< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

40/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات الإستصحاب 76

الخلاصة:

     الكلام في: قاعدة الفراغ والتجاوز، ووجه تقديمهما على الاستصحاب.

     يقع الكلام في عدة أمور: الأمر السادس: في المراد من «الفراغ» في قاعدة الفراغ، وهو على صورتين: الصورة الثانية: في تحقق الفراغ فيما إذا كان الشك في الجزء الأخير. والمراد من الفراغ: إمّا الفراغ الحقيقي أو الادّعائي أو الاعتقادي والبنائي.

     استدل على كفاية الفراغ الاعتقادي بثلاثة أدلة: تتمة الكلام في الدليل الأول. الدليل الثاني والثالث.

     يقع الكلام في عدة أمور: الأمر السابع: في جريان قاعدة الفراغ فيما لو احتمل ترك شيء جهلاً بالحكم أو الموضوع.ذهب كثير من الأعلام: إلى جريانها في صورة العلم بالغفلة أو احتمال الترك جهلاً بالحكم أو الموضوع، وذلك لعدّة أدلّة: الدليل الأول والثاني.

     أما الكلام في الدليل الثالث، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

 

وفيهما -أي الروايتين في الخصال والإرشاد- أولاً: أنهما ضعيفتا السند؛ الأُولى: بالقاسم بن يحيى وجدّه الحسن بن راشد، فإنهما غير موثقين. والثانية بالإرسال. وثانياً: بما أنه ثبت عندنا على نحو الجزم عدم حجّية قاعدة اليقين، فلا بدّ من ارتكاب التأويل في هاتين الروايتين بحيث يكون مفادهما قاعدة الاستصحاب، أي أن الشيء الذي تيقن بوجوده سابقاً لا يرفع اليد عنه بالشك لاحقاً، فاختلف زمان المتيقن والمشكوك.الدليل الثاني: هو حصول الظن النوعي بمطابقة يقين المتيقن مع الواقع، وهو أمارة على الفراغ. وفيه: أنه لا دليل على حجّية الظن الشخصي بهما فضلاً عن الظن النوعي.الدليل الثالث: هو ما دلّ على إلغاء الشك بعد الفراغ. ولا يخفى أن هذا الدليل انما يتمّ بعد حمل الفراغ فيه على الفراغ الاعتقادي. وقد عرفت انه لا بدّ من حمله على ذلك بعد بطلان الحمل على الفراغ الحقيقي والادّعائي. وعليه: فيتعيّن الأخذ بهذا الدليل.والنتيجة إلى هنا: أن الفراغ المعتبر هو الفراغ الاعتقادي البنائي. وعليه: فالقيام وطول الجلوس والاشتغال بحالة أخرى لا دخل لها في تحقق الفراغ، وانما هي دخيلة في احرازه فقط، فإذا احرز الفراغ بأي شيء وجب ترتيب الحكم عليه. والله العالم.

 

الأمر السابع: من المعلوم أنه لو احتمل ترك شيء نسياناً أو غفلة فلا اشكال في جريان قاعدة الفراغ. وأمّا لو احتمل ترك شيء جهلاً بالحكم أو الموضوع -فالأوّل: كما لو أتى الجاهل بعمل ما مدّة من الزمن ثم شك في كيفية عمله وأنه كانت صلاته مثلاً مع السورة أو بلا سورة لجهله بذلك، وكما لو شك في أنه غسل المرفقين مع الذراعين أم لا لعدم علمه بوجوبه. والثاني: كما لو شك في غسل المرفقين مع الذراعين لعدم تعيّن موضوعه- فهل تجري قاعدة الفراغ أم لا؟ ومثله في الإشكال، أن يشك في صحّة العمل مع الجزم بغفلته حين العمل بحيث لو كان ملتفتاً حين الاشتغال لشك في صحّة ما يأتي به، كما لو قطع بأنه لم يحرك الخاتم في يده الذي قد يمنع من وصول الماء إلى البشرة، فشك في منعه بعد الوضوء.ذهب السيد أبو القاسم الخوئي وبعض تلامذته الأجلّاء (رحمهم الله): إلى عدم جريانها في صورة العلم بالغفلة.وفي المقابل: ذهب كثير من الأعلام منهم المحقق الهمداني والآغا ضياء الدين العراقي والشيخ النائيني (رحمهم الله): إلى جريانها في صورة العلم بالغفلة أو احتمال الترك جهلاً بالحكم أو الموضوع، وذلك لعدّة أدلّة:منها: اطلاقات الأدلة اللفظية، كما في موثقة ابن مسلم المتقدمة حيث ورد فيها: «كل ما شككت فيه ممّا قد مضى فأمضه كما هو»، وكموثقة ابن أبي يعفور المتقدمة أيضاً.وأجاب السيد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله) عن هذا الاستدلال: بأنه على تقدير تسليم إطلاق هذه النصوص، يكون التعليل الوارد في بعض الأدلة مقيّداً له، وهو قوله (عليه السّلام): «هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك» فإن مقتضى هذا التعليل هو الاقتصار على موارد يكون المكلف فيها أذكر وأقرب إلى الواقع حين العمل منه حين الشك، فلا مجال لجريانها مع العلم بالغفلة لعدم كونه اذكر. وفيه: أن الأذكرية حين العمل ليست علّة منحصرة للحكم بعدم الاعتناء بالشك، بل يمكن القول ان ذلك من باب الحكمة لا العلّة، باعتبار ان الغالب كون المكلف حين العمل اذكر منه حين الشك. مع أنه لو سلّمنا بالعلّية، إلّا أن مجرّد ذلك لا يقتضي المفهوم، وهو عدم جريانها إذا لم يكن أذكر. كما لو كان جازماً بالغفلة. والسرّ فيه: أن الذي يقتضي المفهوم هو العلّية الإنحصارية، ولا دليل على الإنحصار هنا، بل غايته أنه (عليه السّلام) عللّ عدم الاعتداد بالشك بكونه أذكر حين العمل، ولا يفهم منه عدم وجود علّة أخرى لعدم الاعتداد بالشك. وبالجملة: ان مجرّد العلّية لا يقتضي المفهوم إلّا في فرض ثبوت الإنحصار، وفي فرض كون الحكم المعلّق عليه حكماً سنخياً كلّياً لا شخصياً، وهو غير ثابت ولا أقل من الشك في ذلك. وعليه: فإطلاق الأخبار المتقدمة محكم.ومنها: -أي من جملة الأدلّة الدالة على جريانها حتى في صورة العلم بالغفلة حين العمل-: حسنة الحسين ابن أبي العلاء، قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن الخاتم إذا اغتسلت. قال: حوّله من مكانه. وقال: في الوضوء تُدرهُ فإن نسيت حتى تقوم في الصلاة فلا آمرك أن تعيد الصلاة»[1] .ودلالتها واضحة على الجريان في صورة العلم بالغفلة والنسيان.ومع ذلك، فقد ذكر السيد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله): أنها غير ظاهرة في المدعى، أذ لا يوجد فيها ما يدل على أن السؤال انما كان من جهة الشك في وصول الماء، وأن الحكم بالتحويل والإدارة انما كان من هذه الجهة، بل هي ظاهرة في كون التحويل والإدارة مطلوبين في نفسيهما لا لرفع الشك في وصول الماء وإلّا لم يكن لذكر خصوص التحويل في الغسل والإدارة في الوضوء وجه لكفاية العكس أيضاً في ايصال الماء. وفيه: أنه من البعيد جدّاً أن يكون التحويل والإدارة مطلوبين في نفسيهما، بل من المطمأَنِّ إليه أن ذلك لأجل رفع الشك في وصول الماء، كما يرشد إلى ذلك صحيحة علي بن جعفر قبلها، بل لعلّه لا يخطر على بال أحد أن يكون التحويل والإدارة لمصلحة في نفسيهما.وأمّا وجه ذكر خصوص التحويل في الغسل والإدارة في الوضوء: فلعلّه للحرج والمشقة باعتبار كثرة الوضوء في اليوم، فلو حوّل الخاتم كلّما توضأ لكان فيه من المشقة ما لا يخفى، لا سيّما إذا كان الخاتم ضيّقاً ومتعدداً. وأمّا الغسل فلا يوجد مشقة في تحويل الخاتم حاله سواء أكان ضيّقاً ومتعدداً أم لا نظراً لقلته.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo