46/06/30
المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف
الموضوع: المعاملات // كتاب البيع // بيع السَّلف
قول الماتن: ولو عيّنا مُدّا أو صنجة من جملة المشهور لغا التَّعيين، ولا يبطل العقد في الأصحّ، وكذا لو شرط في البيع
لو عيّنا مكيالاً معيّناً أو صنجةً كذلك من العامَّيْن -أي اشتراطا مكيالاً معيّناً، أو صنجةً كذلك من العامَّيْن- فسد الشَّرط بخصوص ذلك المكيال أو الصَّنجة؛ إذ لا يتعلق به غرض، فاشتراطه بمنزلة عدم اشتراطه، فيكون لغواً، ويكون البيع صحيحاً، كما هو الشَّأن في سائر الشُّروط الَّتي لا غرض فيها.
ذهب إلى ذلك المصنِّف (رحمه الله) هنا، والعلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة، والتَّحرير، والشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، وابن إدريس (رحمه الله) في السَّرائر.
وهذا هو الإنصاف.
وأمَّا غير الأصحّ، فإنَّه يفسد البيع؛ نظراً إلى صورة الشَّرط؛ لأنَّ التَّراضي إنَّما وقع على ذلك.
وفيه: أنَّ عدم تعلُّق الغرض به قرينة على أنَّه لا يراد خصوصه، فيلغو اشتراطه، والله العالم.
قول الماتن: وله ملء المكيال وما يحتمله، بلا هزّ وزلزلة، ودقّ، ولا وضع كفّ على جانبه، إلَّا أن يسمح به الدَّافع، أو يشترط في العقد إذا لم يتضمّن الجهالة
المكيال والمكتل زنبيل يسع ثلاثة عشر صاعاً.
والمعروف بين الأعلام أنَّ له ملء المكيال من دون هزِّه ودقِّه؛ لأنَّ الهزَّ والدَّقّ يجعله يسع أكثر من ذلك.
كما أنَّه ليس له وضع كفِّه على جانبه لأجل ذلك، إلَّا أن يسمح به الدَّافع أو يشترطه في العقد.
كلُّ ذلك إذا لم يتضمن الجهالة، وإلَّا فيلزم البطلان للغرر.
قول الماتن: الشَّرط الثَّالث: أن يكون المسلم فيه دَيْناً، لأنّه موضوع لفظ السَّلم لغةً وشرعاً، فلو أسلم في عين كان بيعاً، و لو باع موصوفاً كان سلماً، نظراً إلى المعنى في الموضعَيْن.
وليس المانع من السَّلف في العين اشتراط الأجل الَّذي لا يحتمله العين؛ لأنَّ الأصحّ أنَّه لا يشترط الأجل.
نعم، يشترط التَّصريح بالحلول، وعموم الوجود عند العقد
من المتَّفق عليه بين الأعلام قديماً وحديثاً أنَّ المُسلَم فيه لابدّ أن يكون ديناً، فلا ينعقد في عين، وإنَّما الكلام في أنَّه هل لابدّ أن يكون الدَّين مؤجّلاً، أم أنَّه يصحّ في الدَّين الحال؟
قال الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية: وإن ذكر الجنس والوصف، ولم يذكر الأجل: كان البيع غير صحيحٍ[1] .
وفي الخلاف: السَّلم لا يكون إلَّا مؤجّلاً، ولا يصحُّ أن يكون حالاً، قصر الأجل أم طال[2] ، وتبعه ابن إدريس (رحمه الله)[3] .
وفي الواقع هو المشهور بين الأعلام شهرةً عظيمةً.
وبالمقابل، ذهب جماعة من الأعلام إلى أنَّه يصحّ السَّلم في الدَّين الحال، لكن عليه أن يصرِّح بالحلول.
منهم العلَّامة (رحمه الله) في القواعد،
حيث قال والأقرب: عدم اشتراط الأجل، فيصحُّ السَّلم في الحال، لكن يصرِّح بالحلول[4] .
وقال في التَّحرير: ولا يشترط في السَّلم فيه كونه مؤجّلاً، ويصحّ السَّلم الحال، لكن يصرِّح بالحلول، فإن أطلق فالوجه البطلان، سواء ذكر الأجل قبل التّفرُّق أو لا[5]
ومنهم المصنِّف (رحمه الله) هنا في اللُّمعة، قال فيها: وَالْأَقْرَبُ جَوَازُهُ حَالًّا مَعَ عُمُومِ الْوُجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ[6]
وقال (رحمه الله) هنا في الدُّروس: الشَّرط الثَّالث: أن يكون المُسلَم فيه ديناً -إلى أن قال:- وليس المانع من السَّلف في العين اشتراط الأجل الَّذي لا يحتمله العين؛ لأنَّ الأصحّ أنَّه لا يشترط الأجل، نعم يشترط التَّصريح بالحلول، وعموم الوجود عند العقد[7]
وكذا غيرهم من الأعلام.
إذا عرفت ذلك، فقدِ استُدلّ لاعتبار الأجل في السَّلم بعدَّة أدلَّةٍ:
منها: الإجماع المستفيض النَّقل، فقد حُكي ذلك عن الغنية، والشَّيخ (رحمه الله) في الخلاف، والعلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة، وعن مجمع البرهان، والكفاية، والنِّسبة إلى الإماميَّة فيما عن نهج الحقِّ.
وفيه: ما ذكرناه في أكثر من مناسبة أنَّ الإجماع المنقول بخبر الواحد -وإن كان النَّقل على نحو الاستفاضة- ليس بحجّة، بل هو يصلح للتَّأييد فقط.
ومنها: النَّبويّ مَنْ أسلف فَلْيُسلف في كيل معلوم إلى أجل معلوم[8]
ولكنَّه ضعيف، كما لا يخفى عليك، بل لم يرد من طرقنا أصلاً، وإنَّما هو من أصول العامَّة، وذكره الأصحاب في كتبهم.