< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الخلل(3)

ومنها: ما عن عليِّ بن بابويه وابن الجنيد (رحمهما الله) من التفصيل بين الركِّعة الأُولى فتبطل، دون ما عداها من بقيَّة الرِّكعات.

قال ابن الجنيد رحمه الله : (ولو صحَّت له الأُولى، وسها في الثانية سهواً، لم يمكنه استدراكه، كأن أيقن وهو ساجد أنَّه لم يركع فأراد البناء على الرِّكعة الأُولى التي صحَّتْ له رجوتُ أنْ يجزئه ذلك، ولو أعاد إذا كان في الأولتَيْن وكان الوقت متِّسعاً كان أحبُّ إليَّ وفي الثانيتَيْن ذلك يجزئه).

وقال عليُّ بن بابويه رحمه الله: (وإنْ نسيت الرُّكوع بعد ما سجدت في الرِّكعة الأُولى فأعِد صلاتك، لأنَّه إذا لم يثبت لك الأُولى لم يثبت لك صلاتك، وإنْ كان الرُّكوع من الرِّكعة الثانية أو الثالثة فاحذف السَّجدتَيْن، واجعل الثالثة ثانية، والرَّابعة ثالثة...).

ثمَّ إنَّه قد ذكرنا أدلَّة هذه الأقوال ومناقشتها في أوَّل مبحث الرُّكوع[1] ، وكانت النتيجة أنَّ ما ذهب إليه المشهور من البطلان هو المتعيِّن، فراجع ما ذكرناه، فإنَّه مهمّ.

ثمَّ إنَّ ما ذكرناه من البطلان، والذي هو مذهب المشهور إنَّما هو فيما إذا نسي الرُّكوع حتَّى دخل في السَّجدة الثانية.

وأمَّا إذا تذكَّر قبل الدُّخول في السَّجدة الثانية فالمشهور أيضاً هو فوات محلِّ تدارك الرُّكوع ، فتكون الصَّلاة باطلة.

ولكنْ ذهب جماعة من الأعلام إلى أنَّه إذا تذكَّر قبل الدُّخول فيها رجع وأتى بالرُّكوع وصحَّتْ صلاته، منهم صاحب المدارك وصاحب العروة والسَّيِّد محسن الحكيم والسَّيِّد أبو القاسم الخوئي (قدس الله أسرارهم)، وهو الصَّحيح، إذ لا يترتَّب عليه سوى زيادة السَّجدة الواحدة نسياناً، وهي ليست بقادحة، لجملة من الرِّوايات ذكرناها هناك، فلا حاجة لإعادتها ، وإن شئت فراجع[2] .

قوله: (ويقضي بعد التسليم التشهُّد والسَّجدة والصَّلاة على النَّبيّ وآله عليهم السلام إذا ذكر ذلك بعد الرُّكوع أو بعد التسليم)

يقع الكلام في خمسة أمور:

الأوَّل: في قضاء السَّجدة.

الثاني: في قضاء التشهُّد.

الثالث: في قضاء الصَّلاة على النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) وآله عليهم السلام، إذا ذكر بعد الرُّكوع أو بعد التسليم.

الرَّابع: في وجوب سجود السَّهو للسَّجدة المنسيَّة.

الخامس: في وجوبه للتشهُّد المنسي.

أمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بين الأعلام هو وجوب قضائها وفي الجواهر: (أمَّا السَّجدة فقد صرَّح بقضائها في المبسوط‌ والخلاف والنافع والقواعد والإرشاد والمنتهى والألفيَّة والدرَّة السنيَّة والمدارك والرياض، بل هو المشهور نقلاً وتحصيلاً، شهرةً عظيمة كادت تكون إجماعاً، بل عن الغنية والمقاصد العليَّة الإجماع عليه، كما أنَّ عن التذكرة والذِّكرى الإجماع على عدم بطلان الصَّلاة بالإخلال بواحده سهواً، وهو الحجَّة).

أقول: قد عرفت حال الإجماع المنقول بخبر الواحد فإنَّه يصلح للتأييد فقط.

والإنصاف: هو الاستدلال لوجوب القضاء بالرِّوايات المستفيضة التي سنذكرها -إن شاء الله تعالى-.

ثمَّ إنَّه بالمقابل حُكِي عن ابن أبي عقيل والكليني (رحمهما الله) بطلان الصَّلاة بنسيان السَّجدة.

وهناك قول ثالث، وهو التفصيل بين الأوليَيْن فتبطل الصَّلاة بنسيان السَّجدة فيهما، والأخيرتَيْن فتقضى، كما عن الشَّيخ المفيد والشيخ الطوسي (رحمهما الله).

وهناك قول رابع، وهو ما حُكِي عن الشَّيخ المفيد أيضاً، أنَّه قال: (إذا ذكر بعد الرُّكوع فَلْيسجد ثلاث سجدات، واحدة منها قضاء).

وهناك قول خامس، وهو ما حُكي عن عليِّ بن بابويه على ما نقله عنه المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى، أنَّه قال: (وإنْ نسيتَ سجدةً من الرِّكعة الأُولى فذكرتها في الثانية من قبل أنْ تركع فأرسل نفسك واسجدها، ثمَّ قُمْ إلى الثانية وابتدئ القراءة، فإنْ ذكرت بعد ما ركعت فاقضها في الرَّكعة الثالثة؛ وإنْ نسيت سجدةً من الرِّكعة الثانية، وذكرتها في الثالثة قبل الرُّكوع فأرسل نفسك واسجدها، فإنْ ذكرتها بعد الرُّكوع فاقضها في الرِّكعة الرَّابعة، فإنْ كانت سجدةً من الرِّكعة الثالثة، وذكرتها في الرَّابعة فأرسل نفسك واسجدها ما لم تركع، فإنْ ذكرتها بعد الرُّكوع فامضِ في صلاتك واسجدها بعد التسليم).

إذا عرفت ذلك، فقد استُدلَّ للقول الأوَّل -وهو المشهور بين الأعلام- بالإجماع والرِّوايات المستفيضة:

أمَّا الإجماع المنقول بخبر الواحد: فقد عرفت أنَّه يصلح للتأييد فقط.

وأمَّا الرِّوايات:

فمنها: صحيحة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام (في رجل نسي أنْ يسجد السَّجدة الثانية حتَّى قام فذكر -وهو قائم- أنَّه لم يسجد، قال: فَلْيسجد ما لم يركع، وإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنَّه لم يسجد فَلْيمضِ في صلاته حتَّى يسلِّم، ثمَّ يسجدها فإنَّها قضاء، قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: إنَّ الشَّك في الرُّكوع بعد ما سجد فليمضِ، وإنْ شكَّ في السُّجود بعد ما قام فليمضِ...)[3] .

تكملة الحديث: (كلُّ شيءٍ شُكَّ فيه ممَّا قد جاوزه، ودخل في غيره، فليمضِ عليه)[4] .

ومنها: موثَّقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام -في حديث- ((أنَّه سَأَلَه) عَنِ الرَّجُلِ نَسِيَ (يَنْسَى) سَجْدَةً، فَذَكَرَهَا بَعْدَ مَا قَامَ وَرَكَعَ، قَالَ: يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، وَلَا يَسْجُدُ حَتَّى يُسَلِّمَ، فَإِذَا سَلَّمَ سَجَدَ مِثْلَ مَا فَاتَهُ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: يَقْضِي مَا فَاتَهُ إِذَا ذَكَرَهُ)[5] .

ومنها: صحيحة أبي بصير بطريق الصَّدوق، لأنَّ الشَّيخ الصَّدوق رواها بإسناده عن ابن مسكان عن أبي بصير (قال: سألته عمَّن نسِيَ أنْ يسجدَ سجدةً واحدةً، فذكرها -وهو قائم-، قال: يسجدها إذا ذكرها مالم يركع، فإنْ كان قد ركع فليمضِ على صلاتِه، فإذا انصرف قضاها، وليس عليه سهو)[6] .

نعم، هي بطريق الشَّيخ ضعيفة بمحمد بن سنان.

ومنها: رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام (قال: سألته عن الرَّجل يذكر أنَّ عليه السَّجدة، يريد أن يقضيها -وهو راكع في بعض صلاته- كيف يصنع؟ قال: يمضي في صلاته، فإذا فرغ سجدها)[7] ، ولكنَّها ضعيفة بعبد الله بن الحسن، فإنَّه مهمل.


[1] المجلد الرابع من مدارك الدروس، كتاب الصَّلاة، ص280.
[2] المجلد الرابع من مدارك الدروس، كتاب الصَّلاة، ص287.
[3] الوسائل باب14 من أبواب السجود ح1.
[4] الوسائل باب15 من أبواب السُّجود ح4.
[5] الوسائل باب14 من أبواب السُّجود ح2.
[6] الوسائل باب14 من أبواب السُّجود ح4و8.
[7] الوسائل باب14 من أبواب السُّجود ح4و8.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo