« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 المعاملات // كتاب البيع // بيع الثِّمار

 

الموضوع: المعاملات // كتاب البيع // بيع الثِّمار

 

وذهب جماعة من الأعلام إلى أنَّ البيع لا ينعقد بلفظ السَّلم؛ لأنَّ استعمال صيغة (أسلمت) مراداً منها معنى (بعت) المجرَّد عن السَّلم إنَّما هو من باب المجاز.

والمعروف أنَّ الاحتياط في العقود اللَّازمة يقتضي عدمه لأجل الاقتصار فيها على المتيقَّن من العقود في النَّقل الَّذي مقتضى الأصل خلافه.

ولكنَّ الإنصاف -كما ذكرناه في أوَّل البيع عند الكلام في الإيجاب والقبول-: أنَّه لا إشكال في صحَّة العقد فيما إذا كان اللَّفظ ظاهراً في المعنى المجازي، سواء كانت القرينة على المراد لفظيَّةً أم معنويَّةً، وسواء كان المجاز قريباً أم بعيداً؛ وذلك لأنَّ المناط هو الحجيَّة، فمتى ما كان اللَّفظ ظاهراً في المعنى فيكون حجَّةً، ولا خصوصيَّة للاستعمال في المعنى الحقيقيّ.

وبالجملة، فإنَّه يجوز بكلِّ لفظٍ دلَّ صريحاً على المراد، ولا دليل على اختصاص البيع بما يثبت شرعاً من الألفاظ حتَّى يقال: إنَّ الملك إنَّما ينتقل بما وضعه الشَّارع ناقلاً، ولم يثبت جَعْل الشَّارع هذا ناقلاً في موضع النِّزاع.

 

قول الماتن: (ويلحق السَّلم أحكام البيع بأسرها)

 

وهو واضح؛ لأنَّه نوع من البيع قطعاً، فيلحقه أحكامه.

 

قول الماتن: الشَّرط الأوَّل: ذكر الجنس، وهو اللَّفظ الدَّالّ على الحقيقة النَّوعيّة هنا، كالحنطة والشَّعير والوصف، وهو الفارق بين أصناف لك النَّوع، كالصَّرابة والحداثة، فيبطل السَّلم مع الإخلال بهما، أو بأحدهما

 

المعروف بين الأعلام أنَّ بيع السَّلم يختصُّ بشروط ستَّة عن باقي أقسام البيع:

الأوَّل: ذكر الجنس بالنِّسبة للمسلَم فيه، وهو المبيع.

والمراد بالجنس هنا: الحقيقة النَّوعيّة، كالحنطة والشَّعير.

ويجب أيضاً ذكر الوصف، وهو المائز بين أفراد ذلك النَّوع، بحيث يميِّزه عن جميع ما عداه مما يشاركه في الجنس، كصرابة الحنطة -وهي خلوصها من خليط التُّراب، ونحوه- وحُمرتها وحداثتها، ونحو ذلك.

وقد يُستغنى بذكر الوصف عن ذكر الجنس أحياناً، فلو لم يذكر الجنس، بل قال: بعتك شيئاً صربيّاً -أي خالصاً من الخليط- أو ذكره ولم يذكر الوصف، فإنَّه يبطل للغرر، وللرِّوايات الآتية -إن شاء الله تعالى-.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّ بعض الأعلام يذكر الجنس والوصف معاً، ويجعلها شرطاً واحداً، وبعض الأعلام يذكر الجنس، ويتعرَّض في أثناء ذلك للوصف، وبعضهم يعكس الأمر.

- الأدلَّة على اشتراط الجنس والوصف

ومهما يكن، فقدِ استدلّ لاشتراط ذكر الجنس والوصف بثلاثة أدلَّةٍ:

الأوَّل: الإجماع المنقول بخبر الواحد.

وفيه: ما عرفته في أكثر من مناسبة.

اللَّهمّ إلَّا أن يكون المراد من الإجماع هو التَّسالم بين الأعلام قديماً وحديثاً.

والإنصاف: أنَّه ثابت في الجملة.

الثَّاني: أدلَّة نفي الغرر؛ لأنَّه بيع ما ليس بمرأيّ، فإذا لم يذكر الجنس والوصف يلزم الغرر، وهو منفيّ، وهذا الدَّليل متين فيما إذا لزم ذلك.

الثَّالث: جملة من الرِّوايات:

منها: حسنة جميل بن درَّاج عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: لا بأس بالسَّلم في المتاع إذا وصفت الطُّول والعرض[1]

ومنها: حسنة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: لا بأس بالسَّلم في الحيوان إذا وُصِفت أسنانها[2]

ومنها: موثَّقة عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: لا بأس بالسَّلم في الحيوان إذا سُمَّيت شيئاً معلوماً[3]

ومنها: صحيحة الحلبيّ عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: لا بأس بالسَّلم في الحيوان إذا سمّيت الَّذي يسلم فيه فوصفته، فإن وُفِّيّته، وإلَّا فأنت أحقُّ بدراهم[4]

وكذا غيرها من الرِّوايات الكثيرة.

- الضَّابطة في الوصف

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّ الضَّابط في الوصف هو أنَّ كلّ ما يختلف لأجله الثَّمن إتلافاً لا يتسامح بمثله عادةً، فإنَّه يجب ذكره.

والمرجع في هذه الأوصاف: إلى العرف، فإنَّه ربَّما كان العاميّ أعرف بها من الفقيه، وحظُّ الفقيه فيها البيان الإجماليّ.

ومن هنا، كان الإنصاف: إحالة ذلك إلى العرف؛ إذِ المناقشة في الأمثلة ليست من دأب المحصِّلين.

ثمَّ إنه إذا شككنا في تحقُّق الجهالة المؤدِّية إلى الغرر المانعة من الصِّحّة، فالأصل عدم المانع.

وعليه، فمقتضى إطلاقات بيع السَّلم يقتضي جوازه.

 


[1] الوسائل باب1 من أبواب السلف ح1و3و6و9.
[2] الوسائل باب1 من أبواب السلف ح1و3و6و9.
[3] الوسائل باب1 من أبواب السلف ح1و3و6و9.
[4] الوسائل باب1 من أبواب السلف ح1و3و6و9.
logo