< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/07/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان (25)

 

قوله: (ورواية زُرارة مُصرِّحةٌ بإطلاق جواز زيادة ماله على ثمنه) روى الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) بإسناده عن زرارة ©قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه‌السلام): الرَّجل يشتري المملوك وماله، قَاْل: لا بأس، قلتُ: فيكون مال المملوك أكثر ممَّا اشتراه به؟ قَاْل: لا بأس به®(1).

وهي، وإن كانت ضعيفةً في الكافي بعليّ بن حديد، إلَّا أنَّها صحيحةٌ في الفقيه.

ومقتضى إطلاق هذه الصَّحيحة عدم الرِّبا فيما لو باع العبد وماله، وكان ربويّاً، وبيع بجنسه، وإن كان المال الموجود أكثر من الثَّمن، فتكون منافيةً لما تقدّم.

وذكر جماعة من الأعلام أنَّه لا بأس بالالتزام بمورد الصَّحيحة، فيكون هذا مستثنى من حُكم الرِّبا.

أقول: قد عرفت سابقاً أنَّ القول بلزوم الرِّبا مبنيٌّ على عدم ملك العبد، وأمَّا لو كان يملك فلا ربا؛ لأنَّ ماله ليس جُزءاً من المبيع ليقابل بالثَّمن.

وعليه، فيمكن أن تكون الصَّحيحة واردةً في هذا المورد، وتكون مُؤيِّدة للقول: بأنَّ العبد يملك.

ويمكن أيضاً حَمْل المال الموجود مع العبد على كونه من غير جنس الثَّمن.

والخُلاصة: أنَّه لسنا بحاجة للقول: بأنَّ هذا المورد مُستثنى من حكم الرِّبا، والله العالم.

***

 

قوله: (وروى فُضيل: أنَّه لو قال لمولاه: بعني بسبعمائة ولك عليَّ ثلاثمائة، لزمه إنْ كان له مالٌ حينئذٍ)

ذكرنا الرِّواية سابقاً، وهي رواية الفُضيل بن يسار ©قَاْل: قال لي عبدٌ مسلمٌ عارف -إلى أن قال لأبي عبد الله (عليه‌السلام):- إن كان يوم شرطت لك مالٌ فعليك أن تعطيَه، وإن لم يكن لك مالٌ يومئذٍ فليس عليك شيءٌ®(2).

وقد عرفت أنَّها ضعيفة بجهالة العبد الرَّاوي الَّذي لم يظهر من الرِّواية إلَّا كونه عبداً مسلماً عارفاً.

***

 

قوله: (وأطلق في صحيحة الحلبيّ لُزوم الجُعالة لبائعه)

هذه الصَّحيحة رواها الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الفقيه، والشَّيخ الطُّوسيّ (رحمه الله) في التَّهذيب، عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©في الرَّجل يبيع المملوكَ، ويشترط أن يجعل عليه شرطاً؟ قَاْل: يجوز®(3).

وهي مطلقة في لزوم ما جعل له، حيث لم تقيد بما إذا كان له مال حين الشرط.

***

 

قوله: (وقال الشَّيخ وأتباعه: لو قال لأجنبيّ: اِشترني، ولك عليَّ كذا، لزمه، إن كان له مالٌ حينئذٍ)

قال الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية: ©إذا قال مملوكُ إنسانٍ لغيره: اِشترني! فإنَّك إذا اشتريتني كان لك عليَّ شيءٌ معلومٌ، فاشتراه، فإنْ كان للمملوك في حال ما قال ذلك له مالٌ لزمه أنْ يُعطيَه ما شرط له، وإنْ لم يكن له مالٌ في تلك الحال لم يكن عليه شيءٌ...®(4).

ووافقه جماعة من الأعلام المتأخِّرين.

***

 

قوله: (وهذا غير المرويّ)

لأنَّ المرويّ في رواية الفُضيل، وصحيحة الحلبيّ، أنَّ الجعل للمولى البائع لا للمشتري.

***

 

قوله: (وأنكر ابن إدريس، ومَنْ تبعه، اللُّزوم، وإن كان له مالٌ، بناءً على أنَّ العبد لا يملك)

قال ابن إدريس (رحمه الله): ©وهذه رواية أوردها شيخنا في نهايته إيراداً لا اعتقاداً، لأنَّ العبد عندنا لا يملك شيئاً؛ لقوله تعالى: {عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ}، فنفى تعالى أن يقدر العبد على شيءٍ، فلا يصحّ القول بذلك، فأمَّا على قول بعض أصحابنا: إنّه يملك فضل الضَّريبة، وأُروش الجنايات، يصحّ ذلك، والصَّحيح من المذهب: أنّه لا يملك ذلك أيضاً®(5).

***

 

قوله: (والأقرب: ذلك في صُورة الفرض؛ لتحقُّق الحَجْر عليه من السّيِّد، فلا يجوز جعله لأجنبيّ)

اِستقرب المُصنِّف (رحمه الله) ما ذكره ابن إدريس (رحمه الله)، وهو عدم لُزوم الجُعالة؛ لأنَّ مع كون الشَّرط للمشتري حسب الفرض، كما ذكره الشَّيخ (رحمه الله) وأتباعه، إن قلنا: بأنَّ العبد لا يملك، فيبطل الشَّرط، أي الجهالة، سواء كان معه مالٌ أم لا؛ إذ كيف يجعل شيئا للمشتري، وهو لا يملكه.

وإن قلنا: إنَّه يملك، فهو محجور عليه، فتتوقَّف صحَّة جُعالته للمشتري على إذن مولاه، وهو غير حاصلٍ.

والخُلاصة: أنَّه لا يجوز جعله للأجنبيّ، كما ذكره المُصنِّف (رحمه الله).

***

 

قوله: (أمَّا صُورة الرِّواية، فلا مانع منها على القولَيْن، أمَّا على أنَّه يملك فظاهر، وأمَّا على عدمه فأظهر)

صُورة الرِّواية -أي رواية الفُضيل، وصحيحة الحلبيّ-: ما كان الجعل للمولى البائع لا للمشتري، فلا مانع من الالتزام بمضمونها على القولَيْن، أي القول بملك العبد، والقول الآخر بعدم ملكه.

أمَّا على القول: بملكه، فواضح؛ لأنَّ الحَجْر عنه زائلٌ برضا المولى بذلك.

وأمَّا على القول: بعدم ملكه، فأوضح؛ لأنَّ المال للمولى، وهو راضٍ بذلك، فما ذكره المُصنِّف (رحمه الله) في غاية الصِّحّة والمتانة، والله العالم.

____________

(1) الوسائل باب8 من أبواب بيع الحيوان ح1.

(2) الوسائل باب51 من أبواب كتاب العتق ح1.

(3) الوسائل باب19 من أبواب بيع الحيوان ح2.

(4) النِّهاية -ط دار الكتاب العربيّ، بيروت-: ص412.

(5) السَّرائر -ط جماعة المُدرّسين قم-: ج3، ص353.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo