< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/08/10

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المعاملات/کتاب البیع/بیع الحیوان

 

بقي الكلام في أنَّ المعتبر ترك الوطء قبلاً ودُبراً، أم قُبلاً فقط؟

المعروف بينهم هو ترك الوطء قُبلاً ودُبراً، واحتمل بعض الأعلام تخصيص الوطء بالقُبل؛ باعتبار أنَّ المتبادر من الأدلَّة هو ترك الوطء في القُبل.

ومال إليه صاحب الرِّياض (رحمه الله) بعد أن حُكي عن بعض المُحقِّقين الخلاف في تعميم الوطء للدُّبر، فخصّه بالقُبل.

أقول: لا إشكال في اعتبار ترك الوطء في القُبل في الاستبراء، ولو مع العزل؛ لإطلاق الرِّوايات، ولعلَّه لعدم القطع بعدم الحبل منه، ولذا يُلحق به الولد مع الوطء والعزل؛ ضرورة إمكان سَبْق الماء من غير شعورٍ.

وأمَّا اعتبار ترك الوطء في الدُّبر، فهو الصَّحيح أيضاً للإطلاق؛ إذ ظاهر النَّهي في الرِّوايات هو التّعبُّد؛ إذ ليس في شيءٍ منها ما يقتضي كون ذلك من جهة الحبل على وجه يكون عليه المدار، بل قد عرفت أنَّ ذلك كان على وجه الحكمة لا العلّة.

وبالأخصّ: ما ورد في صحيحة سعد بن سعد الأشعريّ، عن أبي الحسن الرِّضا (عليه السَّلام) ©قال: سألته عن رجل يبيع جاريةً كان يعزل عنها هل عليه فيها استبراء، قال: نعم...®(2)، فإنَّ العزل لا حمل معه غالباً، ومع ذلك وجب الاستبراء.

***

 

قوله: (ولا استبراء في الصَّغيرة واليائسة)

المعروف بين الأعلام أنَّه لا استبراء في الصَّغيرة الَّتي لا تحيض؛ لعدم بلوغ التِّسع سنين، وكذا لا استبراء للكبيرة الَّتي بلغت حدّ اليأس، بل المسألة متسالم عليها.

ومع ذلك تدلّ على ما ذكرناه جملةٌ من الرِّوايات:

منها: رواية عبد الرَّحمان بن أبي عبد الله ©قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عَنِ الرَّجل يشتري الجارية الَّتي لم تبلغ المحيض، وإذا قعدت من المحيض ما عدّتها؟ وما يحلُّ للرَّجل مِنَ الأَمَة حتَّى يستبرئها قبل أن تحيضَ؟ قَاْل: إذا قعدتْ عَنِ المحيضِ، أو لم تحض، فلا عدَّة لها، والَّتي تحيض فلا يقربها حتَّى تحيض وتطهر®(3).

وهي ضعيفة؛ لجهالة طريق الشَّيخ إلى عليِّ بن إسماعيل الميثميّ.

ومنها: رواية عبد الله بن عَمْرٍو ©قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله، أو لأبي جعفر (عليهما‌السلام): الجاريةُ الصَّغيرة يشتريها الرَّجل، وهي لم تدرك، أو قد يئستْ مِنَ المحيض، قَاْل: فقال: لا بأس بأنْ لا يستبرئها®(4).

وهي ضعيفة بجهالة عبد الله بن عَمْرٍو، وهشام بن الحارث.

ومنها: مرسلة الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الفقيه ©قَاْل: قَاْل أبو جعفر(عليه السَّلام): إذا اشترى الرَّجل جاريةً لم تُدرك، أو قد يئستْ مِنَ المحيض، فلا بأس بأنْ لا يستبرئها®(5).

وهي ضعيفة بالإرسال، وكذا غيرها ممَّا سيأتي -إن شاء الله تعالى-.

ثمَّ إنَّه عندنا بعض الرِّوايات دلَّت على جواز وطء الصَّغيرة، مع أنَّه من المتَّفق عليه بين الأعلام عدم جواز الوطء قبل بلوغها.

ومن جملة الرِّوايات الدَّالّة على ذلك: صحيحة الحلبيّ عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©أنَّه قَاْل في رجلٍ ابتاع جاريةً، ولم تطمثْ، قَاْل: إنْ كانت صغيرةً، لا يتخوَّف عليها الحبل، فليس له عليها عدَّةٌ، وَلْيطأها إن شاء...®(6).

ومنها: رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©قَاْل في الجارية الَّتي لم تطمث، ولم تبلغ الحمل، إذا اشتراها الرَّجل؟ قَاْل: ليس عليها عدَّةٌ يقع عليه®(7).

وهي ضعيفة؛ لأنَّ إسناد الشَّيخ (رحمه الله) إلى عليِّ بن إسماعيل الميثميّ مجهولٌ.

والجواب عن ذلك: أنَّه يمكن المراد أنَّها كانت صغيرةً عند البائع، فلو وطأها البائع -وإن فعل مُحرّماً- كان في حال عدم البلوغ، وأنَّها بلغت عند المشتري قبل الاستبراء فلا بأس حينئذٍ أن يطأها المشتري بدون الاستبراء؛ لعدم إمكان حملها من البائع، حيث إنَّها لم تكن بالغةً يومئذٍ، وكونها بالغةً عند وطء المشتري، والله العالم.

 

_____________

(1)و(2) الوسائل باب3 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح1و3.

(3)و(4)و(5) الوسائل باب7 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح1، وذيل ح1، وح2.

(6) الوسائل باب3 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح1.

(7) الوسائل باب10 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح2.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo