< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة الآيات(17)

الأمر الثالث: ذهب المشهور من الأعلام إلى تعيُّن القراءة عليه من حيث قطع إذا ركع عن بعض سورة، خلافاً للمصنِّف رحمه الله في الذِّكرى، حيث خيرَّه بين ذلك وبين القراءة من أي موضع شاء منها متقدِّماً أو متأخراً، وبين رفضها وقراءة غيرها، قال في الذِّكرى: (ولو قرأ في القيام الأوَّل بعض سورة، ثمَّ قام إلى الثاني، فالأقرب تخيُّره بين ثلاثة أشياء: بين رفضها وإعادة الحَمْد، وبين القراءة من موضع القَطْع، وبين القراءة من أيِّ موضع شاء من السُّورة، معِ احتمال منع هذا الأخير لمخالفته المعهود...)، وحُكي مثله عن الشَّهيد الثاني رحمه الله.

وقدِ يستدلّ لهما: بإطلاق قوله عليه السلام في رواية أبي بصير (فَلْيقرأ ستين آيةً...)(1)، فإنَّها مطلقة من حيث كون الآيات من أوَّل السُّورة أو وسطها أو آخرها، ومطلقة أيضاً من حيث كون الآيات من سورة واحدة أو سُوَر متعدِّدة.

وفيه أوَّلاً: أنها ضعيفة، كما عرفت بعليِّ بن أبي حمزة البطائني.

وثانياً: أنَّ إطلاقها -لو تمَّ، حيث إنَّها ليست في مقام البيان من هذه الجهة، بل في مقام بيان جواز التبعيض في السُّورة- مقيَّد بقوله في الرِّوايات المتقدِّمة، والتي منها حسنة زرارة ومحمَّد بن مسلم (فاقرأ من حيث نقصت ...).

وقد يستدلّ لهما أيضاً بصحيحة الحلبي المتقدّمة: (وإنْ شِئت قرأتَ نصفَ سورةٍ في كلِّ ركعة).

ويرد عليهما: أنَّ الإطلاق مقيّد -لو تمَّ، لأنَّها ليست في مقام البيان من هذه الجهة، بل في مقام بيان جواز التبعيض- بما تقدَّم من قوله عليه السلام: (فاقرأ من حيث نقَّصْت...)، والله العالم.

الأمر الرابع: يظهر من الرِّوايات المتقدِّمة التخيير بين قراءة سورة كاملة بعد الحمد في كلِّ قيام، وبين تفريق سورتين على العشر في كلِّ خمس سورة، بل يستفاد من حسنة زرارة وابن مسلم المتقدِّمة جواز التفريق، بأنْ يُبَعِّض سورةً في إحدى الرِّكعتين، ويقرأ في الأخرى خمساً، وأيضاً يستفاد منها ومن غيرها الجمع في الرِّكعة الواحدة بين الإتمام والتبعيض، بأنْ يتمّ السُّورة في القيام الأوَّل مثلاً، ويُبَعِّض السُّورة في الأربع البواقي.

وعليه، فما عن المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى منِ احتمال حصر التبعيض في توزيع سورة على الخمس في غير محلِّه؛ قال في الذِّكرى: (ويحتمل أن ينحصر المجزِئ في سورة واحدة، أو خمس سور، لأنَّها إن كانت ركعةً وجبت الواحدة، وإن كانت خمساً فالخمس، فيمكن إسناد ذلك إلى تجويز الأمرين لأنَّها إن كانت ركعةً وجبت الواحدة، وليس بين ذَيْنك واسطة...).

ووجه عدم صحَّة هذا الاحتمال أنَّه خلاف صحيحة علّي بن جعفر صريحاً، وخلاف ظاهر صحيحة الحلبي المتقدِّمتَيْن.

الأمر الخامس: لا يعتبر تغاير السُّوَر إذا اختار قراءة الحمد وسورة في كلِّ قيام، بل يجوز تكرار سورة واحدة في جميع الرُّكوعات، بأنْ يقرأ الحَمْد وسورة التوحيد في الجميع، ولا ينافي ذلك ما في صحيحة الرَّهط، حيث ورد فيها: (فإنْ قَرَأ خمس سُوَر فمع كلّ سورة أمّ الكتاب...).

وذلك لأنَّها وردت في مقابل توزيع سورة واحدة على خمس رُكُوعات، وليست ناظرةً إلى تغاير السُّوَر الخمس.

وممَّا ذكرنا يتّضح لك ما في صحيحة عليّ بن جعفر (إذا ختمت سورةً، وبدأت بأخرى، فاقرأ بفاتحة الكتاب...)، فإنَّها وردت في مقابل قوله عليه السلام: (وإنْ قرأت سورةً في ركعتين أو ثلاث فلا تقرأ بفاتحة الكتاب حتَّى تختمَ السُّورة)، ولم ترد في مقابل إعادة تلك السُّورة بعد ختمها، والله العالم.

الأمر السَّادس: المعروف بين الأعلام أنَّه لا يجوز الاجتزاء بقراءة الفاتحة مرَّةً في أوَّلها، وتوزيع سورة على مجموع العشر ركوعات، بل لابدّ في الخمسة الثانية أيضاً من قراءة الفاتحة وسورة، كما في كلٍّ ركعتين من الثنائية.

ومن هنا يتعيَّن الإتيان بالفاتحة في الرِّكعة الثانية في أوَّل الرُّكوعات، أي الرُّكوع السَّادس الذي يقوم إليه من السَّجدتَيْن، بلا خلاف معتدٍّ به، إلَّا ما يُحْكى عن العلَّامة رحمه الله، حيث احتمل احتمالاً ضعيفاً جواز ترك الفاتحة بعد القيام من السَّجدتين فيما لو ركع الرُّكوع الخامس عن بعض سورة، قال العلَّامة رحمه الله في التذكرة: (الأقرب أنَّه يجوز أن يقرأ في الخمس سورةً وبعض سورة، فإذا قام في الثانية فالأقرب وجوب الابتداء بالحَمْد، لأنَّه قيام من سجود فوجب فيه الفاتحة، ثمَّ يبتدِئ بسورة من أوَّلها، ثمَّ إمَّا أن يكملها أو يقرأ بعضها، ويحتمل أن تقرأ من الموضع الذي انتهى إليه أوَّلاً من غير أن يقرأ الحَمْد، لكن يجب عليه أن يقرأ الحَمْد في الرِّكعة الثانية، بحيث لا يجوز له الاكتفاء بالحَمْد مرةً في الركعتين معاً...).

وقال في الحدائق -بعد أن نقل ذلك عن العلَّامةرحمه الله-: (يمكن ترجيح ما استضعفه بقوله عليه السلام في صحيحة زرارة ومحمَّد بن مسلم: وإن نقَّصت من السُّورة شيئاً فاقرأ من حيث نقَّصت، ولا تقرأ فاتحة الكتاب؛ وقوله عليه السلام في كتاب الفقه الرَّضوي: ولا تقرأ سورة الحَمْد إلَّا إذا انقضتِ السُّورة؛ وقوله عليه السلام في صحيحة البزنطي وعلي بن جعفر: فلا تقرأ فاتحة الكتاب حتَّى تختمَ السُّورة؛ فإنَّ الجميع كما ترى ظاهر في أنَّه ما لم يتمَّ السُّورة التي بعَّضها، فلا يقرأ فاتحة، وأنَّه تجب القرءاة من موضع القطع، والأخبار المذكورة بعمومها شاملة لموضع المسألة).

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo