< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

35/06/28

بسم الله الرحمن الرحیم

ثم انتقل صاحب الكفاية إلى مسألة إجزاء الحكم الواقعي الثانوي والحكم الظاهري عن الحكم الواقعي الأولي في العبادات، فيقول: "وفي غيره، فالسقوط ربمايكونمجعولا،وكانالحكمبهتخفيفاومنةعلى العباد، مع ثبوت المقتضي لثبوتهما، كما عرفت في مسألة الإجزاء، كما ربما يحكم بثبوتهما، فيكون الصحةوالفسادفيهحكمينمجعولينلاوصفينانتزاعيين. نعم،الصحةوالفسادفيالموارد الخاصة، لا يكاد يكونانمجعولين،بلإنماهي تتصف بهما بمجرد الانطباق على ما هو المأمور به، هذا في العبادات".
نقول: لا إشكال في إجزاء الحكم الواقعي الثانوي عن أمره، وإجزاء الحكم الظاهري عن أمره أيضا، والصحة هنا حكم عقلي، وإنما الكلام في إجزاء الحكم الواقعي الثانوي والحكم الظاهري عن الحكم الواقعي الأولي.
أما بالنسبة إلى طبيعي العبادة، فتارة يكونان وافيين بتمام ملاك الحكم الواقعي الأولي أو بمعظمه؛ بحيث لا يستوجبان الإعادة والقضاء، فهنا تكون الصحة والفساد حكمين عقليين. وأخرى لا يكونان وافيين بملاكه، فيكون الملاك الباقي داعيا إلى الإعادة والقضاء بمقتضى القاعدة، إلا أن الشارع أسقطهما منَّة منه على العباد، فهنا تكون الصحة والفساد حكمين شرعيين وضعيين؛ إذ لولا حكمه بالصحة لكان لا بد من الإعادة والقضاء.
وأما بالنسبة إلى أفراد طبيعي العبادة المأتي بها في الخارج، فليست الصحة والفساد هنا حكمين شرعيين حتما؛ بل أمران انتزاعيان انتزعا من انطباق المأتي به على المأمور به وعدم الانطباق، والانطباق وعدمه أمران تكوينيان قهريان لا ربط لهما بالشارع.
هذا بالنسبة إلى العبادات، أما في المعاملات، فيقول: "وأما الصحة في المعاملات،فهيتكونمجعولة؛حيثكان ترتب الأثر على معاملة إنما هو بجعل الشارعوترتيبهعليهاولوإمضاء؛ ضرورة أنه لولا جعله، لما كان يترتب عليه؛ لأصالةالفساد. نعم صحة كل معاملة شخصية وفسادها، ليس إلا لأجل انطباقها معما هو المجعول سببا وعدمه؛ كما هو الحال في التكليفية من الأحكام؛ ضرورة أناتصافالمأتيبهبالوجوبأو الحرمةأو غيرهما، ليس إلا لانطباقه مع ما هو الواجب أو الحرام".
يقول: أما المعاملات الكلية فصحتها بمعنى إمضائها من الشارع؛ كما في قوله: ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)[1]، فهي حتما حكم شرعي وضعي. وأما المعاملات الشخصية، فهي كالعبادات الشخصية؛ فإن صحتها وفسادها أمران انتزاعيان انتزعا من المطابقة وعدمها بين المأتي به والمأمور به، وهما أمران قهريان تكوينيان لا ربط للشارع بهما؛ فإن انطبق البيع الذي أتى به زيد على البيع الممضى من الشارع بأجزائه وشروطه، فالبيع صحيح، وإلا فهو فاسد.
هذه خلاصة قول صاحب الكفاية فيما يتعلق بالصحة والفساد في العبادات والمعاملات على التفصيل بين الكليتين والشخصيتين. ومن هنا يتضح لك بطلان ما نسبه السيد الخوئي إلى صاحب الكفاية من أنه فصل في خصوص المعاملات دون العبادات.
والإنصاف:
أولا: إنه قد تقدم إن الصحة والفساد أمران عارضان على الماهية بعد فرض وجودها، وإلا فإن الماهية بما هي لا تتصف بهما.
وعليه، فما فصله صاحب الكفاية بين العبادات والمعاملات الكليتين والشخصيتين في غير محله، إلا أن يكون مراده من صحة المعاملات الكلية مجرد إمضائها؛ لأن وصف الصحة والفساد لا يكون إلا للعبادات والمعاملات الشخصية؛ لما عرفت من عروضهما على الماهية الموجودة بوجود مركب، وبالتالي فإن الصحة والفساد سواء في العبادات أم المعاملات أمران انتزاعيان؛ انتزع الأول منهما من انطباق المأتي به على المأمور به بجميع أجزائه وشرائطه، بينما انتزع الثاني من عدم انطباقهما، ولا ربط للشارع بذلك؛ لما تقدم من أن الانطباق أمر قهري تكويني.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo