< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

40/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات الإستصحاب 89

الخلاصة:

     الكلام في: أصالة الصّحة.

     يقع الكلام في عدة أمور: الأمر الثامن: في عدم ثبوت اللوازم والملزومات العقلية والعادية والآثار الشرعية المترتّبة عليهما بالواسطة بأصالة الصحّة. ثم إنّ الشيخ الأنصاري (رحمه الله) ذكر تفريعاً على هذه المسألة، ثلاثة أمور: الأمر الثاني والثالث.

     أما الأمر التاسع، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

 

الأمر الثاني: ما نقله عن العلّامة (رحمه الله): وهو ما إذا اختلف المؤجر والمستأجر، فقال المؤجر: آجرتك الدار كل شهر بدرهم، وقال المستأجر: آجرتني سنة بدينار، فالمؤجر يدّعي فساد الإجارة لعدم تعيين المدّة والمستأجر، يدّعي صحتها. وهذه عبارة العلّامة (رحمه الله) في القواعد: «لو قال آجرتك كل شهر بدرهم من غير تعيين فقال بل سنة بدينار. ففي تقديم قول المستأجر نظر فإن قدّمنا قول المالك فالأقوى صحّة العقد في الشهر الأوّل هنا. وكذا الإشكال في تقديم قول المستأجر لو ادّعى أجرة مدّة معلومة أو عوضاً معيّناً واغفل المالك التعيين فيهما والأقوى التقديم فيما لا يتضمن دعوى» (انتهى كلام العلّامة في القواعد). ومحل استشهاد الشيخ الأنصاري (رحمه الله): هو قول العلامة (رحمه الله): «ففي تقديم قول المستأجر نظر». قال المحقق الثاني (رحمه الله) في جامع المقاصد: وجه النظر هو أن المستأجر لما كان يدّعي صحّة عقد الإجارة -لأن بناء العلّامة على بطلان إجارة كل شهر بدرهم من حيث جهالة مدّة الإجارة- فكان القول قول المستأجر لموافقة قوله لأصالة الصحّة. ولكن لما كانت أصالة الصحّة لا تثبت وقوع العقد على السنة، لأن أصالة الصحّة في عقد الإجارة انما تجري بعد احراز مدّة الإجارة التي هي ركن في عقد الإجارة كالعوضين في عقد البيع، فصار ذلك منشأ توقف العلّامة في تقديم قول المستأجر. وحيث إن بناء المحقق الثاني (رحمه الله): على عدم جريان أصالة الصحّة في العقود إلّا بعد احراز استكمالها للأركان، اختار عدم تقديم قول المستأجر، فإنه لا منشأ لتقديم قول المستأجر إلّا كون قوله موافقاً لأصالة الصحّة، وهي لا تجري لأنها لا تثبت وقوع العقد على السنة، فإن ذلك أمر خارج يلازم صحّة عقد الإجارة وأصالة الصحّة لا تثبت اللوازم والملزومات. وهذا هو محل استشهاد الشيخ الانصاري (رحمه الله) من كلام العلّامة على عدم حجّية مثبتات أصالة الصحّة.ولا يخفى أن كلمة «هنا» في قول العلّامة (رحمه الله): «فإن قدمنا قول المالك صحّ في الشهر الأوّل هنا» ساقطة في كلام الشيخ (رحمه الله)، ولكنها موجودة في القواعد.وقد ذكر المحقق الثاني (رحمه الله) في جامع المقاصد وجه التقييد ب«هنا» ما حاصله: «أن العلّامة وان كان بنائه على بطلان إجارة كل شهر بدرهم إلا أنّ في هذا الفرع خصوصية تقتضي صحّة الإجارة في الشهر الأوّل، فإن النزاع بين المستأجر والمالك في كون عقد الإجارة وقع على السنة بدينار أو على كل شهر بدرهم، يستلزم الاتفاق منهما على أن ثمن الإجارة في الشهر الأوّل هو الدرهم. ثم قال المحقق الثاني: ان الاتفاق على ذلك مبني على أن تكون قيمة الدينار أثني عشر درهماً فلو كانت قيمته عشرة دراهم لم يحصل منهما الاتفاق» (انتهى حاصل كلامه). وقد يرد على المحقق الثاني (رحمه الله): أنه لو فرض أن قيمة الدينار كانت تساوي أثني عشر درهماً إلا أنه لا يحصل الاتفاق بينهما على الشهر الأول، لأن المستأجر يدّعي أن ثمن الإجارة في مجموع السنة هو الدينار لا الدرهم. نعم، دعواه ذلك تتضمن أن يكون ثمن الإجارة في الشهر الأوّل جزءاً من إثني عشر جزئاً من الدينار. وهذا الجزء يساوي قيمته درهماً، والمالك يدّعي أن ثمن الإجارة خصوص الدرهم، ومجرّد كون الجزء من إثني عشر جزئاً من الدينار تساوي قيمته درهماً لا يقتضي الاتفاق منهما على كون ثمن الإجارة في الشهر الأوّل هو الدرهم. ومن هنا، لو قال المالك: آجرتك بدرهم، وقال المستأجر: بل آجرتني بثوب يساوي قيمته درهماً، لم يكن ذلك اتفاقاً منهما على كون ثمن الإجارة هو الدرهم.الأمر الثالث: هو ما نقله الشيخ الأنصاري (رحمه الله) أيضاً عن العلّامة (رحمه الله): وهو ما إذا ادّعى المستأجر أجرة مدّة معلومة أو عوضاً معيّناً وأنكر المالك التعيين فيهما. وقد قوّى العلّامة تقديم قول المستأجر إذا لم يتضمن دعوى.وعن جامع المقاصد في شرح قوله: «والأقوى التقديم فيما لم يتضمن دعوى: ما حاصله، أن المستأجر تارة يدّعي أجرة تساوي أجرة المثل وأخرى يدّعي أجرة أنقص من أجرة المثل فعلى الأوّل يقدّم قول المستأجر لأن داعوه لا تتضمن دعوى على مالك وعلى الثاني لا يقدّم قول المستأجر لأن دعواه تتضمن عدم استحقاق المالك أجرة المثل. والخلاصة، أن المستأجر ان ادّعى تعيين المدّة أو الأجرة بأجرة المثل أو أزيد منها، لم يتضمن قوله دعوى شيء سوى صحّة الإجارة فيقدّم قوله بمقتضى أصالة الصحّة وان ادّعى التعيين بأقلّ من أجرة المثل يكون مدّعياً لشيء زائد على صحّة الإجارة يكون ضرراً على المؤجر، فلا وجه لتقديم قوله، إذ الزائد المذكور يكون من لوازم صحّة الإجارة، وليست أصالة الصحّة حجّة بالنسبة إلى اللوازم» (انتهى حاصل كلام جامع المقاصد). وهذا، هو محل نظر الشيخ (رحمه الله). ولكن لا يخفى عليك ان هذا مردّد، إذ لا فائدة في تقديم قول المستأجر لو كان يدّعي أجرة تساوي أجرة المثل، ولا أثر لجريان أصالة الصحّة في عقد الإجارة، فإنه على التقديرين لا يطالب أكثر من أجرة المثل سواء قلنا بصحّة عقد الإجارة أو فسادها.ومهما يكن: فإنه يستفاد من قول العلّامة: «والأقوى التقديم فيما لم يتضمن دعوى» عدم اثبات أصالة الصحّة في العقود اللوازم والملزومات.

أما الأمر التاسع، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo