< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/02/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة العيدَيْن(4)*

ومنها: مرسلة عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابنا (قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن صلاة الفطر والأضحى، فقال: صلّهما ركعتين في جماعة وغير جماعة، وكبِّر سبعاً وخمساً)(7)، وهي ضعيفة بالإرسال.

ومنها: ما ذكره ابن طاووس (رحمه الله) في الإقبال قال: (روى محمَّد بن أبي قُرَّة، بإسناده عن الصَّادق (عليه السلام) (أنَّه سُئِل عن صلاة الأضحى والفطر، فقال: صلِّهما ركعتين في جماعة وفي غير جماعة)(8)، وهي ضعيفة أيضاً، لأنَّ ابن طاووس (رحمه الله) لم يذكر طريقه إلى محمَّد بن أبي قُرَّة، كما إسناد محمد بن أبي قُرَّة إلى الصَّادق (عليه السلام) غير معلوم، فتكون الرِّواية مرسلة، أو بحكم المرسلة من جهتين.

وأمَّا محمَّد بن أبي قُرَّة فهو ثقة في نفسه.

ثمَّ إنَّه يحتمل في هاتين الرِّوايتين الأخيرتين -مضافاً لضعفهما سنداً- أن يكون المراد بهما بيان أنَّ صلاة العيدين ركعتان مطلقاً، صُلِّيَت وجوباً في جماعة، أو ندباً في غيرها، ردًّا على مَنْ قال بالأربع ركعات متى فاتت الصَّلاة مع الإمام.

ولا يخفى عليك أيضاً أنَّ الأمر بفعلها وحده في الرِّوايات المتقدِّمة محمول على الاستحباب، بقرينة غيرها من الرِّوايات الدَّالة على شرطيَّة حضور الإمام المعصوم (عليه السلام) أو نائبه في كونها واجبة.

_________

(1و2) الوسائل باب2 من أبواب صلاة العيد ح4و8.

(3و4) الوسائل باب3 من أبواب صلاة العيد ح1و3.

(6) الوسائل باب3 من أبواب صلاة العيد ح2.

(7) الوسائل باب5 من أبواب صلاة العيد ح1.

(1) الوسائل باب3 من أبواب صلاة العيد ح4.

 

وأمَّا استحباب الإتيان بها جماعةً، فقدِ استُدلّ له ببعض الأدلَّة:

منها: ما عن قطب الرَّاوندي، حيث استدلّ بعمل جمهور الإماميَّة، قال: (من أصحابنا مَنْ ينكر الجماعة في صلاة العيد سنَّةً، بلا خطبة، لكن جمهور الإماميَّة يصلُّون هاتين الصَّلاتين جماعةً، وعملهم حجَّة).

وعن ابن إدريس (رحمه الله) دعوى الإجماع صريحاً عليه، قال: (وأيضاً إجماع أصحابنا -إلى أن قال:- وهو قولهم بأجمعهم، يستحبّ في زمان الغيبة لفقهاء الشِّيعة أن يجمعوا صلاة الأعياد).

وذكر أيضاً (أنَّ مراد الأصحاب بفعلها على الانفراد: انفرادها عن الشَّرائط، لا عدم الاجتماع، وأنَّه اشتبه ذلك على الحلبي من قلَّة تأمُّله).

وفيه: أنَّ عمل الأصحاب إن لم يكن مورداً للتسالم فليس بحجَّة.

ولكنَّ الظَّاهر أنَّ المسألة متسالم عليها، لأنَّ عمل الإماميَّة في هذه الأزمنة وقبلها كلّه على الجمع فيها، ولم يتحقّق الخلاف إلَّا من الحلبي، وهو نادر لا يضرّ بالتسالم العملي بين الأعلام في جميع الأعصار والأمصار، وفي جميع القرى والبلدان؛ وهذا هو الدَّليل القويّ في المقام.

ومنها: ما ذكره بعضهم من عموم صحيحة الحلبي المتقدِّمة: (إذا كان القوم خمسة أو سبعة، فإنَّهم يجمعون الصَّلاة كما يصنعون يوم الجمعة)(1).

وفيه: أنَّه لا يصحّ الاستدلال بهذه الصَّحيحة، بل هي ظاهرة جدًّا في الجماعة الواجبة، لأنَّ العدد غير معتبر في الجماعة المندوبة قطعاً.

ومنها: الإطلاق في مرسلة ابن المغيرة، ورواية محمَّد بن أبي قُرَّة (صلِّهما ركعتين في جماعة وغير جماعة)(2)، حيث إنَّ إطلاق الرِّوايتين يشمل الجماعة الواجبة والمندوبة.

وفيه: ما تقدَّم، من ضعفهما سنداً، معِ احتمال ضعف الدَّلالة، كما بيَّنا، ولا حاجة للإعادة.

وأمَّا مَنْ ذهب إلى المنع من الإتيان بها جماعة فقدِ استُدل بعدَّة أدلَّة:

منها: أنها نافلة فتشملها الرِّوايات الناهية عن الجماعة في النوافل.

وفيه: أنَّ الرِّوايات الناهية لا تشمل ما كانت فريضةً بالأصل ثمَّ عرضها النَّفْل.

ومن هنا قال ابن إدريس (رحمه الله) في مقام الجواب عن هذا الدَّليل: (بأنَّ ذلك فيما لا يجب في وقت، وهذه أصلها الوجوب...).

ومنها: مفهوم قوله (عليه السلام) في موثَّقة سماعة المتقدِّمة (فإن صلَّيت وحدك فلا بأس)(3).

وفيه: أنَّ هذه الشَّرطية مسوقة لبيان شرعيَّة فعلها من دون الإمام عند تعذُّر الاجتماع معه، لا شرطيّة فعلها منفرداً.

ومنها: موثَّقته الأخرى المتقدِّمة، حيث أعرض (عليه السلام) عمَّا سأله عنه الرَّجل من الصَّلاة بهم جماعة، حيث لا إمام؛ وأجاب (عليه السلام): ببيان وقت الذَّبح.

وأردفه بقوله (عليه السلام): (وإن صلَّيتَ وحدك فلا بأس)(4).

___________

(1) الوسائل باب21 من أبواب صلاة العيد ح3.

(2) المرسلة في باب خمسة من أبواب صلاة العيد ح1.

(3) الوسائل باب2 من أبواب صلاة العيد ح5.

(4) الوسائل باب2 من أبواب صلاة العيد ح6.

ويفهم من هذه العبارة المنع عن أن يصلِّي بهم جماعةً، ببيان أنَّه لا صلاة -أي جماعة- إلا بإمام.

وفيه: أن قوله في الموثَّقة: (فأصلِّي بهم جماعةً)، وإن كان ظاهراً في الاستفهام عن جواز صلاة العيد ندباً جماعةً، إلَّا أنَّ ما ذكَره الإمام (عليه السلام) في جوابه مِنْ قوله: (إذا استقلَّت الشَّمس)، يكون جواباً عن هذا السُّؤال ببيان وقت فعله، فكأنَّه قال في جوابه: اِفعله بعد ارتفاع الشَّمس، فيستفاد من هذا الجواب أنَّ وقت الذَّبح له بعد انصرافه من صلاته الواقعة في هذا الوقت.

وأمَّا قوله: (ولا بأس أن تصلِّي وحدك...)، فهو مسوق لدفع توهُّم اختصاص شرعيّتها بالجماعة.

وعليه، فقوله بعد ذلك: (لا صلاة إلَّا بإمام)، هو أنَّ الصَّلاة التي لا يجوز أن يصلّيها منفرداً عند التمكُّن منها هي الصَّلاة الواجبة مع الإمام أو نائبه، لا مطلقاً.

ومنها: الأمر بالوحدة عند عدم شهود جماعة النَّاس في العيدين في صحيحة عبد الله بن سنان المتقدِّمة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: مَنْ لم يشهد جماعة النَّاس -إلى أن قال:- وَلْيصلِّ في بيته وحدَه، كما يصلِّي في جماعة)(1).

وفيه: أنَّ الأمر بالوحدة يراد منه ما يشمل جماعة غير إمام الأصل ومنصوبه، كما هو المنساق في المقام، لا أنَّ المراد منه المنفرد المقابل لمطلق الجماعة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo