< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

قوله: (ولو اشتركوا في حيوان بالأجزاء المُعيّنة لغا الشَّرط، وكان بينهم على نسبة الثَّمن)*

ذكر جماعة من الأعلام أنَّه لو اشترك اثنان أو جماعة في حيوان، وشرط أحدهما أو أحدهم لنفسه الرَّأس والجلد، كان شريكاً بنسبة قيمة الرَّأس والجلد، فحكموا بصحَّة البيع والشَّرط مع الذَّبح أو إرادته والبطلان مع عدم ذلك.

*وعليه،* فقد حكموا بإجراء حكم المسألة الأُولى في هذه المسألة.

 

*وقدِ استدلّوا:* بحسنة هارون بن حمزة الغنويّ المُتقدِّمة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(في رجلٍ شهد بعيراً مريضاً، وهو يُباع، فاشتراه رجلٌ بعشرة دراهم، وأشرك فيه رجلاً بدرهمَيْن بالرَّأس والجلد، فقضى أنَّ البعير برىء، فبلغ ثمنه دنانير، قَاْل: فقال: لصاحب الدِّرهمَيْن خُمس ما بلغ، فإنْ قال: أُريد الرَّأس والجلد فليس له ذلك، هذا الضّرار، وقد أُعطي حقّه إذا أعطى الخُمس)(1).*

 

قال صاحب الرِّياض (رحمه الله) -بعد أن ذكر حسنة هارون المُتقدِّمة-: (ويأتي فيه ما مرّ مع ظُهوره -كما سبق- فيما يقصد ذَبْحه لا مطلقاً -إلى أن قال:- إلَّا إنِّي لم أقف على مخالف هنا، عدا شيخنا الشَّهيد الثَّاني ومَنْ تبعه من بعض أصحابنا، حيث جعلوا الحكم فيه وفيما سبق واحداً، وهو كذلك إن لم يكن انعقد الإجماع على خلافه، وربّما احتمله في شرح القواعد للمُحقِّق الثَّاني، ولعلَّه وجه الفرق بينهما في العبارة وغيرها من التّردُّد في الأوَّل، والجزم بالحكم هنا، وهو حسنٌ إنْ تمّ، وإلَّا فمجرّد صحّة السَّند على تقديرها غير كافٍ في الخروج عن مقتضى القواعد المُتقدِّمة جدّاً، مع إمكان تأويل الرِّواية إلى ما يلائمها)(2).

 

*أقول:* مقتضى الإنصاف عدم الفرق في الحكم بين مورد حسنة هارون وغيره ممَّا تقدّم، بل مورد الأوَّل بيع الرَّأس والجلد، فضلاً عن استثنائهما.

 

والمراد من الجميع: ما ذكرناه سابقاً من الحيوان المقصود بالذَّبح للأكل، وما تضمّنته الحسنة من بيعهما على الوجه المذكور، وأنَّه ينتقل إلى الشَّركة إنَّما هو إذا بدا لهما، أو للمشتري منهما، بقاؤه، لا إذا ذُبْح.

ووجه الشَّركة: ما عرفت، وهو الشَّركة على حسب قيمة الرَّأس والجلد.

 

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّ عبارات جملة من الأعلام غيرُ منطبقةٍ على ما في الحسنة؛ لأنَّ الأعلام عبَّروا عن المسألة بما لو اشترك اثنان أو جماعة، وشرط أحدهما لنفسه الرَّأس والجلد...)؛ لأنَّ الحسنة خاليةٌ عن ذِكْر الاشتراط، وإنَّما هي ظاهرة في شراء الرَّأس والجلد من البائع وشراء الآخر ما عداهما أو أنَّ المشتري باع الرَّأس والجلد من الآخر الَّذي أراد شركته.

 

*وبالجملة،* فإنَّ عبارات جملةٍ من الأعلام ليست منطبقةً على المراد من الحسنة المذكورة الَّتي هي المستند في المقام.

 

*وأمَّا ما ذكره* المُصنِّف (رحمه الله) هنا -أي الدُّروس-: (من أنَّه لو اشتركوا في الحيوان بالأجزاء المُعيّنة لغا الشَّرط، وكان بينهم على نسبة الثَّمن)، *فهو* غير ما فرضه الأعلام من المسألة الَّتي مستندها الحسنة المذكورة.

 

ويمكن أن يكون مراد المُصنِّف (رحمه الله) من الشَّرط هو التّواطؤ في غير العقد على وجه لا يلتزم به شرعاً، مع كون الشِّراء على جهة الشَّركة بسبب مزج الثَّمن، كما لو اشتركا في الدَّراهم المجعولة ثمناً للبعير، ولعلَّه يرجع إليه ما في حواشيه على القواعد.

قال في القواعد: (ولو اشتركا في الشِّراء، وشرط أحدهما الرَّأس والجلد، لم يصحّ، وكان له بقدر ماله...).

قال في الحاشية: (أي تصحّ الشَّركة، ويبطل الشَّرط، وإن كان في بيع بطل؛ لتوقُّف العقد على الشرط الفاسد).

ومهما يكن، فإنَّ ما فرضه المُصنِّف (رحمه الله) غير ما فرضه الأعلام، فإن كان مراده من الشَّرط هو ما ذكرناه من التّواطؤ في غير العقد، فبها ونعمت، وإلَّا فهو غير صحيحٍ فيما فرضه، والله العالم.

    

 

*قوله: (ويصحُّ بيع الحامل معه، ومنفردةً عنه، ولا يصحّ إفراده عنها بالبيع، وقال الشَّيخ في المبسوط، والقاضي: ولا إفرادها عنه، فيبطل البيع لو استثناه البائع، وكذا يبطل عندهما لو كان الحَمْل جُزءًا، وهو بعيد)*

يقع الكلام في ثلاثة أمور:

*الأوَّل:* في بيع الحامل مع الحَمْل.

*الثَّاني:* في بيع الحامل وحدها.

*الثَّالث:* في بيع الحَمْل وحده.

 

*أمَّا الأمر الأوَّل:* فقد تقدَّم سابقاً أنَّه يجوز بيع الحامل -جاريةً كانت أو دابّةً- مع الحَمْل، بحيث كان الحَمْل جُزءًا من المبيع، كأن يقول: بعتك الدَّابّة مثلاً، وحملها بكذا خلافاً لجماعة من الأعلام، منهم الشيخ والقاضي (رحمهما الله)، والعلَّامة (رحمه الله) في التَّذكرة، فلم يجوّزوا؛ لجهالة بعض المبيع.

*ولكنَّك* عرفت سابقاً أنَّ هذه الجهالة لا تضرّ مع إرادة الضَّمّ إلى الجُزء المعلوم، فلا غرر في البين.

*أضف إلى ذلك:* أنَّ السِّيرة مُستمرّة على ذلك.

_______________

(1) الوسائل باب22 من أبواب بيع الحيوان ح1.

(2) الرِّياض -ط آل البيت (عليهم السَّلام)، قم المُقدّسة-: ج9، ص53.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo