< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/07/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

 

قوله: (واختلف في كون العبد يملك، فظاهر الأكثر ذلك، وفي النِّهاية: يملك ما ملّكه مولاه، وفاضل الضَّريبة، وأرش الجناية، بمعنى جواز التّصرُّف، وجواز تزويجه منه، وتسرّيه، وعتقه، لا بمعنى ملك رقبة المال)

اِختلف الأعلام في كون العبد، وكذا الأمَة، يملك أم لا؟

فالمعروف بين الأعلام أنَّه لا يملك مطلقاً، أي لا عيناً ولا منفعةً مستقرّاً، ولا متزلزلاً.

وفي التَّذكرة: ©عند أكثر علمائنا®، وفي زكاة الخلاف ونهج الخلاف: ©الإجماع عليه®، وفي شرح القواعد للشَّيخ جعفر (رحمه الله): أنَّه ©مشهور غاية الاشتهار بين المُتقدِّمين والمُتأخِّرين مُدّعى عليه الإجماع مُعبّراً عنه بلفظه الصَّريح من جماعة وبما يفيده بظاهره بعبارات مختلفة من نقلة مُتعدِّدين، كمذهب الإماميّة، ومذهب أصحابنا، وعندنا...®(1).

وفي الرِّياض: ©أنَّه الأشهر بين أصحابنا، كما حكاه جماعةٌ منَّا، وهو الظَّاهر من تتبّع كلماتهم جدّاً، حيث لم أقف على مخالف لهم في ذلك إلَّا نادراً...®.

وقيل: يملك فاضل الضَّريبة، خاصَّة الَّتي يضربها عليه مولاه كلّ سنةٍ، كما في صحيحة عمر بن يزيد ©قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن رجلٍ أراد أن يعتقَ مملوكاً له، وقد كان مولاه يأخذ منه ضريبةً فرضها عليه في كلّ سنةٍ، ورضي بذلك، فأصاب المملوك في تجارته مالاً، سوى ما كان يُعطي مولاه من الضَّريبة؟ قَاْل: فقال: إذا أدَّى إلى سيِّده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك...®(2).

وسنذكره بتمامه -إن شاء الله تعالى- عند الاستدلال لهذا القول.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّه لا يُعرف صاحب هذا القول بالخُصوص.

وقيل: يملك أرش الجناية، فلو أُصيب العبد في نفسه بما يستحقّ به الأرش كان له ذلك، ولم يعرف صاحب هذا القول أيضاً.

وقيل: إنَّه يملك ما ملّكه مولاه خاصّة.

وقيل: يملك هذه الثَّلاثة، أي فاضل الضَّريبة، وأرش الجناية، وما ملَّكه مولاه، وقد حُكي القول بذلك عن بعضهم.

وقيل: يملك مطلقاً، لكنَّه محجورٌ عليه بالرِّقّ حتَّى يأذن له المولى.

ذهب إليه المُحقِّق (رحمه الله) في الشَّرائع، وظاهر المُصنِّف (رحمه الله) في الحواشي اختياره، وحُكي الشَّيخ جعفر (رحمه الله) في شرح القواعد نسبته إلى الأكثر في رواية، وإلى ظاهر الأكثر في أُخرى، واختاره صاحب الجواهر (رحمه الله)، وفي الإنصاف عندنا.

إذا عرفت ذلك، فنقول:

أمَّا القول الأوَّل -وهو أنَّه لا يملك مطلقاً-: فقدِ استدلّ له بجملةٍ من الأدلَّة، نذكر أهمّها:

منها: ما ذكره العلَّامة (رحمه الله) في المُختلف من ©أنَّه لو ملك لمَا جاز له أخذه منه قهراً، والتَّالي باطلٌ إجماعاً، ولِما رواه مُحمّد بن إسماعيل -في الصَّحيح- عَنِ الرِّضا (عليه السلام)، قَاْل: سألتُه عَنِ الرَّجل يأخذ من أمِّ ولده شيئاً وهبةً لها بغير طيب نفسها من خدمٍ أو متاعٍ، أيجوز ذلك له؟ قَاْل: نعم، إذا كانت أمَّ ولده®(3).

وعليه، فإذا كان التَّالي باطلاً، أي عدم جواز الأخذ باطل، فالمُقدّم -وهو جواز تملّكه- مثله، أي باطل.

والنَّتيجة: أنَّه لا يملك.

وقدِ استُدلّ أيضاً: بقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ۖ هَلْ يَسْتَوُونَ ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[النَّحل: 75].

وجه الاستدلال بهذه الآية الشَّريفة: أنَّ وصف العبد بعدم القُدرة على شيءٍ يقتضي نفي القُدرة له على الملك الحاصل بواسطة الأسباب الاختياريّة؛ لأنَّ الشَّيء نكرةٌ في سِياق النَّفي، فيكون للعموم، ومتى ثبت امتناع الملك الاختياريّ للعبد ثبت امتناع الملك القهريّ له أيضاً.

وممَّا يُؤكّد: أنَّ المراد من الآية الشَّريفة ما ذكره صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السَّلام) وأبي عبد الله (عليه السَّلام) ©قالا: المملوك لا يجوز طلاقُه، ولا نكاحُه، إلَّا بإذن سيِّده، قلتُ: فإنَّ السّيِّد كان زوَّجه، بيد مَنِ الطَّلاق؟ قَاْل: بيد السّيِّد {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ}، أفشيءٌ الطَّلاق؟! ®(4).

______________

(1) شرح القواعد -ط م. كاشف الغطاء-: ج1، ص304.

(2) الوسائل باب9 من أبواب بيع الحيوان ح1.

(3) الوسائل باب10 من أبواب كتاب الهبات ح2، وفيها: ©قَاْل: سألتُ الرِّضا (عليه‌السلام) عن الرَّجل...®.

(4) الوسائل باب 45 من أبواب مقدّمات الطَّلاق وشرائطه ح1.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo