< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/04/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة الآيات(19)

قوله: (والجهرُ بها ليلاً ونهاراً)

قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (وثالثها: استحباب الجهر فيها، سواء كانت خسوفاً أو كسوفاً، وقد رواه العامَّة، وكذا باقي الآيات)، ونسبه العلَّامة رحمه الله في المنتهى إلى علمائنا، وأكثر العامَّة.

أقول: يدلّ على استحباب الجهر، سواء أكان في اللَّيل أو النَّهار، حسنة زرارة ومحمَّد بن مسلم المتقدِّمة، حيث ورد فيها: (وتجهر بالقراءة)(1)، وهو مطلق من حيث اللَّيل أو النَّهار.

قوله: (وقراءةُ الطُّوَال كالكَهْف)

في الجواهر: (بلا خلاف، بل عن الخلاف والمعتبر، وظاهر الغنية أنَّه متَّفق عليه، بل عن المنتهى أنَّه مذهب أهل العلم...).

أقول: تدلّ عليه جملة من الرِّوايات:

منها: حسنة زرارة ومحمَّد بن مسلم المتقدِّمة، حيث ورد فيها (وكان يستحبُّ أن يقرأ فيها بالكُهْف والحِجْر، إلَّا أن يكون إمامً يشقُّ على مَنْ خلفه...)(1).

ومنها: رواية أبي بصير (قال: سألتُه عن صلاةِ الكُسُوف، فقال: عشرُ ركعاتٍ وأربعُ سجدات، يقرأ في كلِّ ركعةٍ مثل يس والنُّور...)(3)، ولكنَّها ضعيفة بعليِّ بن أبي حمزة البطائني.

ومنها: ما رواه الشَّيخ المفيد رحمه الله في المُقْنعة (قال: رُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنَّه صلَّى بالكوفة صلاة الكُسُوف، فقرأ فيها بالكَهْف والأنبياء، وردَّدها خمس مرات، وأطال في ركوعها حتَّى سال العرق على أقدام مَنْ كان معه، وغشي على كثير منهم)(4)، وهي ضعيفة بالإرسال.

ومنها: ما في دعائم الإسلام (وروينا عن عليٍّ عليه السلام أنَّه قرأ في الكُسُوف سورةً من المثاني، وسورةً الكهف، وسورة الرُّوم، ويس، والشَّمس وضحاها، وليس في هذا شيء مؤقَّت)(5)، وهي ضعيفة بالإرسال.

وقال في الدَّعائم قُبَيْل هذا الكلام، في آخر الرِّواية الثالثة الطَّويلة: (والمثاني سُوَر، أوَّلها البقرة وآخرها براءة).

قال صاحب الجواهر -بعد أن ذِكْر رواية الدَّعائم-: : (وكان قراءته عليه السلام للشَّمس وضُحاها مع قِصَرها للمناسبة...)، وهو جيد.

قوله: (والقنوتُ على كلِّ مزدوج من القراءة، وأقلُّه على الخامس والعاشر)

قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (ورابعها: استحباب القنوت على كل قراءة ثانية، وقيل: أقلُّه على الخامسة والعاشرة، رواه ابن بابويه، وقال: إنَّ الخبر ورد به).

أقول: المشهور بين الأعلام أنَّه يستحبّ أن يقنت خمس قنوتات، كلّ قنوت منها عند كلِّ ركوع ثانٍ بعد الفراغ من القراءة.

وفي الجواهر: (بلا خلاف فيه عندنا، بل عن صريح الغريَّة، وظاهر غيرها الإجماع عليه).

أقول: تدلُّ عليه -مضافاً للتسالم بين الأعلام- جملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة الرَّهْط المتقدِّمة، حيث ورد في ذيلها: (والقنوتُ في الرِّكعة الثانية قبل الرُّكوع إذا فرغت من القراءة، ثمَّ تقنتُ في الرَّابعة قبل ذلك، ثمَّ في السَّادسة، ثمَّ في الثامنة، ثمَّ في العاشرة)(6).

ومنها: حسنة زرارة ومحمَّد بن مسلم المتقدِّمة، حيث ورد فيها: (وتقنتُ في كلِّ ركعتين قبل الرُّكوع...)(7)، وكذا غيرها.

وقال الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله: (وإن لم يقنتْ إلَّا في الخامسة والعاشرة فهو جائز، لورود الخبر به)(1).

وفيه: أنَّ هذا الخبر مرسل.

نعم، لا بأس بذلك بناءً على القول بالتسامح في أدلَّة السُّنن، حصوصاً بعد ما حُكِي عن كثير من الأعلام التصريح به.

ولكنَّك عرفت أنَّ هذه القاعدة لم تثبت عندنا، فإنَّ روايات "مَنْ بلغ"، وإن كان بعضها صحيح السَّند، إلَّا أنَّ الدَّلالة ضعيفة.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّه بعد البناء على استحباب هذه القنوتات، فكما أنَّه يجوز تركها رأساً يجوز أيضاً الإتيان ببعضها دون بعض، إذِ الظَّاهر كون كلٍّ منها جزءاً مستقلًّا، لا تتوقَّف مطلوبيَّته على الإتيان بما عداه.

ولكن يجب أن لا ينوي عند اقتصاره على بعض منها كونه كذلك بخصوصه مشروعاً، إذ لا دليل عليه.

ثمَّ إنَّه حُكِي عن الشَّيخ وابن حمزة وسعيد، والمصنِّف في البيان، والكركي (قدس الله أسرارهم)، وغيرهم، جوازُ الاقتصار على العاشر.

أقول: لعلَّ المستند في ذلك عموم ما دلَّ على استحباب القنوت في كل ركعتين، وهذه الصَّلاة ركعتان.

وعليه، فما دلَّ على استحباب القنوت في كلِّ ثنائية يشمل هذه الصَّلاة.

ودعوى الانصراف إنْ وُجِدت فهي غير مقبولة، فلا بأس بالذَّهاب إلى هذا القول، والله العالم.

___________

(1)و(2) الوسائل باب7 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح1و6.

(3) الوسائل باب7 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح2.

(4) الوسائل باب9 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح2.

(5) مستدرك الوسائل باب8 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح2، وكتاب دعائم الإسلام المجلد الأوَّل: ص254.

(6)و(7) الوسائل باب7 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح1و6.

 

قوله: (ومساواةُ الرُّكوع والسُّجود والقنوت للقراءة)

لا خلاف بين الأعلام في استحباب مساواة الرُّكوع والسُّجود والقنوت للقراءة من حيث التطويل، وفي المحكي عن المنتهى: (الإجماع على استحباب التطويل في الرُّكوع من أهل العلم، والإجماع منَّا في السجود).

أقول: يدلُّ على ذلك -مضافاً للتسالم بينهم-: حسنة زرارة وابن مسلم المتقدِّمة عن أبي جعفر عليه السلام، حيث ورد فيها: (فتطيل القنوتَ والرُّكوعَ على قدرِ القراءةِ، والرُّكوع، والسُّجود...)(2)، وذِكْر الركوع ثانياً لعلَّه تكرار من النُسَّاخ.

والاستدلال بالنسبة للسُّجود مبنيّ على كون لفظ السُّجود منصوباً، أي تطيل السُّجودَ أيضاً على قدر القرءاة.

واستُدلَّ أيضاً برواية أبي بصير المتقدِّمة أيضاً، حيث ورد فيها: (يقرأ في كلِّ ركعةٍ مثلَ يس والنُّور، ويكون ركوعُك مثلَ قراءتِك، وسجودُك مثلَ ركوعِك...)(3)، ولكنَّها ضعيفة بعليّ بن أبي حمزة البطائني.

 

قوله: (والتكبير عند كلِّ رَفْع، وفي الخامس والعاشر: سمعَ الله لِمَنْ حَمِده)

هذا هو المعروف بين الأعلام، منهم المصنِّف رحمه الله في جملة من كتبه، منها الذِّكرى، قال فيها: (وخامسها: أنَّه لا يقول: سمعَ الله لِمَنْ حَمِده، إلَّا في الرَّفع مِنَ الرُّكوع الخامس والعاشر، بل يقتصر في باقي الرُّكوعات على التكبير للانتصاب، كما يكبّر للأخذ في الرُّكوع).

وفي الجواهر: (بلا خلاف، كما اعترف به غير واحد، بل في المحكي عن المعتبر والتذكرة والمنتهى نسبته إلى علمائنا، بل عن الخلاف والغريَّة الإجماع عليه...).

____________

(1) الوسائل باب7 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح9.

(2)و(3) الوسائل باب7 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح6و2.

 

أقول: يدلّ على ذلك -مضافاً للتسالم بينهم- جملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة الرَّهْط المتقدِّمة، حييث ورد فيها: (ثمَّ تركع الخامسة، فإذا رفعت رأسك قلت: سَمِع الله لِمَنْ حَمِده..)(1).

ومنها: حسنة زرارة وابن مسلم المتقدِّمة أيضاً (تفتتح الصَّلاة بتكبيرة، وتركع بتكبيرة، وترفع رأسك بتكبيرة، إلَّا في الخامسة التي تسجد فيها، وتقول: سَمِع الله لِمَنْ حَمِده...)(2).

ومنها: صحيحة الحلبي، حيث ورد في ذَيْلها: ( ولا تقل: سَمِع الله لِمَنْ حَمِده، في رفع رأسك من الركوع، إلَّا في الرّكعة التي تريد أن تسجد فيها)(3).

ومنها: رواية دعائم الإسلام: (ولا يقول: سَمِع الله لِمَنْ حَمِده، إلَّا في الرَّكعتين اللَّتين يسجد منهما، وما سوى ذلك يكبِّر، كما ذكرنا...)(4)، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.

 

قوله: (والبروزُ تحت السَّماء)

كما هو المعروف بين الأعلام، وتدلّ عليه حسنة زرارة وابن مسلم المتقدِّمة (وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُكَ بَارِزاً لَا يَجُنُّكَ بَيْتٌ فَافْعَلْ...)(5).

قوله: (والإعادةُ لو فرغ قبل الانجلاء، ونفاها ابن إدريس، وأوجبها المرتضى وأبو الصَّلاح)

المعروف بين الأعلام استحباب إعادتها إن فرغ قبل الانجلاء، بلِ الظَّاهر أنَّه لا خلاف معتدّ به فيه، قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (وأمَّا الإعادة فاختلف الأصحاب فيها على أقوال ثلاثة: إنَّها واجبة، وهو ظاهر المرتضى وأبي الصلاح وسلار -إلى أن قال:- وذهب معظم الأصحاب إلى استحباب الإعادة، لقضيَّة الأصل النافية للوجوب، وعدم اقتضاء الأمر التكرار، وصدق الامتثال -إلى أن قال:- وذهب ابن إدريس إلى أنَّ الإعادة غير واجبة ولا مستحبَّة، ولا نرى له مأخذاً مع مخالفته فتاوى الأصحاب والأخبار، وهَبْ أنَّ الأخبار من باب الآحاد، أليس أنَّ الأصحاب مطبِّقون قَبْله على شرعيَّة الإعادة، والأحكام الشَّرعيَّة تثبت بمثل هذا عنده وعند غيره؛ والمعتمد الاستحباب، وقول المرتضى ومَنْ قبله يمكن حَمْله عليه أيضاً، فتصير المسألة متَّفقاً عليها...).

_______________

(1)و(2)و(3) الوسائل باب7 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح1و6و7.

(4) المستدرك باب6 من أبواب صاة الكُسُوف والآيات ح2.

(5) الوسائل باب7 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح6.

(6)و(7) الوسائل باب7 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح1و2.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo