« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/07/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف

الموضوع: المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف

 

قول الماتن: ويشترط في الأجل التَّعيين بما لا يحتمل الجهالة

 

ذكر جماعة من الأعلام -ومنهم المصنِّف (رحمه الله)- أنَّه مع الإطلاق يحمل على قصد الحلول.

وذكر بعضهم أنَّه لو أطلق حُمل على الأجل، واشترط ضبطه، أي أنَّه إذا أطلق اللَّفظ عن التَّقييد بالحلول اقتضى التَّأجيل؛ لأنَّ مدلوله الأصليّ البيع إلى أجل، والغالب عند العرف استعمال السَّلم في المؤجّل، فكيف يحمل إطلاق العقد على الحلول مع فرض خلوهما عن قصد الحلول؟!

ولكنَّ الأقوى: ما ذكره المصنِّف (رحمه الله)؛ لأنَّ مراده بالإطلاق عدم إرادة التَّأجيل، ولا الحلول، فإنَّ التَّنزيل حينئذٍ على الحلول شرعيّ -باعتبار تسبيب العقد الملك حال وقوعه فيستحقّ عليه حينئذٍ المطالبة والأداء- لا عرفيّ.

وعليه، فلا مدخليَّة لغلبة الاستعمال، وعدمها، فيه.

 

قول الماتن: وتُحمل الشُّهور على الأهلَّة مهما أمكن

 

اِتَّفق الأعلام على أنَّه لابدّ أن يكون الأجل معلوماً للمتعاقدَيْن على وجه يكون مضبوطاً في نفسه بما لا يحتمل الزِّيادة والنُّقصان، فلو شرط أداء المسلم فيه عند إدراك الغلَّات أو دخول القوافل، بطل.

وقدِ ادَّعى الإجماع على ذلك، كما في الغنية، وظاهر التَّذكرة ومجمع البرهان، وفي المفاتيح، أنَّه لا خلاف في ضبط الأجل، وعن نهج الحقّ: أنَّه مذهب الإماميَّة.

أقول: يدلّ على ذلك -مضافاً لما تقدَّم- الرِّوايات الكثيرة المُتقدِّمة، كصحيحة الحلبيّ، وحسنة عبد الله بن سنان، وصحيحة قتيبة الأعشى، وصحيحة أبي مريم الأنصاريّ، وغيرها من الرِّوايات.

 

قول الماتن: ويكمل المنكسر ثلاثين على الأقوى

 

المعروف بين الأعلام أنَّ الشَّهر يحمل عند الإطلاق على عدَّة بين هلالَيْن مع الإمكان، كما إذا وقع العقد فيما يقال عليه عرفاً أنَّه أوَّل ليلة الهلال، لا لأجل أنَّه أغلب استعمالاً وأظهر عند العرف -وإن كان الأمر كذلك في الواقع-، بل لأجل أنَّه المعنى الحقيقيّ للشَّهر.

ولعلَّ هذا هو مراد العلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة من أنَّ الشَّهر الشَّرعيّ ما بين الهلالَيْن؛ إذ من المعلوم عدم الحقيقة له شرعاً.

والخلاصة: أنَّ الوجه في اعتبار الشُّهور بالأهلَّة أنَّها المعنى الحقيقيّ للشَّهر، وإنَّما يعدل عنه إلى العدديّ عند تعذُّر الهلال.

كما أنَّه يحمل الشَّهر على كونه بالفارسيَّة أو الرُّوميّة أو الشَّمسيّة إذا قيَّده بذلك، وإلَّا فلا.

 

قول الماتن: ويُلفّق اليوم إذا وقع السَّلم في أثنائه، فيستوفي من آخره بقدر ما مضى قبل العقد، سواء كان ذلك اليوم المستوفي منه أطول، أو أقصر، للتَّسامح في مثله

 

قد عرفت أنَّه إذا أوقعا العقد في أوَّل الشَّهر اعتبر الجميع بالأهلَّة بالاتِّفاق.

وأمَّا إذا جعلا الأجل شهرَيْن مثلاً، وأوقعا العقد في أثناء الشَّهر الأوَّل، فقد ذهب الأكثر، ومنهم المصنِّف (رحمه الله) إلى أنَّه يعتبر ما عدا الأوَّل هلاليّاً، وأنَّه يتمّم الأوَّل ثلاثين يوماً.

والوجه فيه: أمَّا بالنِّسبة إلى الشَّهر الأوَّل المكسور فلأنَّه بإهلال الثَّاني لا يصدق عليه أنَّه شهر هلاليّ، فيكون عدديّاً، ولا يمكن اعتبار الجميع بالهلاليّ لئلَّا يلزم اطِّراح المكسور، وتأخُّر الأجل عن العقد مع الإطلاق، وحينئذٍ فيكمل الأوَّل ثلاثين يوماً بعد انقضاء المقصود من الهلاليّ من شهر أو أكثر، وهذا هو الأوفق بالقواعد.

ويحتمل انكسار الجميع بكسر الأوَّل، فيعتبر الكلّ بالعدد، وهذا القول نفى عنه البُعد في المختلف.

وهذا القول لا وجه له؛ لأنَّه لو أكمل ممَّا يليه يلزم اختلال الشَّهر الهلاليّ، مع إمكان اعتباره بالهلاليّ، وأنَّ الأجل إذا كان ثلاثة أشهر مثلاً، فبعد مضيّ شهرَيْن هلاليَيْن وثلاثين يوماً ملفقةً من الأوَّل والرَّابع يصدق أنَّه مضيّ ثلاثة أشهر عرفاً، فيحلّ الأجل، وأنَّه إذا وقع العقد في نصف الشَّهر مثلاً، ومضى بعده شهران هلاليّان يصدق أنَّه مضى من الأجل شهران ونصف، فيكفي إكمالها خمسة عشر يوماً، وتصدق الثَّلاثة حينئذٍ، وهذا أمر ثابت في العرف حقيقةً.

قول الماتن: ويُلفّق اليوم إذا وقع السَّلم في أثنائه، فيستوفي من آخره بقدر ما مضى قبل العقد، سواء كان ذلك اليوم المستوفي منه أطول، أو أقصر، للتَّسامح في مثله

 

المعروف بين الأعلام أنَّه يلفَّق اليوم إذا وقع السَّلم في أثنائه، ويستوفى من الآخر بقدر ما مضى من العقد، سواء كان ذلك اليوم المستوفى منه أطول أو أقصر للتَّسامح في مثله، وهو واضح.

 

قول الماتن: ولو قال: إلى سنة، فالأجل آخرها

 

لو قال: إلى سنة، فالعرف يفهم أنَّ المراد من ذلك مضيّ السَّنة لا الشُّروع في مسمّاها القاضي بعدم الأجل للسَّلم حينئذٍ؛ ضرورة تحقُّق ذلك بأوَّل لحظةٍ متَّصلةٍ بالعقد.

وهذا بخلاف ما لو قال المتعاقدان في بيان الأجل إلى سنة كذا، وكان زمان فاصل بينه وبين ما جعله غايةً، فإنَّ الأجل يحلّ بأوَّل جزءٍ من أوَّل اللَّيلة الهلال من السَّنة.

والفارق بين الأمرين: هو العرف.

 

قول الماتن: وتحمل على الهلاليَّة

 

لما تقدَّم في الشَّهر، فإنَّه يحمل على الهلاليَّة، فكما أنَّه المعنى الحقيقيّ للشَّهر أيضاً هو المعنى الحقيقيّ للسَّنة.

قول الماتن: إلَّا أن يعيّنا الشَّمسيّة

 

إذ مع التَّعيين لا إبهام، ولا إجمال، فيتبع ما عيّنه.

 

logo