« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 بيع السَّلف (33)/ كتاب البيع /المعاملات

الموضوع: المعاملات / كتاب البيع / بيع السَّلف (33)

 

قول الماتن: (ولو صالح البائع عن الثَّمن على مال، فالأقرب: الصِّحّة، واشتراط قبض مال الصُّلح)

 

قد عرفت فيما سبق أنَّه يشترط قبض الثَّمن قبل التّفرُّق في صحَّة عقد السَّلم، فلو افترقا قبله بطل بالاتِّفاق.

ومهما يكن، فقبل القبض لا يكون البائع مالكاً للثَّمن، فالملك متوقِّف على القبض.

وعليه، فلو كان الثَّمن فيه كلِّيّاً لا شيئاً معيناً لم يشتغل ذمَّة المسلم -أي المشتري- به.

فلا يُقال: إنَّ البائع يملك في ذمَّة المشتري الثَّمن، وكيف يتحقَّق الملك قبل القبض، ويترتِّب على ذلك أنَّه لا تصحُّ الحوالة حقيقةً به؟!

وعليه، أي لا يصحّ للمسلم أن يحيل المسلم إليه بالثَّمن على شخص ثالث، أي المحال عليه، كما لا يصحّ للمسلم إليه أن يحيل شخصاً له في ذمَّة المسلم إليه مال على المسلم أن يأخذ الثَّمن منه.

كما لا يصحُّ الصُّلح به وعليه، ولا غير ذلك ممَّا يعتبر فيه شُغل الذِّمّة المتوقِّف على ملك الكلِّيّ للمستحقّ، والمفروض عدم حصوله قبل القبض.

خلافاً للمصنِّف (رحمه الله) هنا، وللعلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة، حيث صحّحا ذلك إذا قبضه المسلم إليه، أي البائع من المحال عليه قبل التّفرُّق، بل احتمل العلَّامة (رحمه الله) الصِّحّة، وإن لم يقبض البائع في المجلس؛ لأنَّ الحوالة كالقبض.

والخلاصة: أنَّه لو أحال بالثَّمن فقبضه البائع قبل التّفرُّق لم يصحّ؛ لما عرفت.

وكذا لو أحال البائع على المشتري فقبضه المحتال في المجلس لم يصحّ أيضاً.

وكذا لو صالح البائع عن الثَّمن على مال لم يصحّ، وإن قبض مال الصُّلح قبل التّفرُّق.

وقد عرفت الوجه في ذلك.

اللَّهمّ إلَّا أن يُقال: إنَّ المراد من الصِّحّة -الَّتي هي شرطها- اللُّزوم، فالملك حينئذٍ يحصل بالعقد، ويستقرّ بالقبض، فمتى افترقا قبله بطل من حينه.

وعليه، فيصحّ ما ذكره المصنِّف (رحمه الله)، والعلَّامة (رحمه الله)، وغيرهما من الأعلام.

إلَّا أنَّ الإنصاف: أنَّه لا دليل على أنَّ الملك يحصل بالعقد، ويستقرّ بالقبض.

بل الأقوى: أنَّ الملك هنا لا يحصل إلَّا بالقبض، وقبله لا ملك.

 

قول الماتن: (ويجوز اشتراط الرَّهن والضِّمنيّ، وكلُّ سائغٍ)

 

المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز أن يُسلِف في شيءٍ، ويشترط مع السَّلف شيئاً معلوماً، بل هو متَّفق عليه؛ لأنَّه عقد قابل للشَّرط، وقد شرط ما هو سائغ ممَّا لا يوجب جهالة في أحد العوضَيْن، فلا مانع حينئذٍ.

ويدل عليه: قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}، فإنَّه عامّ يشمل ما نحن فيه.

وتدلّ عليه أيضاً: موثَّقة منصور بزرج أو صحيحته، حيث ورد في ذيل الموثَّقة (أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: المؤمنون عند شروطهم)[1]

والخلاف في كونها موثَّقةً أو صحيحةً لأجل الخلاف في منصور بزرج هل هو واقفي أم لا؟

وفي التَّذكرة نفي الخلاف عن اشتراط الرَّهن والضَّامن.

والخلاصة: أنَّ أدلَّة الشَّرائط عامَّة تشمل ما نحن فيه، ولا معارض لها.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّ الشَّرط في عقد السَّلم ليس سلماً، كما أنَّه ليس هو في عقد البيع بيعاً، بل هو مملك مستقلّ في عقد البيع فلا تلحقه أحكام البيع، ولا أحكام السَّلم.

 


[1] الوسائل باب20 من أبواب المهور ح4.
logo