< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الحيوان

قوله: (ولو استثنى جُزءا معلوماً منه صحّ مع الإشاعة)*

لو باع الحيوان، واستثنى رُبعه أو ثُلثه، ونحوهما، صحّ البيع والاستثناء؛ لما عرفت سابقاً من صحَّة بيع جُزء منه معلوم مشاع، كالثُّلث، والرُّبع، ونحوهما.

وأمَّا استثناء المُعيّن، فقدِ اتَّضح حُكمه، ممَّا تقدَّم من عدم جواز بيع جُزءٍ مُعيّنٍ منه.

وأمَّا استثناء الرَّأس والجلد، فسيأتي الكلام عنهما -إن شاء الله تعالى- عند قوله: (ولوِ استثنى الرَّأس والجلد).

    

 

*قوله: (ولوِ استثنى الرَّأس والجلد، فالمرويّ: الصِّحّة، فإنْ ذبحه فذاك، وإلَّا فإنَّ البائع شريكاً بنسبة القيمة، ولو شرط ذَبْحَه، فالأقرب: جواز الشَّرط إذا كان ممَّا يقصد الذَّبح، فإنِ امتنع، فالأقرب: تخيُّر البائع بين الفسخ وبين الشَّركة بالقيمة)*

اِختلف الأعلام في هذه المسألة على أربعة أقوالٍ:

*الأوَّل:* صحَّة البيع والاستثناء، وأنَّ البائع يكون شريكاً بقدر القيمة، فلو فرضنا أنَّ الحيوان كاملاً قيمته عشرة دراهم، وقيمة ما استثنى درهمان كان شريكاً بالخمس.

ذهب إلى هذا القول الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية والمبسوط والخلاف، وابن البرَّاج (رحمه الله)، والعلَّامة (رحمه الله) في الإرشاد.

 

*الثَّاني:* صحَّة البيع والاستثناء، وأنَّه يكون له ما استُثني، ذهب إليه السّيِّد المرتضى، والشَّيخ المفيد، وأبو الصَّلاح، وسلّار، وابن إدريس (قدِّس سرُّهم)، ولم يذكروا الشَّركة؛ للأصل.

وابن إدريس (رحمه الله)، نفاها صريحاً، حيث قال في السَّرائر: (وإذا باع الإنسان بعيراً، أو بقراً، أو غنماً، واستثنى الرَّأس والجلد، كان ذلك جائزا صحيحاً؛ لأنَّه استثنى معلوماً من معلوم -إلى أن قال:- وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته، وفي سائر كُتبه: إذا باع الإنسان بعيراً أو بقراً أو غنماً واستثنى الرَّأس والجلد، كان شريكاً للمُبتاع بمقدار الرَّأس والجلد، معتمداً على خبر ضعيف، رواه إسماعيل بن أبي زياد السَّكونيّ، وهذا الرَّاوي عاميُّ المذهب، وإن كان يروي عن الصّادق (عليه السلام)، فكيف يترك الأدلَّة القاهرة؛ لرواية هذا الرَّجل؟! وشيخنا المفيد (رحمه الله) لم يقبل به، ولا يُودعه كتابه)(1).

 

*القول الثَّالث:* بطلان البيع بهذا الاستثناء لأدائه إلى الضَّرر والتَّنازع؛ لأنَّ المشتري قد يختار بقاء الحيوان، وعدم ذبحه، وفيه منع البائع من الانتفاع بملكه، وإنِ اختار البائع الذَّبح لأجل أَخْذ ما شرطه كان فيه منع؛ لتسلط المشتري على ماله، وهذا القول نقله ابن فهد (رحمه الله) في المُهذّب، قال صاحب الحدائق (رحمه الله): (ولم أقف على قائله).

 

*القول الرَّابع:* ما اختاره العلَّامة (رحمه الله) في المختلف، والشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في المسالك، من البطلان، إلَّا أن يكون مذبوحاً أو اشتراه للذَّبح، فإنَّه يصحّ، ويجوز الاستثناء.

 

*أقول:* محلُّ الكلام في المقام هو الاستثناء من الحيوان الَّذي يقع عليه التَّذكية، فلو كان الاستثناء من غيره بطل، بلِ الظَّاهر أنَّ محلّ النِّزاع في صحَّة الاستثناء من الحيوان هو الحيوان المراد ذبحه، فليس له الاستثناء من الحيوان المراد بقاؤه، بل لعلَّه لم يُعهد ملكيّة الحيوان المزبور كذلك.

*وعليه،* فإذا كان الحيوان مأكول اللَّحم، وأُريد ذبحه، فباعه واستثنى الرَّأس والجلد صحّ البيع والاستثناء، ويكون شريكاً مع المشتري بقدر القيمة -كما هو القول الأوَّل-.

 

*وقد استدل* لذلك بروايتَيْن:

*الأولى:* موثَّقة السَّكونيّ عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(قَاْل: اختصم إلى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) رجلان، اشترى أحدهما من الآخر بعيراً، واستثنى البيِّع (البائع خ ل) الرَّأس أو الجلد، ثمَّ بدا للمشتري أن يبيعه، فقال للمشتري: هو شريكك في البعير على قدر الرَّأس والجلد)(2).*

والسَّكوني، وإن كان عاميّاً، إلَّا أنَّه يُؤخذ بروايته.

*الثَّانية:* ما رواه الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في عيون الأخبار بأسانيد ثلاثة عن الرِّضا (عليه السَّلام)، عن آبائه عن الحسين بن علي (عليه السَّلام) *(أنَّه قَاْل: اختصم إلى عليٍّ (عليه‌السلام) رجلان، أحدهما باع الآخر بعيراً، واستثنى الرَّأس والجلد، ثمَّ بدا له أن ينحره، قَاْل: هو شريكه في البعير على قدر الرَّأس والجلد )(3).*

والظَّاهر أنَّ هناك سقطاً في الرِّواية؛ إذِ الصَّحيح هكذا: (ثمَّ بدا له أنْ لا ينحره)، فلفظ (لا) ساقطٌ بقرينة الرِّواية الأُولى.

*والَّذي يهوِّن الخطب:* أنَّ هذه الرِّواية ضعيفة بأسانيدها الثلاث.

_________________

(1) السَّرائر -ط جماعة المدرّسين، قم المقدَّسة -: ج2، ص355.

(1)و(2) الوسائل باب22 من أبواب بيع الحيوان ح2و3.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo