< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

38/02/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أدلة الاحتياط

قوله: (وأمّا الأخبار فبما دلّ على وجوب التوقف عند الشبهة معللّا في بعضها بأن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة...الخ).

قد استدل لوجوب الاحتياط بجملة من الروايات وهي على طوائف:

الطائفة الأولى: ما دلّ على وجوب التوقف فيما لا يعلم حكمه، وفيها روايات كثيرة، منها رواية أحمد بن الحسين الميثمي عن الرضا (ع) في حديث اختلاف الاحاديث قال: (وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك ولا تقولوا فيه بآرائكم وعليكم بالكّف والتثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا)، وهي ضعيفة لأن المسمعي الوارد في السند هو محمد بن عبد الله المسمعي غير موثق بل ضعيف. قال الشيخ الصدوق بعد نقل هذا الخبر الطويل في عيون أخبار الرضا: (كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد سيء الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث، وانما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب، لأنه كان في كتاب الرحمة وقد قرأته عليه فلم ينكره ورواه لي).

ومنها رواية جابر عن أبي جعفر (ع) في وصيّة له لأصحابه قال: (إذا اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردّوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا فإذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوه إلى غيره فمات منكم ميّت من قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا ومن أدرك قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين. ومن قتل بين يديه عدوّا لنا كان له أجر عشرين شهيدا)، وهي ضعيفة أيضا بعمرو بن شمر الجعفي الراوي عن جابر الجعفي، وكذا غيرهما من الروايات. والجواب عن هذه الروايات مضافا لضعف أكثرها، إنها ظاهرة فيما لو أمكن إزالة الشبهة بالسؤال فلا تشمل ما نحن فيه، وهو فرض عدم إمكان إزالة الشبهة، والله العالم.

الطائفة الثانية الروايات الدالّة على أن الوقوف عند الشبهة من الورع. منها مرفوعة أبي شعيب إلى أبي عبد الله (ع) قال: (أورع الناس من وقف عند الشبهة الحديث)،وهي ضعيفة بالرفع. ومنها ما في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (ع): (لا ورع كالوقوف عند الشبهة)، وهي ضعيفة بالإرسال، وكذا غيرها من الروايات. وفيه مضافا لضعف أكثرها، انها ليست ظاهرة في وجوب التوقف عند الشبهة بل ظاهرها استحباب ذلك ورجحانه فلا تعارض ما دلّ على الترخيص في ارتكاب الشبهة.

الطائفة الثالثة الروايات الكثيرة بل المتواترة الدالّة على أن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام من الهلكة. منها رواية عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال: (وانما الأمور ثلاثة أمر بيّن رشده فيتبع أمر بيّن غيّه فيجتنب وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله. قال رسول الله (ص) حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم). ثم قال في آخر الحديث :(فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات)، وسمّيت هذه الرواية بمقبولة عمر بن حنظلة لتلّقي الأصحاب إياها بالقبول لكن الإنصاف أنها ضعيفة لعدم وثاقة عمر بن حنظلة.

ومنها موثقة مسعدة بن زياد عن جعفر عن آبائه (ع): (أن النبي (ص)، قال: لا تجامعوا في النكاح على الشبهة وقفوا عند الشبهة يقول: إذا بلغك أنك قد رضعت من لبنها وأنها لك محرم وما أشبه ذلك فإن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة).

ومنها رواية أبي سعيد الزهري عن أبي جعفر (ع) قال: (الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه)،ولكنها ضعيفة بجهالة أبي سعيد الزهري.

ومنها رواية أبي شيبة عن أحدهما (ع)، قال في حديث: (الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة)، وهي ضعيفة بجهالة أبي شيبة، وكذا غيرها ووجه الاستدلال بها أن ظاهر التوقف هو السكون وعليه فالتوقف في الشبهات عبارة عن الاحتياط فيها وترك المضيّ. وأجيب عن هذه الطائفة بثلاثة وجوه.

الوجه الأوّل: أنه لا يصدق الاقتحام في الهلكة في الشبهات البدوية بعد الفحص لما تقدم من أدلّة البرائة النقلية والعقلية بل الانصاف ان أدلّة البرائة رافعة لموضوع هذه الروايات، إذ مع قيام الدليل على الرخصة في الارتكاب لا يبقى موضوع الشبهة، وممّا يؤكد ذلك انه لا اشكال في عدم وجوب التوقف في الشبهات الموضوعية والشبهات الحكمية الوجوبية لا لأجل التخصيص، إذ هذه الروايات لسانها آب عن التخصيص، لان الاقتحام في الهلكة يكون قبيحا دائما سواء كانت الشبهة تحريمية حكمية أو وجوبية أو كانت الشبهة موضوعيّة بل لكون أدلّة الترخيص أخرجتها عن عنوان الشبهة وبالتالي لا يكون إقتحاما في الهلكة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo