< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

41/02/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الخلل(60)

 

= وأيضاً لا يجب تعيين السَّبب إذا تعدَّد، بناءً على ما ذكرناه من عدم التَّداخل في الأسباب، إذِ الأصل عدم الوجوب، مع عدم توقُّف صدق الامتثال عليه، كما عرفت.

ولا يجب أيضاً التعرُّض للأداء والقضاء، والوجوب والنَّدب؛ لما عرفت من عدم وجوب ذلك في أصل الصَّلاة فضلاً عن السَّجدتين.

وعليه، فإنَّ ما ذكره المصنِّف(رحمه الله) في البيان، والكركي في حاشيته على الألفيَّة، وفي تعليقته على الإرشاد -من وجوب التعرُّض للأداء والقضاء- غير تامٍّ، لِعدم الدَّليل عليه، هذا كلّه في ما يتعلَّق بالنيَّة.

وهل يجب فيهما التكبير؟

المعروف بين الأعلام هو الاستحباب، قال (رحمه الله) في الحدائق المشهور في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم): (استحباب التكبير فيهما...).

وحُكِي عن الشَّيخ(رحمه الله) في المبسوط وجوب التكبير، حيث قال: (فإذا أراد أن يسجد سجدتي السَّهو استفتح بالتكبير وسجد عقيبه، ويرفع رأسه).

أقول: مقتضى الإنصاف أنَّه لا دليل على الوجوب، ولا على الاستحباب.

وأمَّا ما استدل به للاستحباب من موثَّقة عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) ( قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، هَلْ فِيهِمَا تَكْبِيرٌ أَوْ تَسْبِيحٌ؟ فَقَالَ: لَا، إِنَّهُمَا سَجْدَتَانِ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي سَهَا هُوَ الْإِمَامَ كَبَّرَ إِذَا سَجَدَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، لِيُعْلِمَ مَنْ خَلْفَهُ أَنَّهُ قَدْ سَهَا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَبِّحَ فِيهِمَا، وَلَا فِيهِمَا تَشَهُّدٌ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ)[1] ، فهي على خلاف المطلوب أدلّ؛ لأنَّ أمر الإمام بالتكبير عند الوضع والرَّفع من السُّجود، إنَّما هو لإعلام المأمومِين، لا كونه من أجزاء السُّجود.

أضف إلى ذلك: أنَّها مختصَّة بالإمام.

والخلاصة: أنَّه لا دليل على الاستحباب، فضلاً عن الوجوب.

ومن هنا، التجأ بعض الأعلام لإثبات الاستحباب بفتوى المشهور به من باب التسامح في أدلَّة السُّنَن.

ولكنَّك عرفت أنَّ هذه القاعدة غير ثابتة عندنا، وعلى فرض ثبوتها فشمولها لمثل فتوى المشهور فيه ما لا يخفى، والله العالم.

 

قوله: (وما يجب في سجود الصَّلاة)

هل يعتبر في سجدتي السَّهو ما يعتبر في سجود الصَّلاة من السُّجود على ما يصحّ السُّجود عليه، والسُّجود على الأعضاء السَّبعة، والطَّهارة والاستقبال والسَّتر، ونحو ذلك.

ذهب المصنِّف(رحمه الله) في كتبه الخمسة الدُّروس والذِّكْرَى والبيان واللمعة والألفيَّة إلى أنَّه يجب فيهما ما يجب في سجود الصَّلاة، عدا الذكر، وكذا الشَّهيد الثاني (رحمه الله) في الرَّوضة والمحقِّق الكركي في حاشيته على الألفيَّة فتندرج الطَّهارة، وغيرها.

قال صاحب المدارك (رحمه الله): (ويجب فيهما السُّجود على الأعضاء السَّبعة، ووضع الجبهة على ما يصحّ السُّجود عليه، لأنَّه المعهود من لفظ السُّجود في الشرَّع، فينصرف إليه اللفظ عند الإطلاق؛ وفي وجوب الطَّهارة والسِّتر والاستقبال قولان، أحوطهما الوجوب).

وفي الجواهر: (وأما السُّجود على الأعضاء السَّبعة، فقد صرَّح به في القواعد وغيرها، بل نُسِب إلى المفيد وجمٍّ غفير ممَّنْ تأخَّر عنه، بل في التذكرة وتعليق الإرشاد للكركي وظاهر حاشية الألفيَّة له، وعن غيرها، وجوب الطُّمأنينة في السَّجدتَيْن، بل صرَّح في بعضها بوجوبها بينهما أيضاً، بل قال المحقِّق الثاني وصاحب المدارك والخراساني وعن غيرهم: يجب وضع الجبهة على ما يصحُّ السُّجود عليه فيه؛ لكنَّ الإنصاف أنَّ للتوقُّف أو المنع فيما زاد على ما يتحقَّق به مسمَّى السُّجود عرفاً أو شرعاً -لِعدم ظهور أو انصراف معتدٍّ به في شي‌ءٍ من الأدلَّة، فيبقى الإطلاق سليماً- مجالاً...).

أقول: لا دليل على اشتراط الطَّهارة -الحدثيَّة والخبثيَّة- والاستقبال والسَّتر وطهارة موضع الجبهة في سجود السَّهو.

وكذا لا يعتبر عدم ارتفاع المسجد عن الموقف بمقدار يعتدّ به.

والدَّليل الوحيد الذي يمكن أن يستدلّ به لهذه الأمور في سجود السَّهو هو الاحتياط.

وأمَّا وجوب الطُّمأنينة في السَّجدتين ووجوب الجلوس مطمئناً بين السَّجدتين أيضاً، فلا دليل عليه بعد منع توقُّف الإثنينة على الجلوس فضلاً عن الطُّمأنينة فيه، فيكون أصل البراءة محكماً.

بل قد يستدل لنفي هذه الأمور، -أي الطَّهارة والاستقبال والسِّتر ونحوها، وكذا الطُّمأنينة في الجلوس وبين السَّجدتين- بإطلاق أدلَّة وجوب سجدتي السَّهو، حيث إنها خالية عن هذه الأمور.

وأمَّا السُّجود على الأعضاء السَّبعة، فقدِ استدلَّ له صاحب المدارك(رحمه الله)، وجماعة من الأعلام، بأنَّه المعهود من لفظ السُّجود في الشَّرع، فينصرف إليه اللفظ عند الإطلاق.

وفيه: أنَّ هذه المعهوديَّة إنَّما هي لسجود الصَّلاة، لا لمطلق السُّجود.

ومن هنا، لم يشترط في سجود الشَّكر لله تعالى، وفي سجود التلاوة السُّجود على الأعضاء السَّبعة، بل اكتفينا بمجرد وضع الجبهة -سواء كان على ما يصحّ السُّجود عليه أم لا- ولا يجب وضع باقي الأعضاء،

ولا فرق بين سجود الشَّكر وسجود التلاوة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo