< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

وأمَّا الأمر الثَّاني: فلا إشكال أيضاً في جواز بيع الحامل وحدها، فيكون مشمولاً لإطلاقات صحَّة البيع مع عدم المانع.

وقد ذهب الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، والقاضي في جواهر الفقه، والمُهذَّب إلى المنع.

قال في المبسوط: (وإن باع بهيمةً أو جاريةً حاملاً، واستثنى حملها لنفسه لم يجز؛ لأنَّ الحمل يجرى مجرى عضو من أعضائها)(1)، فيدخل، ولا يصحّ استثناؤه، حتَّى حكم بفساد البيع لو استثناه البائع، كما لو استثنى جزءًا معيّناً.

وتعجَّب منه المُصنّف (رحمه الله) في حواشيه، حيث إنَّه منع من بيع الحامل مستثنى حملها؛ لأنَّه كالجُزء، وجوزوا استثناء الرَّأس والجلد، مع أنَّه جُزء حقيقةً.

*أقول:* لا إشكال في صحَّة بيع الحامل وحدها؛ لما عرفت من شمول عمومات صحَّة البيع لهذه الصُّورة، وعدم المانع؛ إذ تمنع من مساواة بيع الحمل وعضو من أعضائها، فإنَّه تصحُّ الوصيّة للحمل -لو كان المبيع جاريةً حاملاً- كما يصحّ تحريره وتدبيره، والوقف له والإرث، وغيرها.

وبالجملة، فيلحقه أحكام كثيرة لا تتعلّق بالأعضاء.

وعليه، فلا مساواة بينهما.

*وأمَّا الأمر الثَّالث:* لو بيع الحمل منفرداً فلابُدّ من اعتبار الشَّرائط في البيع المُستقلّ، والَّتي منها عدم الغرر.

ومن الواضح لُزوم الغرر في البين؛ للجهالة.

ومثله لو جُعل له ثمنٌ مستقلٌّ في ذلك العقد؛ إذِ المتيقّن من السِّيرة بيع الحَمْل مع الحامل بثمن واحد بقصد الانضمام أو بدونه، لا مع قصد عدم الانضمام، والله العالم.

    

 

*قوله: (ويصحُّ بيع المُرتدّ عن ملَّةٍ لا عن فِطْرةٍ على الأقوى)*

المعروف بين الأعلام أنَّ الأَناسيّ من الحيوان يملك بالسَّبيّ مع الكفر الأصليّ، وكذا الذِّميّ يُملك إذا خرق عقد الذِّمّة.

واحتُرز بالكُفر الأصليّ عن المُرتدّ الَّذي خرج كفره المًتجدِّد -بتخلُّل الإسلام، أو ما في حكمه- عن كونه أصليّاً؛ لأصالة الحُرية السَّالمة عن المُعارض بعد اختصاص الفتاوى والنُّصوص -ولو بحكم التَّبادر- في غيره بالاتِّفاق، كما خرج بالأصليّ المنتحل للإسلام المُتحصِّن به عن الاسترقاق.

وفي الحدائق: (المُرتدّ، وإن كان بحكم الكافر في جملة من الأحكام، إلَّا أنَّه لا يجوز سبيه، وفي جواز بيع المُرتدّ المليّ قول قوَّاه في الدُّروس، وأمَّا الفِطريّ فلا، قولاً واحداً فيما أعلم)(2).

قال العلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة: (المُرتدّ إنْ كان عن فطرةٍ، ففي صحَّة بيعه نظرٌ، ينشأ من تضادّ الحكمَيْن، ومن بقاء المُلك، فإنَّ كَسْبه لمولاه، أمَّا عن غير فطرةٍ، فالوجه: صحَّة بيعه، لعدم تحتُّم قَتْله؛ لاحتمال رجوعه إلى الإسلام)(3).

والإنصاف: أنَّه لا يصح للمالك بيع العبد المرتدّ، سواء كان ارتداده عن فطرة أو عن ملّة؛ وذلك لأصالة الحُرية السَّالمة عن المُعارض بعد اختصاص النُّصوص -ولو بحكم التَّبادر- في غيره.

______________

(1) المبسوط للشَّيخ الطُّوسيّ -ط المكتبة المرتضويّة، طهران-: ج2، 156.

(2) الحدائق للمُحقِّق البحرانيّ -ط جماعة المدرّسين-: ج19، ص372.

(3) التَّذكرة -ط آل البيت (عليهم السَّلام) قم المُقدَّسة-: ج10، ص45.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo