« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

بيع الثِّمار 14// كتاب البيع

الموضوع: كتاب البيع // بيع الثِّمار 14

 

قول الماتن: وللبائع استثناء حصَّة مشاعة من الثَّمرة وأرطال معلومة، فيحمل على الإشاعة

المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز لبائع الثَّمرة أن يستثني حصَّةً مشاعةً، كالثُّلث أو الرُّبع مثلاً.

وفي الجواهر: بلا خلاف ولا إشكال أن يستثني حصَّةً مشاعةً، كالثُّلث أو الرُّبع، بل الإجماع بقسمَيْه عليه أيضًا، بل المشهور بين الأصحاب شهرةً عظيمةً أنَّه يجوز له أيضًا أن يستثني أرطالًا مثلًا معلومةً، بل في التَّذكرة نسبته إلى علمائنا، بل عن الخلاف الإجماع عليه...‌[1]

وقد خالف أبو الصَّلاح الحلبيّ (رحمه الله)، فلم يجوِّزه؛ لأنَّه يؤدِّي إلى جهالة مقدار المبيع من المشاهد الَّذي طريق معرفته المشاهدة.

أقول: أمَّا ما ذهب إليه الأعلام من استثناء الحصَّة المشاعة، فهو متسالم عليهم بينهم.

دليلُ المشهورِ على استثناءِ الأرطالِ المعلومة

وأمَّا ما ذهب إليه المشهور من استثناء الأرطال المعلومة، فتدلُّ عليه روايتان:

الأُولى: رواية ربيعي قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه‌السلام): إنَّ لي نخلًا بالبصرة فأبيعه وأُسمِّي الثَّمن وأستثني الكُرّ من التَّمر أو أكثر أو العدد من النَّخل، فقال: لا بأس، قلتُ: جعلت فداك، بيع السَّنتَيْن، قَاْل: لا بأس قلتُ: جعلت فداك، إنَّ ذا عندنا عظيم، قَاْل: أمَّا إنَّك إن قلت ذاك لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحلَّ ذلك فتظالموا، فقال عليه‌السلام: لا تُباع الثَّمرة حتّى يبدو صلاحها[2]

وهي ضعيفة بمُحمّد بن إسماعيل الَّذي يروي عنه الكلينيّ، فإنَّه البندقيّ النَّيشابوريّ المجهول، وليس ابن بزيع الثِّقة.

الثاَّنية: صحيحته في الفقيه عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) في الرَّجل يبيع الثَّمرة ثمَّ يستثني كيلًا وتمرًا، قَاْل: لا بأس به، قَاْل: وكان مولى له عنده جالسًا، فقال المولى إنَّه ليبيع ويستثني أوساقاً، -يعني : أبا عبدالله عليه‌السلام- قَاْل: فنظر إليه، ولم ينكر ذلك من قوله[3]

وممَّا ذكرنا تعرف أنَّ ما ذهب إليه أبو الصَّلاح الحلبيّ (رحمه الله) من المنع ليس تامّاً؛ لأنَّه في مقابل النَّصّ القريب من الصَّراحة.

أضف إلى ذلك: أنَّه لا جهالة في المقام عرفًا، بعد أن كان مرجع هذا الاستثناء إلى حصَّة مشاعة نسبتها إلى المجموع نسبة الأرطال المعلومة إليه، كما ذكر ذلك المصنِّف (رحمه الله)، حيث قال: (فيحمل على الإشاعة).

 

قول الماتن: حتَّى لو تلف شيء سقط من الثُّنيا مقابلها إذا كان بغير تفريطٍ في الموضعَيْن

سقط من الثُنْيا -بالضَّمّ- أي سقط من المستثنى.

والمراد من الموضعَيْن: هما استثناء الحصَّة المشاعة والأرطال المعلومة.

والمعروف بين الأعلام أنَّه يسقط من المستثنى بالنِّسبة إذا كان التَّلف بغير تفريطٍ من المشتري.

وأمَّا لو كان بتفريط منه، فيكون التَّلف من حصَّته، ويأخذ البائع المستثنى من الباقي.

وكذا لو كان التَّلف بتفريط من الأجنبيّ، فيرجع كلّ منهما إليه بالنِّسبة.

ثمَّ إنَّك قد عرفت أنَّه إذا كان التَّلف بأمر من الله تعالى، فإنَّه يسقط من المستثنى بالنِّسبة.

وطريق توزيع النَّقص على الحصَّة المشاعة: هو أن يجعل الذَّاهب عليهما، والباقي لهما على نسبة الجزء المشاع، كما لو كان المستثنى هو الثُّلث، وذهب نصف الثَّمرة، فيتلف من البائع نصف الثُّلث، وهو السُّدس، ومن المشتري الثُّلث الَّذي هو نصف الثُّلثَيْن والباقي بينهما كذلك.

وأمَّا ما في الأرطال المعلومة، فيُؤخذ بالتَّخمين، فإذا كانت الأرطال المستثناة بالتَّخمين هي ربع المبيع، وتلف من الثَّمرة نصفها سقط من البائع ثمن المبيع، ويبقى له ثمنه.

 

قول الماتن: أمَّا لو استثنى ثمر شجرات بعينها فلا

اِعلم أوَّلاً: أنَّه لا إشكال في استثناء ثمرة شجراتٍ أو نخلاتٍ بعينها.

وفي الجواهر: بلا خلاف ولا إشكال، بل الإجماع بقسمَيْه عليه....

وبالجملة، فهو متسالم عليه قديماً وحديثاً، ولم يخالف أحد من الأعلام، وكذا يجوز استثناء عِذْق معيَّن بالاتِّفاق، هذا أوَّلاً.

وثانياً: أنَّه لا يسقط من المستثنى شيءٌ بتلف شيءٍ من المبيع لامتياز حقِّ كلِّ واحدٍ منهما عن صاحبه، فإنَّ استثناء المعيَّن، كبيع الباقي منفردًا.

 


[1] الجواهر: ج24، ص85.
[2] الوسائل باب1 من أبواب بيع الثِّمار ح4.
[3] الوسائل: ج18، ص242.
logo