« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

 المعاملات // كتاب البيع // بيع السلف

الموضوع: المعاملات // كتاب البيع // بيع السلف

 

قول الماتن: ويكفي في كلّ وصفٍ أقلّ ما يطلق عليه، قيل: ويجب ذكر الجودة أو الرَّداءة بالإجماع، وفيه: نظر

 

إذا كان للوصف مراتب متعدِّدة، فيكفي أن يذكر حال العقد المرتبة الأدنى منه؛ لارتفاع الغرر بذلك، كما يجوز أن يشترط الجودة أو الرَّداءة، لإمكان تحصيلهما بسهولة.

وفي الجواهر: (بلا خلاف، للإطلاق السَّالم عن المعارض من عزَّة الوجود وغيرها...)[1]

والواجب حينئذٍ بعد الاشتراط هو أقلّ ما يطلق عليه اسم الجيِّد، وما يصدّق عليه اسم الرَّديء.

وحُكي عن المبسوط والتَّذكرة وجوب ذكرهما، بل في التَّحرير (الإجماع واقع على ذكر الجودة).

ولعلَّ الوجه في وجوب ذكرهما: هو كونهما من الأوصاف الَّتي يتوقَّف رفع الجهالة على ذكرهما.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّه لا يجب ذكرهما؛ إذ لا يلزم الغرر من عدم ذكرهما الَّذي هو -أي الغرر- المناط في بطلان البيع، ومجرَّد الجهالة إذا لم تؤدِّ إلى الغرر لا تضرُّ بصحَّة البيع.

هذا على فرض لزوم الجهالة بعدم ذكرهما.

 

قول الماتن: ولا يجوز اشتراط الأجود

 

المعروف بين الأعلام أنَّه لا يجوز اشتراط الأجود؛ لعدم الانضباط؛ إذ ما من جيِّد إلَّا ويمكن وجود أجود منه.

وبالنَّتيجة مع الاشتراط: يكون الأجود غير معلوم، وهذا ما يؤدِّي إلى الغرر؛ لتفاوت الثَّمن بالجودة والأجود.

ومهما يكن، فقدِ اتَّفق الأعلام على عدم جواز اشتراط الأجود.

وفي الجواهر: بلا خلاف أجده، بل في التَّذكرة إجماعاً، وفي الرَّوضة أنَّه موضع وفاقٍ...[2]

أقول: ما ذكره الأعلام هو الصَّحيح.

نعم، لابُدّ من استثناء صورة واحدة، وهي ما لو صدق عنوان الأجود عرفاً، فإنَّه يجوز في هذه الحالة، وإن لم يصدق عليه لغةً أنَّه الأجود لما ذكرناه في أكثر من مناسبة أنَّ العرف مقدَّم على اللُّغة، سواء كان عرف الخاصّ وعرف العام، والله العالم.

قول الماتن: أمَّا الأردأ، ففيه وجهان، من عدم الوقوف على غايته، ومن أنَّ طلب أردأ ممَّا يحضر عتب (عيب)، فيكفي فيه أن يكون في المرتبة الثَّانية من الرَّديء، وهذا القدر معلوم

 

المعروف بين الأعلام أنَّه لا يجوز اشتراط الأردأ؛ إذ ما من رديء إلَّا وهناك أردأ منه، فيكون مثله مثل اشتراط الأجود.

ولكنَّ العلَّامة (رحمه الله) في التَّحرير والقواعد ذهب إلى الجواز، وحكم بالصِّحّة، وحكاه في التَّذكرة قولاً لبعض أصحابنا.

وقال المحقِّق (رحمه الله) في الشَّرائع: (ولو قيل في هذا: بالجواز، كان حسناً، لإمكان التّخلُّص...)[3]

والحاصل: أنَّه يمكن التّخلُّص بدفع الرَّديء؛ لأنَّ ما دفعه إن كان هو الأردأ فهو المطلوب، وإن كان رديّاً كان قد دفع الجيِّد عن الرَّديء، فيكون قد زاده خيراً؛ لأنَّ الرَّديء بالنِّسبة إلى الأردأ جيِّد، فيجب قبوله؛ لأنَّه وفاء وزيادة.

ومن هنا، صحّ الاكتفاء بكونه في المرتبة الثَّانية من الرَّديء.

ولكنَّ الإنصاف: ما ذهب إليه المشهور من عدم الجواز؛ لأنَّ ضبط المسلَم فيه معتبر حين العقد، وهو هنا غير منضبطٍ، كما عرفت، ووجوب قبض الجيِّد عنه لو دفع لا يجعله مضبوطاً عند العقد؛ لأنَّه ليس من أفراده.

أضف إلى ذلك: أنَّه لابُدّ من ضبط المسلَم فيه على وجه يمكن الرُّجوع إليه عند الحاجة مطلقاً.

ومن جملتها: ما لو امتنع المسلَم إليه من دفعه، فيؤخذ من ماله بأمر الحاكم الشَّرعيّ قهراً؛ وذلك غير ممكنٍ هنا؛ لأنَّ الجيِّد غير متعيَّنٍ، فلا يجوز لغيره دفعه، فيتعذَّر التّخلُّص، والله العالم.

 

قول الماتن: ويصحّ السّلم في الحبّ والتَّمر واللَّبن والشَّحم والطِّيب والثَّوب والرَّقيق والذَّهب والفضَّة والحديد والرَّصاص والنُّحاس بنوعَيْه والحيوان

 

قد عرفت أنَّه يجوز السَّلم في كلِّ ما يمكن ضبطه بالوصف المعلوم بين المتعاقدين وغيرهم من غير تأديةٍ إلى عزَّة الوجود.

وعليه، فلا إشكال حينئذٍ في جواز السَّلم في الحبّ والتَّمر واللَّبن والشَّحم والطَّيب والثَّوب الرَّقيق والذَّهب والفضَّة والحديد والرَّصاص والنَّحاس والحيوان والخُضر والفواكه، وكلّ ما تنبته الأرض.

وكذا يجوز في البيض والجوز واللَّوز، وغيرها؛ لإمكان ضبطها بالوصف، وقد عرفت أنَّ مرجعه إلى العرف.


[1] الجواهر: ج24، ص277.
[2] الجواهر: ج24، ص278.
[3] الشَّرائع: ج2، ص318.
logo