< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

45/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصَّوم

 

*قوله: (وألحق المُفيد المشاهد)*

ألحق الشَّيخ المفيد (رحمه الله) مشاهد الأئمَّة (عليهم السَّلام) بالمدينة المُشرّفة، حيث قال في مُقنعته في عداد المُستثنيات: (وصوم ثلاثة أيام للحاجة أربعاً، وخميس وجمعة متواليات عند قبر النَّبيّ (صلى الله عليه وآله)، وفي مشهد من مشاهد الأئمَّة (عليهم السَّلام)...).

أقول: لا دليل قويّ على هذا الإلحاق.

ولعلَّ وجه الإلحاق: هو اشتراكهما في شُهود المعصوم والملائكة ومزيد البركة والاهتمام بطلب الحاجات؛ لما هو المرجوّ فيها من استجابة الدَّعوات.

ولكن لا يخفى عليك هذه الأمور تصلح للتَّأييد لا للاستدلال.

    

 

*قوله: (وابنا بابوَيْه وابن إدريس: الاعتكاف، وفي المساجد الأربعة)*

ألحق ابنا بابويه وابن إدريس (رحمهما الله) بصوم ثلاثة أيام للحاجة بالمدينة صوم ثلاثة أيامٍ للاعتكاف في المساجد الأربعة الحرمَيْن، وجامع الكُوفة والبصرة.

ولكن لا دليل لهم على ذلك.

وعليه، فالمُكلَّف الَّذي لا يصحّ منه الصَّوم لسفر أو غيره، لا يصحّ منه الاعتكاف.

    

 

*قوله: (وإنَّما يفطر إذا خرج قبل الزَّوال على الأقرب، بيّت النِّية أو لا)*

اِختلف الأعلام في هذه المسألة على أقوال كثيرة، نذكر أهمّها، وهي أربعة:

*الأوَّل:* أنَّ المسافر إنْ خرج من منزله قبل الزَّوال وجب عليه الإفطار والقصر في الصَّلاة، وإن خرج بعد الزَّوال وجب عليه الصِّيام، والقصر في الصَّلاة، من غير فرق في ذلك كّله بين تبييت النِّيّة وعدمه.

ذهب إليه كثير من الأعلام، منهم الأسكافيّ والكُلينيّ والشَّيخ المُفيد والشَّيخ الصَّدوق في الفقيه والمقنع، والعلَّامة في أكثر كتبه وولده فخر المُحقِّقين (قُدِّس سرُّهم).

والمُصنِّف (رحمه الله) هنا، وفي اللُّمعة، والشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في الرَّوضة، وكثير من المُتأخِّرين ومتأخِّري المتأخِّرين، ومنهم السّيِّد محسن الحكيم (رحمه الله) في المستمسك، وهو الإنصاف عندنا كما سيتّضح لك.

 

*الثَّاني:* أنَّه إن بيَّت نيَّة السَّفر ليلاً أفطر إذا خرج، ولو كان خُروجه بعد الزَّوال، وإلَّا صام وإن خرج قبله.

ذهب إليه جماعة من الأعلام، منهم الشَّيخ (رحمه الله) في النِّهاية والاقتصاد والجمل، والقاضي وابن حمزة (رحمهما الله)، والمُحقِّق (رحمه الله) في المُعتبر والشَّرائع والنَّافع.

 

*الثَّالث:* أنَّه إنْ خرج بعد الزَّوال يتمّ صومه مطلقاً، وإنْ خرج قبله يفطر بشرط تبييت النِّيّة، وإلَّا فيصوم.

وعليه، فالتَّفصيل بين التَّبييت وعدمه إنَّما هو قبل الزَّوال، ذهب إليه الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، ووافقه السّيِّد أبو القاسم الخُوئيّ (رحمه الله).

 

*الرَّابع:* إن سافر في جُزء من أجزاء النَّهار أفطر، وإن خرج قبل الغروب، ولا فرق في ذلك بين تبييت النِّيّة وعدمه.

وبالجملة، فيكفي مطلق السَّفر في لُزوم الإفطار، وإن خرج بعد الزَّوال، ولم يبيت النِّيّة.

حُكي ذلك عن السّيّد المرتضى، وعليّ بن بابويه، والحسن بن أبي عقيل، وابن إدريس (قُدِّس سِرُّهم).

هذه هي الأقوال المُهمّة.

 

إذا عرفت ذلك، فنقول:

*أمَّا القول الأوَّل:* فقدِ استُدلّ له بجملة من الرِّوايات بلغت حدّ الاستفاضة، وأكثرها صحيح أو حسن:

منها: صحيحة الحلبيّ عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(أنَّه سُئِل عَنِ الرَّجل يخرج من بيته يُريد السَّفر وهو صائم؟ قَاْل: فقال: إنْ خرج من قبل أن ينتصف النَّهار فَلْيُفطر، وليقضِ ذلك اليوم، وإن خرج بعد الزَّوال فَلْيتمَّ يومه)(1).*

ومنها: صحيحة مُحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(قَاْل: إذا سافر الرَّجل في شهر رمضان، فخرج بعد نصف النَّهار، فعليه صيام ذلك اليوم، ويعتدّ به من شهر رمضان...)(2).*

حيث دلَّت بالمنطوق على وجوب الصَّوم مع السَّفر بعد الزَّوال، وبالمفهوم على انتفاء الحكم قبله.

ومنها: حسنة عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(في الرَّجل يُسافر في شهر رمضان، يصوم أو يفطر؟ قَاْل: إنْ خرج قبل الزَّوال فَلْيُفطِر، وإنْ خرج بعد الزَّوال فَلْيصُمْ، فقال: يعرف ذلك بقول عليّ (عليه‌السلام): أصوم وأفطر حتَّى إذا زالتِ الشَّمس عزم عليّ -يعني: الصِّيام-)(3).*

ومنها: موثَّقة عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) *(قال: إذا خرج الرَّجل في شهر رمضان بعد الزَّوال أتمّ الصِّيام، فإذا خرج قبل الزَّوال أفطر)(4).*

_________________

(1)و(2)و(3)و(4) الوسائل باب5 من أبواب مَنْ يصحّ منه الصَّوم ح2و1و3و4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo