< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:لا فرق في حجّية الظن بين تعلقه بالحكم الشرعي بواسطة أو بلا واسطة

(قوله: لا فرق في نتيجة دليل الإنسداد بين الظن بالحكم من أمارة عليه وبين الظن به من أمارة متعلقة بإلفاظ الآية أو الرواية كقول اللغوي فيما يورث الظن بمراد الشارع من لفظه...ألخ).

حاصله مع توضيح منّا هو أنه إذا انتجت مقدمات الإنسداد حجّية الظن بالحكم بمناط كونه أقرب إلى الواقع. وقَبُحَ ترجيح المرجوح على الراجح فلا فرق حينئذٍ في حجّية هذا الظن بين تعلّقه بالحكم الشرعي بلا واسطة، كما إذا قامت الشهرة على وجوب شيء أو حرمته وبين تعلّقه بالحكم مع الواسطة أي بأمارة أخرى غير الأمارة الدالة على الحكم، كما إذا أورد الأمر بالتيمم بالصعيد في قوله تعالى: (فتيمموا صعيداً طيباً)[1] ، وشككنا في جوازه بمطلق وجه الأرض الشامل للحجر مثلاً، فإذا قال اللغوي: (الصعيد هو مطلق وجه الأرض)، وفرضنا إفادة كلامه للظن فإنه حينئذٍ يحصل لنا الظن بالحكم الشرعي وهو جواز التيمم بمطلق وجه الأرض لكن بواسطة قول اللغوي.

وعليه فيكون الظن الحاصل من قول اللغوي حجّة بدليل الإنسداد ثم لا يخفى عليك ان اعتبار قول اللغوي مختص بأحكام انسدّ فيها باب العلم والعلمي فمع انفتاح باب العلم والعلمي فيها لا يكون ذلك الظن الحاصل منه حجّة في الأحكام، وقد تقدم هذا الكلام سابقاً. وأيضاً فإن قول اللغوي بأن الصعيد هو مطلق وجه الأرض المورث للظن بالحكم الشرعي مشروط بانسداد باب العلم باللغة في خصوص لفظ الصعيد، وان انفتح باب العلم بها في غير لفظ الصعيد من ساير الألفاظ، إذ لو انفتح باب العلم باللغات حتى في لفظ الصعيد لأوجب ذلك انفتاح باب العلم بالحكم الشرعي فيه ولمنع عن العمل فيه بالظن قطعاً.

(قوله نعم لا يكاد يترتب عليه أثر آخر من تعيين المراد في وصية أو إقرار أو غيرهما من الموضوعات الخارجية...ألخ).

حاصله مع توضيح منا هو منع الملازمة بين حجّية قول اللغويّ إذا تعلّق بالحكم الشرعي وبين حجّية قوله إذا تعلّق بالموضوعات الخارجية، وذلك لإختصاص دليل الإنسداد بالأحكام الكلية فلا تثبت حجّية الظن في غيرها كلفظ ((كثير)) و ((بعض)) إذا وردا في وصية أو إقرار، كما إذا أوصى زيد بـأن يعطى كثير من أمواله لعمرو أو أقرّ بأن يعطى بعض عقاره لبكر فإن الظن المتعلق بهما بواسطة قول اللغوي لا يكون حجّة بل يتوقف حجّيته في الموضوعات ذوات الآثار على قيام دليل غير دليل الإنسداد على حجّية الظن مطلقاً في تلك الموضوعات سواء حصل من قول اللغوي أم غيره أو قيام دليل على حجّية قول اللغوي في كل مورد حكماً كان أو موضوعاً.

والخلاصة ان العمل بقول اللغوي المتعلق بألفاظ الكتاب أو الرواية كلفظ الصعيد ونحوه وان كان عملاً بالظن في الموضوعات الخارجية، ولكنّه ممّا يترتب عليه الأحكام الشرعية الكلية بدليل الإنسداد، وهذا بخلاف العمل بالظن في الموضوعات الخارجية من وصية أو إقرارٍ أو نذرٍ ونحوها، المترتبة عليها الأحكام الجزئية إذ لا دليل على حجّية قوله فيها إذ الأحكام الجزئية غير محتاجة إلى بيان الشارع حتى تدخل فيما انسدّ فيه باب العلم.

(قوله ومثله الظن الحاصل بحكم شرعي كلي من الظن بموضوع خارجي كالظن بأن راوي الخبر هو زرارة بن أعين مثلاً لا آخر...ألخ).

حاصله أنه لا فرق بين الظن الحاصل بالحكم من أمارة متعلقه بألفاظ الآية أو الرواية وبين الظن الحاصل من قول الرجالي في توثيق بعض الرواة أو تمييزهم. والسرّ فيه هو أن الحجّة على الإنسداد هو الظن بالحكم الشرعي الكلي سواء حصل ذلك من أمارة عليه بلا واسطة أو من أمارة متعلقة بألفاظ الكتاب أو السنة أو بموضوع خارجي مخصوص مثل كون الراوي زرارة ابن أعين لا ابن لطيفة.

وإلى هذا يرجع ما قاله الشيخ الأنصاري، قال: (وكذا لا فرق بين الظن الحاصل بالحكم الفرعي الكلي من نفس الأمارة أو عن أمارة متعلقة بالألفاظ وبين الحاصل بالحكم الفرعي الكلي من الأمارة المتعلقة بالموضوع الخارجي ككون الراوي عدلاً أو مؤمناً حال الرواية، وكون زرارة هو ابن أعين لا ابن لطيفة). انتهى

(قوله تنبيه لا يبعد استقلال العقل بلزوم تقليل الإحتمالات المتطرقة إلى مثل السند أو الدلالة أو جهة الصدور مهما أمكن في الرواية...ألخ).

حاصله مع مزيد من التوضيح منا، هو أنه إذا حصل الظن بالحكم من أمارة قامت عليه، وكان إحتمال الخلاف ناشئاً من إحتمال أمور كثيرة وامكن المكلف سدّ بعض أبواب تلك الإحتمالات بالفحص عن وجود حجّة رافعة لها علماً كانت أو علمياً وجب تحصيل تلك الحجّة ورفع الإحتمال مهما أمكن وان لم ينته إلى العلم بالحكم لأن إرتفاع الإحتمال، ولو من بعض الجهات موجب لقوة الظن، وكما يجب الأخذ بالظن ولا يجوز التنزل عنه بمناط الأقربية إلى الواقع يجب الإقتصار أيضاً على القوي منه ولا يجوز التنزل إلى الضعيف لعين المناط المذكور. والله العالم

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo