< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

 

الأمر الثاني: قال الشهيد الثاني (رحمه الله) في المسالك في مسألة نسيان الجنابة: وفي حكم الجنابة الحيض والنفاس....

وفي الجواهر: كما أنَّه لا فرق على الظَّاهر بين غُسْل الجنابة، وغُسْل الحيض والنِّفاس في الحكم المزبور، بناءً على أنَّهما شرط في صحَّة الصَّوم؛ إذِ الظَّاهر اتِّحاد الجميع في كيفيّة الشَّرطيّة، بل قيل: إنَّهما أقوى؛ لأنَّه لم يرد فيهما ما ورد فيه ممَّا يُوهم أنَّ الشَّرط إنَّما هو تعمُّد البقاء...(1).

وأشار بقوله: بل قيل:...، إلى ما ذكره العلامة (رحمه الله) من أنَّ حدث الحيض أقوى من الجنابة.

أقول: مقتضى الإنصاف هو عدم التعدي؛ لاختصاص النَّصّ بنسيان غسل الجنابة في شهر رمضان.

والقول: بأنَّه لا خصوصيَّة لنسان غسل الجنابة، يحتاج إلى دعوى علم الغيب، ومن أين نعلم أنَّه لا خصوصيَّة لنسيان غسل الجنابة في شهر رمضان.

وأمَّا موثَّقة أبي بصير المُتقدِّمة المشتملة على حكم حدث الحيض، فلا تشمل صورة النسيان ©قَاْل: إنَّ طهرت بليل من حيضها، ثمَّ توانت أن تغتسل في رمضان حتَّى أصبحت، عليها قضاء ذلك اليوم®، فإنَّ قوله: ©ثمَّ توانت®، لا يشمل صورة النسيان، كما لا يخفى.

وأمَّا القول: بأنَّ حدث الحيض أقوى، فغير مفهوم، بل لعل حدث الجنابة أقوى لكثرة الرِّوايات الدالة على قدح الجنابة عمداً وقلتها في قدح الحيض والنفاس عمداً.

وأمَّا ما ورد في رواية سعيد بن يسار ©قَاْل: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: المرأة ترى الدَّم، وهي جنب، أتغتسل عَنِ الجنابة، أو غسل الجنابة والحيض واحد؟ فقال: قد أتاها ما هو أعظم من ذلك®(1).

ففيه -مع ضعفها سنداً بجهالة إسماعيل بن مرار-: أنَّه لا يستفاد منها أولوية الحائض مع الجنب في كلّ حكم ثبت له.

ويحتمل: أن يكون الوجه في الأعظمية لجملة من الأحكام المختص بها ، مثل حرمة وطء الحائض، وعدم صحة طلاقها، وعدم وجوب قضاء الصَّلاة عليها، ونحو ذلك.

والخلاصة: أنَّ الأقوى عدم إلحاق غسل الحيض والنفاس لو نسيتهما بالجنابة في بطلان الصَّوم، ووجوب القضاء.

نعم، الأحوط الأولى: هو الإلحاق، والله العالم.

    

 

قوله: (ويجب القضاء على كل تارك، مع تكليفه وإسلامه)

المعروف بين الأعلام قديما وحديثاً أنَّه على الصغير والمجنون بعد البلوغ والإقامة، بل هو متسالم عليه بين المسلمين، فلا يحتاج حينئذٍ إلى الاستدلال.

ومع ذلك، فمن أراد المزيد من الاستدلال فليرجع إلى ما ذكرناه في مبحث الصلاة عند قول المصنف (رحمه الله) سابقاً: ©يجب قضاء فائت الفرائض مع البلوغ والعقل®(2)، فإنَّ المسألتين من باب واحد.

وأيضاً لا قضاء على الكافر الأصلي، فإنَّ ما فات الإنسان بسبب الكفر الأصلي لا يجب قضاؤه بعد أن أسلم.

__________________

(1) الجواهر: ج17، ص63.

(2) الوسائل باب22 من أبواب الحيض ح2.

(3) مدارك الدُّروس (الصَّلاة): ج1، ص397.

 

والعمدة في عدم الوجوب: هو التسالم بين الأعلام، سواء قلنا: بأنَّ الكفار مكلفون بالفروع كما هم مكلفون بالأصول، على ما ذهب إليه المشهور، وهو الصحيح عندنا، أم قلنا: بأنَّهم غير مكلفين بالفروع.

ثمَّ إنَّ الفرق بين الصورتين هو أنَّه بناءً على تكليفهم بالفروع يكون التسالم على عدم الوجوب استثناءً من القاعدة، وهي وجوب القضاء لثبوت المقتضي للتكليف في حقهم.

وأمَّا بناءً على عدم تكليفهم بالفروع، فلا يستدل لعدم تكليفهم بالقضاء بالتسالم على إخراج الكافر الأصلي، بل يكون نفي القضاء عنهم هو لعدم المقتضي؛ لأنَّ المقتضي للقضاء هو الفوت، ولا فوت هنا بعد عدم ثبوت التكليف في حق الكافر الأصلي.

ثمَّ إنَّه قد استدل على عدم القضاء على الكافر الأصلي ببعض الأدلة، ذكرناها في مبحث الصَّلاة عند المُصنِّف (رحمه الله) سابقاً: يجب قضاء فائت الفرائض مع البلوغ والعقل والإسلام.

فمن أراد معرفة ذلك بالتفصيل، فليرجع إلى ما ذكرناه(1) فإنَّ المسألتين من باب واحد، كما لا يخفى هنا بالنسبة للكافر الأصلي.

    

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo