< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: سَجْدةُ التِّلَاْوَةِ(8)*

*= الأمر الثاني:* قال المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى: *(يجب قضاء العزيمة مع الفوات، ويستحبّ قضاء غيرها، ذَكَره الشَّيخ في المبسوط والخلاف، لتعلّق الذمَّة بالواجب أو المستحبّ، فتبقى على الشّغل، وهل ينوي القضاء، ظاهره ذلك، لِصدق حدِّ القضاء عليها، وفي المعتبر ينوي الأداء، لعدم التوقيت؛ وفيه: منع، لأنَّها واجبة على الفور، فوقتها وجود السَّبب، فإذا فات فقد فعلت في غير وقتها، ولا نعني بالقضاء إلَّا ذلك...).*

*أقول:* مقتضى إطلاقات الأدلَّة عدم سقوط التكليف بالتأخير .

وأمَّا وجوب الفوريَّة عند حصول السَّبب فهو لا يوجب تقييد الوجوب بأوَّل زمان الإمكان، بحيث تكون كالواجب الموقَّت الذي يفوت الواجب بفوات وقته، بل هو من قبيل الوجوب المستقلّ في أصل الوجوب كأداء الدَّين، فإنَّه فوري ولا يسقط الأداء بالتأخير، وكالزَّلزلة فإنَّها سبب لوجوب الصَّلاة.

*والصَّحيح* أنَّ الوقت في الزلزلة هو العمر، فتبقى أداءً مطلقاً، إذ لا وقت لها، وكذلك السَّجدة، فتكون أداءً مطلقاً، لِعدم التوقيت فيها.

وقدِ اتَّضح ممَّا ذكرنا أنَّ الإتيان بها فيما بعد ليس من القضاء المصطلح عليه، بل يراد من القضاء هنا هو الفعل، مثل أداء الدَّين في الآن الثاني.

__________

(1) الوسائل باب40 من أبواب القراءة في الصَّلاة ح1.

(2) الوسائل باب43 من أبواب قراءة القرآن ح4.

(3) الوسائل باب40 من أبواب القراءة في الصَّلاة ح3.

 

*ويدلّ أيضاً* على وجوب الإتيان بها فيما بعد صحيحة محمَّد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) *(قال: سألتُه عن الرَّجل يقرأ السَّجدة فينساها حتَّى يركع ويسجد، قال: يسجد إذا ذَكَر إذا كانت من العزائم)[1] ،* ورواها ابن إدريس (رحمه الله) في آخر السَّرائر نقلاً من نوادر أحمد بن محمَّد بن أبي نصر.

ولكنَّها ضعيفة في السَّرائر، لأنَّ ابن إدريس (رحمه الله) لم يذكر طريقه إلى نوادر البزنطي، فتكون مرسلةً.

ثمَّ لو فرضنا عدم الدَّليل على الإتيان بها بعد ذلك إذا نسيها أو تركها عمداً، فهل يمكن أن يستدلّ لوجوب الإتيان بالاستصحاب؟

قيل: نعم، لليقين السَّابق، والشّكّ اللاحق.

*ولكن الإنصاف:* أنَّ الاستصحاب لا يجري هنا، لأنَّه من استصحاب الحكم الكلّي، وقد عرفت أنَّه معارض باستصحاب عدم الجعل، والله العالم .

 

> قوله: (ويستحبّ الذِّكر فيها)

قال المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى: *(لا يجب فيها الذِّكر...)،* بل صرَّح بالاستحباب كغيره من الأعلام، ويظهر من أكثر المتقدِّمين عدم وجوب الذِّكر، حيث لم يتعرضوا له أصلاً.

والذي يظهر لي من خلال التّتبع في هذه المسألة أنَّه لم يذهب أحد من أعلام هذه الطّائفة إلى الوجوب.

فالرِّوايات الآمرة بالذِّكر فيه، أو الدُّعاء، تحمل على الاستحباب لإعراض جميع العلماء عن ظاهرها في الوجوب.

ومن جملة الرِّوايات الواردة في المقام صحيحة أبي عبيدة الحذَّاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) *(قال: إذا قرأ أحدكم السَّجدة من العزائم فَلْيقل في سجوده سجدت لك تعبّداً ورقّاً، لا مستكبراً عن عبادتك، ولا مستنكفاً ولا مستعظماً، بل أنا عبد ذليل، خائف مستجير)[2] .*

*ومنها:* مرسلة الشَّيخ الصَّدوق في الفقيه *(قال: ورُوي أنَّه يقول في سجدة العزائم: لا إله إلَّا الله حقًّا حقًا، لا إله إلَّا الله، إيماناً وتصديقاً، لا إله إلَّا الله، عبوديةً ورقّاً، سجدتّ لك يا ربّ! تعبداً ورقًا، لا مستنكفاً ولا مستكبراً، بل أنا عبد لك خائف مستجير، ثمَّ يرفع رأسه، ثمَّ يكبر)[3] ،* وهي ضعيفة بالإرسال.

*ومنها:* ما ذكره ابن إدريس (رحمه الله) في آخر السَّرائر نقلاً من كتاب محمَّد بن عليّ بن محبوب، عن عليّ بن خالد، عن أحمد بن الحسن، عن عَمْرو بن سعيد، عن مصدَّق، عن عمَّار *(قال: سُئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرَّجل إذا قرأ العزائم، كيف يصنع؟ قال: ليس فيها تكبير، إذا سجدت ولا إذا قمت، ولكن إذا سجدت قلت ما تقول في السُّجود)[4] ،* وهي ضعيفة بعدم وثاقة عليّ بن خالد.

وليست الرِّواية مرسلةً لِما ذكرناه في أكثر من مناسبة أنَّ ابن إدريس (رحمه الله) وإن لم يذكره طريقه إلى كتاب محمَّد بن عليّ بن محبوب إلَّا أنَّ هذا الكتاب بالخصوص وصل إليه بخط الشَّيخ الطوسي (رحمه الله)، وهو يعرف جيداً خطّ الشَّيخ، والشيخ له طريق صحيح إلى ذلك الكتاب.

*ومنها:* مرسلة غوالي اللآلئ *(قال: ورُوي في الحديث أنَّه لمَّا نزلت قوله تعالى: ﴿{واسجد واقترب}﴾ سجد النّبيّ (صلى الله عليه وآله)، وقال في سجوده: أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)(5)،* وهي ضعيفة بالإرسال.

__________

 

(5) غوالئ اللآلئ: ج4 ،ص 114، ح176.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo