من باب تتميم الكشف حيث ردع الراوي، حينما قال: «إن القرعة تخطئ وتصيب».

أما الأمر الثالث والرابع في القرعة، فيأتيان في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

 

[1] وسائل الشيعة: باب 13من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى، ح11.

[2] وسائل الشيعة: باب 13من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى، ح13.

[3] وسائل الشيعة: باب 13من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى، ح17.

[4] وسائل الشيعة: باب 13من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى، ح18.

[5] وسائل الشيعة: باب 13من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى، ح6.

[6] وسائل الشيعة: باب 13من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى، ح5.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo