< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

ومنها: حسنة هشام بن الحكم قَاْل: اشتريت له جاريةً من الكُوفة، قَاْل: فذهبتْ لتقومَ في بعض الحاجة، فقالتْ: يا أُمَّاه، فقال لها أبو عبد الله (عليه‌السلام): ألك أُمّ؟ قالت: نعم، فأمر بها فرُدَّت، وقَاْل: ما أمنتُ لو حبستُها أنْ أرى في ولدي ما أكره®(1).

ومنها: صحيحة ابن سنان -يعني عبد الله- عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) ©أنَّه قَاْل في الرَّجل يشتري الغلام أو الجارية، وله أخٌ أو أختٌ أو أبٌ أو أمٌّ بمصر من الأمصار، قَاْل: لا يخرجه إلى مصر آخر إن كان صغيراً، ولا يشتريه، وإن كان له أُمٌّ فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت®(2).

ومنها: صحيحة عَمْرو بن أبي نصر ©قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله (عليه‌السلام): الجارية الصَّغيرة يشتريها الرَّجل، فقال: إنْ كانتْ قدِ استغنتْ عن أبوَيْها فلا بأس®(3).

والرِّواية صحيحة، والتَّعبير عنها بالخبر المُشعر بضعفها في غير محله، والمراد من العبّاس بن موسى المذكور في السَّند هو أبو الفضل الورّاق الثِّقة.

ومنها: النَّبويّ ©مَنْ فرَّق بين والدة وولدها فرَّق الله بينه وبين أحبّته يوم القيامة...®(4)، وهو ضعيفة بالإرسال.

وأمَّا مَنْ ذهب إلى الكراهة، فقدِ استدلّ بالأصل، وبالحديث النَّبويّ المُتّفق عليه بين الأعلام، وهو ©النَّاس مُسلّطون على أموالهم®، فإنَّه بعمومه يشمل ما نحن فيه.

وقدِ استدلّ أيضاً: بما دلّ على جواز شراء الجواري، ونحو ذلك.

والإنصاف: هو القول بالحرمة.

أمَّا الاستدلال على الكراهة بالأصل، فهو غريب، مع وجود الرِّوايات الدالة على الحرمة، وبالأخصّ موثَّقة سماعة.

وأمَّا الحديث النَّبويّ، فهو عامّ مُخصّص بالرِّوايات المُتقدِّمة.

وكذا يُقال بالنِّسبة لما دلّ على شراء الجواري.

وأمَّا الحديث النَّبويّ الأخير، فهو ضعيفة، كما عرفت.

ومنه، تعرف عدم صحَّة ما ذكره صاحب الجواهر (رحمه الله)، حيث قال: لا يخفى على الفقيه العارف بلسانهم (عليهم السَّلام) إرادة الكراهة من أمثال هذه الخطابات...، يقصد الرِّوايات المُتقدِّمة.

ولا يخفى عليك بُعد إرادة الكراهة من قوله (عليه السَّلام) في موثَّقة سماعة المُتقدِّمة فقال: لا، وهو حرام....

ومهما يكن، فإنَّ ما ذكرناه هو مقتضى الصِّناعة العلميّة، كما أنَّه موافق للاحتياط، والله العالم.

الأمر الثَّاني: المشهور بين الأعلام -كما في التَّذكرة- أنَّ الاستغناء يحصل ببلوغ سبع سنين، من غير فرق بين الذَّكر والأُنثى.

ومقتضى إطلاق المحكيّ عن المقنعة والنِّهاية والمراسيم كفاية استغناؤه عن الرِّضاع.

وذكر جماعة من الأعلام، منهم المحقق الكركي أنَّ الخلاف هنا مترتب على الخلاف في الحضانة.

قال في جامع المقاصد: والَّذي يقتضيه صحيح النَّظر الفرق بينهما؛ لأنَّ الفرق في حضانة الحُرّة قد وقع، فجوز الَّتفريق بعد سنتين في الذَّكر، وبعد سبع في الأُنثى على المشهور بين المتأخِّرين، فَلْيجز ذلك في الأَمَة؛ لأنَّ حقَّها لا يزيد على حقِّ الحُرّة، ولأنَّ «النَّاس مُسلَّطون على أموالهم»، خرج منه ما دلّ الدَّليل على منع التَّفرقة فيه بين مُطلق الأمهات والأولاد، فيبقي الباقي على الأصل، ولأنَّ الأخبار الدَّالّة على عدم جواز التَّفريق لا تحديد فيها، فيحمل إطلاقها على المُدّة المُحرّمة بمقتضى الحضانة؛ لأنَّ ذلك هو الحقّ المُقرّر للأمّ في كون الولد معها في نظر الشَّارع، وإطلاق الأصحاب هنا يحتمل أمرَيْن: إمَّا الحوالة على ما هناك، أو لعدم الظَّفر بما يُعيّن المراد، وقد صرَّح به بعض متأخِّري الأصحاب، وهو الشَّيخ أحمد بن فهد، بأنَّ المسألة هنا مبنيَّة على الأقوال في الحضانة، فكان شاهداً لما قلناه، وهذا هو الصَّواب الَّذي ينبغي المصير إليه...(5).

وقد وافقه على ذلك الشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في المسالك والروضة، والسّيِّد عليّ (رحمه الله) في الرِّياض، والمُحقِّق الميسيّ (رحمه الله).

______________

(1)و(2)و(3) الوسائل باب13 من أبواب بيع الحيوان ح4و3و1و5.

(4) المستدرك باب10 من أبواب بيع الحيوان ح4.

(5) جامع المقاصد للمُحقِّق الكركيّ -ط آل البيت(عليهم السَّلام)، قم المُقدّسة-: ج4، ص158.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo