< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

قوله: (ولا يصحّ استثناء البائع وطء الجارية)

إذ لا يجوز له الوطء بعد بيعها.

وعليه، فهذا الاستثناء باطلٌ، ومخالفٌ للشَّريعة الإسلاميّة.

    

 

*قوله: (نعم، لو شرط تزويجها أو تحليلها أمكن الصِّحّة)*

بل لا إشكال في الصِّحّة؛ لأنَّ هذا الشَّرط ليس مخالفاً لكتاب الله وسنّة نبيّه (صلى الله عليه وآله).

وبالجملة، فإنَّ كلّ شرطٍ تعلّق بفعل أمرٍ مباح، أو تركه، لا يكون مخالفاً لمقتضى العقد، ولا للكتاب، والسُّنّة النَّبويّة الشَّريفة؛ إذ لا يوجد في الشَّريعة ما يدلّ على حُرمة الالتزام بفعل المباح أو المُستحبّ أو المكروه، أو تركه، والله العالم.

    

 

*قوله: (ولو أطلق بيع الحامل دخل عندهما، خلافاً للأكثر)*

المعروف بين الأعلام أنَّه إذا باع الحامل، جاريةً كانت أو دابّةً، فالولد للبائع وإن لم يشترطه.

وفي الجواهر: (على الأشهر، بل المشهور، بل ربّما ادُّعي عدم الخلاف فيه، بل في السَّرائر الإجماع عليه...).

 

وفي المقابل، ذهب بعض الأعلام، منهم الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، وابن البرَّاج (رحمه الله) في جواهر الفِقه، والمُهذّب، إلى أنَّ الولد للمشتري فهو يتبع الأم.

ونُقِل عن الشَّيخ (رحمه الله) أنَّه احتجّ على ما ذهب إليه في المبسوط بأنَّ الحَمْل جُزء من الحامل يجري مجرى عضو من أعضائه، فيدخل، ولا يصحّ استثناؤه، حتَّى حكم بفساد البيع لو استثناه البائع، كما لو استثنى جُزءًا مُعيّناً.

 

*ولكنَّ الإنصاف:* ما ذهب إليه المشهور من عدم دخول الحمل في متعلق البيع، إلَّا إذا اشترطه المشتري.

 

وأمَّا دعوى الجُزئيّة، فهي واضحة المنع، لاسيّما بعد ثبوت الأحكام الشَّرعيّة للحَمْل مُستقلّاً، كالتَّحرير، والوصيّة له، والإرث، والوقف، فهو مغاير للحامل، كالثَّمرة.

 

وأمَّا ما ورد في موثَّقة السَّكونيّ عن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السَّلام) *(في رجلٍ أعتق أَمَةً، وهي حُبلى، فاستثنى ما في بطنها، قال: الأمة حُرّة، وما في بطنها حُرّ، لأنَّ ما في بطنها منها)(1)،* حيث يظهر منها أنَّ الولد تابع للأم، وأنَّه لا يصلح استثناؤه من حيث أنَّه منها، وجُزء من أجزائها.

ومن هنا، ذهب الشَّيخ (رحمه الله)، وجماعة من الأعلام في باب العِتق، إلى سريان عِتق الحامل إلى الحَمْل؛ للمُوثَّقة المذكورة.

 

ولكنَّ هذه المُوثَّقة تُعارضها موثَّقة عثمان بن عيسى الكلابيّ عن أبي الحسن الأوَّل (عليه السَّلام) *(قَاْل: سألتُه عَنِ امرأةٍ دبَّرت جاريةً لها، فولدت الجارية جاريةً نفيسةً، فلم تدرِ المرأة حال المولودة هي مُدبِّرة، أو غير مُدبِّرة، فقال لي: متى كان الحمل بالمُدبِّرة؟ أقبل ما دبّرت، أو بعد ما دبّرت؟ فقلتُ: لست أدري، ولكن أجبني فيهما جميعاً، فقال: إنْ كانت المرأة دبّرت، وبها حبل، ولم تذكر ما في بطنها، فالجارية مُدبّرة، والولد رقّ، وإنْ كان إنَّما حدث الحمل بعد التَّدبير، فالولد مُدبّرٌ في تدبير أمِّه)(2).*

حيث إنَّها ظاهرةٌ في أنَّه في صُورة العلم بالحَمْل، وعدم إدخاله في التَّدبير، لا يسري التَّدبير إليه، بل يبقى على الرِّقيّة، ويكون لصاحبه.

 

*وعليه،* فإن قلنا: بأنَّ إعراض المشهور عن رواية يُوجب ضعفها، فتكون موثَّقة السَّكونيّ ضعيفةً؛ لإعراض المشهور عنها، بل حتَّى الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية، وابن البرّاج (رحمه الله) في الكامل قال بمقالة المشهور.

ومن هنا، لم نطمئنّ بمخالفة الشَّيخ وابن البرّاج (رحمهما الله)، فلعلّ جميع المُتقدّمين أعرضوا عنها، وإعراض الجميع يُوجب الوهن، بخلاف إعراض المشهور، فإنَّه لا يُوجب الوهن.

*وعليه،* فإذا لم يثبت إعراض الكُلّ عنها، فلا تكون ساقطةً عن الاعتبار.

ومقتضى القاعدة: هو سُقوط الرِّوايتَيْن عن الحُجيّة للتَّعارض، ونرجع إلى الأصل الَّذي هو بقاء الولد على ملك بائعه بعد عدم دخول الحَمْل في مُتعلّق البيع، إلَّا أن يشترطه المشتري، فيدخل في المبيع، وإن كان مجهولاً؛ لانضامه إلى المعلوم وتبعيّته له.

 

*وبالجملة،* لا تضرّ جهالة المشترط بعد عدم رجوع الجهالة إلى الثَّمن، والمثمن.

_____________________

(1) الوسائل باب69 من أبواب كتاب العِتق ح1.

(2) الوسائل باب5 من أبواب التَّدبير ح2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo