« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه

46/05/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 الدرس 75// الصوم 174

الموضوع: الصوم 174 // الدرس 75

 

ومنها: موثَّقة إسحاق بن عمَّار (قَاْل: سألتُ أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن هلال رمضان يغمّ علينا في تسع وعشرين من شعبان؟ فقال: لا تصمه إلَّا أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر أنَّهم رأوه فاقضه، وإذا رأيته من وسط النَّهار فأتمّ صومه إلى اللَّيل)[1] ، أي أتمّ صومه على أنَّه من شعبان، والأمر للاستحباب.

وعليه، فلا تكون الرُّؤية قبل الزَّوال -لأنَّ المراد من وسط النَّهار قبل الزَّوال بناءً على أنَّ مبدأ النَّهار هو طلوع الفجر- دالّةً على أنَّه لليلة الماضية، أي لا يحكم بأنَّ هذا اليوم هو أوَّل شهر رمضان.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّها دالَّة على القول الآخر، وهو ما ذهب إليه السّيِّد المرتضى (رحمه الله)، وجملة من الأعلام؛ لأنَّ السُّؤال أنَّه يغمّ علينا في تسع وعشرين من شعبان، أي يغمّ علينا شهر رمضان، فلا ندري أنَّ هذا اليوم الَّذي هو يوم الشَّكّ هل هو من شعبان أو أنَّه أوَّل رمضان؟

فقوله (عليه السَّلام): (وإذا رأيته من وسط النَّهار) -أي قبل الزَّوال- فأتمّ صومه، أي من رمضان، فيكون الأمر للوجوب، ويحكم حينئذٍ بكونه لليلة الماضية، أي أنَّ هذا اليوم هو أوَّل شهر رمضان.

ثمَّ إنَّه إن لم نقل: بأنَّها دالَّة على ما ذهب إليه السّيِّد المرتضى (رحمه الله)، فلا أقلّ أنَّه يحتمل كلّ من الأمرَيْن، فتكون مجملةً، وهذا يبطل الاستدلال بها.

ومنها: مكاتبة مُحمّد بن عيسى (قَاْل: كتبتُ إليه (عليه‌السلام): جعلت فداك، ربّما غمّ علينا هلال شهر رمضان فنرى من الغد الهلال قبل الزَّوال، وربّما رأيناه بعد الزَّوال، فترى أن نفطر قبل الزَّوال إذا رأيناه أم لا؟ وكيف تأمر في ذلك؟ فكتب (عليه‌السلام): تتمّ إلى اللَّيل، فإنَّه إن كان تامّاً رُؤي قبل الزَّوال)[2]

وفيه أوَّلاً: أنَّ الرِّواية ضعيفة السَّند لا لأجل جهالة المكتوب إليه؛ إذ يُعرف من القرائن أنَّه المعصوم (عليه السَّلام)، بل لأنَّ مُحمّد بن جعفر الواقع في السَّند هو ابن بطَّة الضَّعيف.

وثانياً: أنَّه بناءً على هذه النّسخة، والتي هي نسخة التَّهذيب، تكون دالّةً على ما ذهب إليه السّيِّد المرتضى (رحمه الله) من أنَّ الرُّؤية قبل الزَّوال كاشفةٌ عن كون هذا اليوم هو أوَّل الشَّهر؛ وذلك لأنَّ ظاهر السُّؤال فيها وقوع الاشتباه في شهر رمضان، وأنَّ الغد هو من آخر شعبان أم من شهر رمضان.

وعليه، فالأمر بإتمام الصَّوم -حيث كان صائماً ندباً من شعبان أو قضاءً- يدلُّ على أنَّ الرُّؤية قبل الزَّوال كاشفةٌ عن كون هذا اليوم هو أوَّل شهر رمضان.

وأمَّا بناءً على نسخة الاستبصار، والتي هي هكذا (ربَّما غمّ علينا الهلال في شهر رمضان...)، فتكون دالّةً على ما ذهب إليه المشهور من عدم اعتبار الرُّؤية قبل الزَّوال؛ لأنَّ مقتضاه أنَّ هذا اليوم المشكوك هل هو من شوَّال أم أنَّه آخر شهر رمضان، فالأمر بإتمام الصَّوم يدلّ على عدم اعتبار الرُّؤية، وأنَّ هذا اليوم هو آخر شهر رمضان، فلا يجوز الإفطار فيه.

وممَّا يؤيِّد صحّة نسخة الاستبصار: سُؤاله في ذيل الرِّواية عن جواز الإفطار في هذا اليوم المشكوك، وأنَّه أوَّل شوَّال أم لا.

وأمَّا قوله في ذيل الرِّواية (فإنَّه إن كان تامّاً رؤي قبل الزَّوال)، فلا يدلّ على أنَّ الرُّؤية قبل الزَّوال كاشفةٌ عن كون هذا اليوم أوَّل الشَّهر بحمل قوله (عليه السَّلام) (إن كان تامّاً...) على أنَّ المراد: إن كان الشَّهر المستقبل تامّاً رُؤي هلاله قبل الزَّوال؛ إذ لا مدخليَّة لتمام الشَّهر المستقبل ونقصانه في رؤية الهلال قبل الزَّوال وعدمها، فقد يرى هلاله، وإن كان ناقصاً؛ باعتبار تماميَّة الشَّهر الماضي، كما هو واضح.

والخلاصة: أنَّه لولا ضعف السَّند لكانت دالّةً على ما ذهب إليه المشهور.

ومنها: رواية جراح المدائنيّ (قَاْل: قَاْل أبو عبد الله (عليه‌السلام): مَنْ رأى هلال شوّال بنهار في شهر رمضان فَلْيتمَّ صيامه)[3]

وفيها أوّلاً: أنَّها ضعيفة السَّند؛ لعدم وثاقة جراح المدائنيّ، والقاسم بن سليمان، ووجودهما في كامل الزِّيارات لا ينفع؛ لعدم كونهما من المشايخ المباشرين.

وثانياً: أنَّها مطلقة تقيّد بالرِّوايات المفصّلة للرُّؤية ما بين قبل الزَّوال وما بعده الَّتي سنذكرها -إن شاء الله تعالى- دليلاً للقول الآخر.

- أدلَّة القول الثَّاني باعتبار هذه العلامة

وأمَّا ما ذهب إليه السّيِّد المرتضى (رحمه الله)، وجماعة من الأعلام، من اعتبار الرُّؤية قبل الزَّوال أنَّها كاشفة على أنَّه لليلة الماضية، وأنَّ هذا اليوم أوَّل الشَّهر، فتدلّ عليه جملة من الرِّوايات:

منها: حسنة حمَّاد بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) (قَاْل: إذا رأوا الهلال قبل الزَّوال فهو لليلة الماضية، وإذا رأوه بعد الزَّوال فهو لليلة المستقبلة)[4]

وهي صريحة لا لبس فيها.

ومنها: موثَّقة عبيد بن زرارة وعبد الله بن بكير (قالا: قال أبو عبد الله (عليه‌السلام): إذا رؤي الهلال قبل الزَّوال فذلك اليوم من شوَّال، وإذا رُؤي بعد الزَّوال فذلك اليوم من شهر رمضان)[5]

وهي صريحة أيضاً.

 


[1] الوسائل باب8 من أبواب أحكام شهر رمضان ح3.
[2] الوسائل باب8 من أبواب أحكام شهر رمضان ح4.
[3] الوسائل باب8 من أبواب أحكام شهر رمضان ح2.
[4] الوسائل باب8 من أبواب أحكام شهر رمضان ح6و5.
[5] الوسائل باب8 من أبواب أحكام شهر رمضان ح6و5.
logo