< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/05/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 
 الموضوع: الأصول\ الأوامر \ في ما يتعلق بصيغة الأمر \ التعبدي والتوصلي\
 تعين الإطلاق باستحالة التقييد
 ذهبت جماعة من الأعلام، منهم السيد الخوئي إلى أن استحالة التقييد تقتضي تعين الإطلاق؛ إذ لا يخلو الأمر من أحدهما ثبوتا، للزوم الجهل أو العجز من الإهمال على ما تقدم. وعليه، ما ذهب إليه النائيني من استحالة الإطلاق باستحالة التقييد، في غير محله.
 وإن قيل: هناك احتمال فرد ثالث، وهو التقييد بعدم قصد الامتثال
 قلنا: هذا غير ممكن لأن الكلام يدور حول احتمال التقييد بقص امتثال الأمر والإطلاق من هذه الجهة، أما التقييد بالعدم، فغير محتمل أصلا.
 والإنصاف: إنه بعد مراجعتنا الدقيقة لكلام المحقق النائيني في (الفوائد) تبين أنه يقول أيضا باستحالة الإهمال في مقام الثبوت، كل ما في الأمر أنه فصل بين جعل الحكم وغرضه، فإن كان غرض المولى من الصلاة مثلا هو التعبد بها، فإن أمكنه بيان هذا الغرض بأمر واحد فعل، كأن يقول: (صل بقصد امتثال الأمر)، وإن لم يكن المورد قابلا لبيان غرضه بأمر واحد، وبالتالي لم يكن الأمر وافيا في بيان الغرض، تتمه المولى بأمر ثان سمي ﺑ(متمم الجعل)، وقد تكون نتيجة هذا المتمم الإطلاق، كما قد تكون نتيجته التقييد.
 وعليه، فمراد النائيني هو استحالة الإطلاق عند استحالة التقييد في مقام الثبوت بالنسبة للغرض، فتأمل.
 ومن هنا نجيب تبعا للميرزا على إشكالي الدور وعدم القدرة على الامتثال بحال أخذ القصد في المتعلق، فنقول: أولا يقول المولى: (صلِّ)، ثم يقول: (صل بقصد امتثال الأمر)، وبهذا يندفع إشكال الدور؛ لأن الأمر الثاني وإن كان متوقفا على الصلاة وقصد امتثال الأمر الأول، إلا أن قصد امتثال الأمر الأول غير متوقف على الأمر الثاني.
 أما إشكال عدم القدرة على الامتثال، فقد اندفع أيضا بأن الصلاة مقدورة لوجود الأمر في ذات الصلاة.
 ثم أشكل صاحب الكفاية على وجود أمر ثان بإشكالين: حيث قال: ( إن قلت: نعم، لكن هذا كله إذا كان اعتباره في المأمور به بأمر واحد، وأما إذا كان بأمرين: تعلق أحدهما بذات الفعل، وثانيهما بإتيانه بداعي أمره، فلا محذور أصلا، كما لا يخفى ... قلت: مضافا إلى القطع بأنه ليس في العبادات إلا أمر واحد ... إن الأمر الأول إن كان يسقط بمجرد موافقته، ولو لم يقصد به الامتثال، كما هو قضية الأمر الثاني، فلا يبقى مجال لموافقة الثاني مع موافقة الأول بدون قصد امتثاله، فلا يتوسل الآمر إلى غرضه بهذه الحيلة والوسيلة، وإن لم يكد يسقط بذلك، فلا يكاد يكون له وجه )
 يقول: إن دفع الإشكالين المتقدمين بدعوى وجود أمر ثان بقصد امتثال الأمر الأول في غير محله؛ لأننا أولا نقطع بأنه ليس في العبادات إلا أمر واحد، وثانيا لو سلمنا بوجود أمر ثان، إلا أن وجوده حينئذ لغوي؛ لأنه إن سقط الأمر الأول بمجرد امتثاله، فيصبح الثاني لغويا، وإن لم يسقط، وإنما لم يسقط لعدم تحقق غرضه، فيعتبر العقل ضرورة امتثال قصد الأمر ليسقط الأمر الأول، وعليه يكون الأمر الثاني لغويا أيضا. وهذا ما ذكره
 وفيه: أما دعوى القطع بأنه ليس في العبادات إلا أمر واحد، ففي غير محله؛ لما ذكره جماعة من الأعلام من أدلة على نية التعبد من جهة، ثم أنه قد يقع التسالم على عبادة واجب؛ كما بالنسبة للزكاة، فإن التسالم قائم على عباديتها.
 ثم إن الإشكال مبني على توهم أن للأمر الثاني غرضا مستقلا عن غرض الأمر الأول، والواقع أنه لدينا غرض واحد، إلا أنه لما لم يكن الأمر الأول وافيا في بيانه، تتمه الشارع بأمر ثاني.
 أما فيما يتعلق بإشكال لزوم اللغوية من فرض وجود أمر ثان، فنسأل: ما المراد من اعتبار العقل؟ فإن كان المراد حكمه، فهو في غير محله؛ لأنه ليس من شأن العقل الحكم، وإنما شأنه الكشف والإدراك. وإن كان المراد الإدراك، فمرجعه إلى كلامنا من أن العقل يدرك أو يكشف عن وجود أمر ثان لم يصرح به الشارع؛ كما لم يصرح عن وجوب مقدمة الواجب أيضا.
 وعليه، يمكن جعل قصد امثتال الأمر قيدا في المتعلق، ولكن بأمر آخر، فإن أتى الشارع بهذا الأمر الآخر كان الواجب تعبديا، وإن لم يأت به كان الواجب توصليا.
 هذا تمام الكلام فيما يتعلق بالجهة الأول من المقام الأول؛ أي الأصل اللفظي فيما إذا كان الداعي قصد امتثال الأمر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo