« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 بيع الثِّمار 20// كتاب البيع

الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 20

 

قوله: وروى يعقوب بن شعيب: إذا اشترى ثمرةً، وفي نيَّتهما فَسْخ المشتري إن لم يرتضها بعد صرامها (لا يصلح)، وظاهره الكراهة

هذه الرِّواية صحيحة قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام)، وقلتُ له: أُعطي الرَّجل له الثَّمرة عشرين ديناراً (على أن أقول) له: إذا قامت ثمرتك بشيءٍ فهو لي بذلك الثَّمن إن رضيت أخذت، وإن كرهت تركت، فقال: ما تستطيع أن تعطيَه ولا تشترط شيئاً، قلتُ: جعلت فداك! لا يُسمِّي شيئاً، والله يعلم من نيَّته ذلك؟ قَاْل: لا يصلح إذا كان من نيَّته[1]

ذكر في ملاذ الأخيار: قوله: إذا قامت ثمرتك‌ ظاهره أنَّ المراد إذا بلغت ثمرتك قيمة، فاشتريت منك ما يوازي ذلك الثَّمن بتلك القيمة، فحينئذٍ كان باطلاً من جهة جهالة المبيع، أو البيع قبل ظهور الثَّمرة، أو قبل بدو صلاحها، فيدلُّ على كراهة إعطاء الثَّمن بنية الشِّراء لما لا يصحُّ شراؤه.

ويمكن أن يكون المراد بقوله قامت ثمرتك بلوغها حدّاً يمكن الانتفاع منها، فيكون قدِ اشترى المجموع بذلك الثَّمن، وحينئذٍ قوله (عليه السلام) لا يصلح يكون محمولاً على الكراهة؛ لعدم إرادتهم للبيع أو لعدم الظُّهور أو بدو الصَّلاح.

ويمكن أن يُقال: المراد أنَّه يعطيه عشرين ديناراً قرضاً، بشرط أن يبيعه بعد بلوغ الثَّمرة بقيمة نازل، وهذا في حكم الرِّبا، فلذا منعه (عليه السلام)... (2)، وذكر نحوه في مرآة العقول.

أقول: هذا الاحتمال الثَّالث لعلَّه أقرب، والله العالم.

 

قوله: وفي حسنة الحلبيّ: جواز بيع التَّمر بتمر من نفس الثَّمرة، والعنب بزبيب كذلك، وهو نادر

ذكرنا هذه الحسنة سابقاً عند الكلام عن المزابنة، فراجع.

 

قوله: وروى أبو بصير: اشتراط الأمن من الآفة في بيع الثَّمرة، وهو على النَّدب

ذكرنا هذه الرِّواية سابقاً عند الكلام عن الاستدلال؛ لعدم جواز بيع الثَّمرة قبل ظهورها، وقلنا: هي ضعيفة بعليّ بن أبي حمزة البطائنيّ.

 

قوله: وروى سُماعة: جواز بيع الثَّمرة قبل خروج طَلْعها مع الضَّميمة، وهو متروك

ذكرنا هذه الموثَّقة سابقاً عند الكلام عن عدم جواز بيع الثَّمرة قبل ظهورها، وقلنا: هذه الموثَّقة دالَّة على عدم الجواز مع عدم الضَّميمة، وعلى الجواز معها.

وقدِ استدلّ بها أيضاً لعدم جواز بيع الثَّمرة قبل ظهورها أزيد من عام واحد، من حيث إنَّها مطلقة في كون البيع لسنة واحدة أو أزيد.

وقدِ استدلّ بها أيضاً لجواز بيع الثَّمرة قبل ظهورها مع الضَّميمة، وقلنا: إنَّها ظاهرة جدّاً في كون الضَّميمة تابعةً، وليست هي المقصودة بالبيع، فحمل هذه الموثَّقة على كون الضَّميمة هي المقصودة بالبيع، والثَّمرة تابعة لها هو خلاف الظَّاهر لا موجب له، فراجع ما ذكرناه.

 

قوله: ويجوز بيع الكلأ المملوك، وليس لمشتريه بيعه بما اشتراه بشرط الرَّعي مع المشتري، ويجوز بأكثره، ولو كان قد عمل فيه جاز، والظَّاهر أنَّه على الكراهة، مع أنَّ الرَّاوي سُماعة

مراد المصنِّف (رحمه الله): الإجارة لا البيع، كما هو المراد من موثَّقة سُماعة الآتية، فإذا استأجر الكلأ، فليس للمستأجر أن يؤجِّره بما استأجره بشرط الرَّعي مع المستأجر، إلَّا أن يكون قد عمل فيه شيئاً -كما سنذكر الدَّليل إن شاء الله تعالى في باب الإجارة- كما أنَّه لا يجوز أن يؤجِّره بأكثر ممَّا استأجر إلَّا أن يكون قد عمل فيه شيئاً.

 

وقول المصنِّف (رحمه الله): ويجوز بأكثره إذا لم تعمل فيه شيئاً ، في غير محلِّه، إلَّا أن يكون المراد هو البيع حقيقةً، أي يبيع بأكثر ممَّا اشتراه، ولكنَّ ظاهره الإجارة.

وأمَّا الرِّوايّة الواردة في ذلك، فهي موثَّقة سُماعة قَاْل: سألته عن رجل اشترى مراعي يرعى فيه بخمسين درهماً أو أقلّ أو أكثر، فأراد أن يُدخِل معه مَنْ يرعى فيه، ويأخذ منهم الثَّمن؟ قَاْل: فَلْيدخِل معه مَنْ شاء ببعض ما أعطى، وإن أدخل معه بتسعة وأربعين، وكانت غنمه بدرهم، فلا بأس، وإن هو رعى فيه قبل أن يُدخِله بشهر أو شهرَيْن أو أكثر من ذلك بعد أن يبيِّن لهم فلا بأس، وليس أن يبيعه بخمسين درهماً ويرعى معهم، ولا بأكثر من خمسين ولا يرعى معهم، إلَّا أن يكون قد عمل في المرعى عملاً، حفر بئراً أو شقّ نهراً، أو تعنّى فيه برضا أصحاب المرعى، فلا بأس ببيعه بأكثر ممَّا اشتراه؛ لأنَّه قد عمل فيه عملاً فبذلك يصلح له[2]

ومضمرات سُماعة مقبولة.

وعليه، فهي موثَّقة.

ثمَّ إنَّ الاستدلال يتمّ بناءً على إرادة الإجارة من البيع والشِّراء، كما فهمه جملة من الأعلام، منهم الكُلينيّ والشَّيخ وصاحب الوسائل وصاحب الوافي والمصنِّف (قدس سرهم)، وغيرهم، وإن كان الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) أوردها في باب بيع الكلأ والأرضين.

وممَّا يؤكِّد أنَّ المراد من البيع والشِّراء هو الإجارة: أنَّه لا قائل بعدم جواز البيع بما اشتراه بشرط الرَّعي مع المشتري، ولا قائل أيضاً بعدم جواز البيع بأكثر ممَّا اشتراه، سواء شرط الرَّعي أم لا.

ثمَّ إنَّ الإجارة بما استأجره بشرط الرَّعي مع المشتري، أو الإجارة بأكثر ممَّا استأجره، ولم يعمل فيه شيئاً، هو الحرمة لا الكراهة، كما يأتي تحقيقه

 


[1] الوسائل باب5 من أبواب بيع الثِّمار ح1.
[2] الوسائل باب5 من أبواب بيع الثِّمار ح1. الوسائل: ج19، ص130، والكافي: ج5، ص273.
logo