الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
34/06/07
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ المعفو عنه
ومنها: موثَّقة الحلبي قال: ( سألت أبا عبد الله ع عن الخفاف التي تباع في السوق ، فقال: اشترِ ، وصلِّ فيها ، حتَّى تعلم أنَّه ميت بعينه )
[1]
ومنها: خبر علي بن أبي حمزة ( أنَّ رجلًا سأل أبا عبد الله ع - وأنا عنده - عن الرجل يتقلَّد السيف ، ويصلِّي فيه ، قال : نعم ، فقال الرجل : إنَّ فيه الكِيْمُخْتُ ، قال : ما الكِيْمُخْتُ ؟ فقال : جلد دواب ، منه ما يكون ذكيًّا ، ومنه ما يكون ميتة ، فقال : ما علمت أنَّه ميتة فلا تصلِّ فيه )
[2]
ولكنَّه ضعيف بعلي بن أبي حمزة البطائني .
ثمَّ إنَّه لا يخفى أنَّ هذه الروايات لا تنافي الأخبار الدالَّة على العفو ، لأنَّ الأخبار الدالَّة على العفو قد عرفت أنَّ عمدتها موثَّقة زرارة ، وهي كادت أن تكون صريحة في إرادة المتنجِّس ، ولا تشمل النجس .
نعم ، قد يقال: إنَّ ما دلَّ على عدم جواز الصلاة في الميتة مطلقاً يعارضه روايتان:
الأولى: موثَّقة الحلبي عن أبي عبد الله ع قال: ( كل ما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه ، مثل التِّكَّة الإِبْرَيْسَمٍ ، والقَلَنْسُوة ، والخّفّ ، والزُّنّارِ يكون في السراويل ، ويصلِّي فيه )
[3]
وهي موثَّقة ، وليست ضعيفة ، لأنَّ أحمد بن هلال العبرتائي ثقة على الأصحّ .
والإنصاف: أنَّ هذه الموثَّقة لا تعارض روايات المنع من الصلاة في الميتة ، لأنَّ هذه الموثَّقة مطلقة ، لاشتمالها على التِّكَّة الإِبْرَيْسَمٍ ، والخُفّ ، والزُّنّارِ ، وهذه الأمور قد تكون نجسة بالذات ، وقد تكون نجسة بالعرَض .
وعليه ، فتكون صحيحة ابن عمير المتقدِّمة ، وكذا غيرها مقيِّدة لهذه الموثَّقة ، وتحمل حينئذٍ على ما لا تتمّ فيه الصلاة من غير الميتة ، أي ما كان نجساً بالعرَض .
الثانية: موثَّقة إسماعيل من الفضل قال: ( سألت أبا عبد الله ع عن لباس الجلود والخِفَاف ، والنِعال ، والصلاة فيها ، إذا لم تكن من أرض المصلين ، فقال : أمَّا النِعال ، والخِفَاف ، فلا بأس بهما )
[4]
وقد يقال: إنَّ هذه الموثَّقة أيضاً مطلقة ، لأنَّ قول السائل: إذا لم تكن من أرض المصلين يعني المسلمين محتِمل للسؤال ، من حيث النجاسة الذاتيَّة ، لعدم التذكية ، وللنجاسة العرضية من جهة أنَّ عملها في أرض الكفار يلازم غالباً نجاستها عرضاً .
وعليه: فتقيَّد بصحيحة ابن أبي عمير المتقدِّمة ، وتُحمل الموثَّقة حينئذٍ على النجاسة العرضيَّة .
ولكن الإنصاف: أنَّ الموثَّقة ظاهرة في النجاسة الذاتيَّة ، لأنَّ النعل ، والخِفَاف ، المصنوعة في غير أرض المسلمين محكومة بكونها غير مذكَّاة ، لأصالة عدم التذكية .
وعليه ، فتكون معارِضة لصحيحة ابن أبي عمير ، لأنَّ هذه الموثَّقة دلَّت على جواز الصلاة في غير المذكَّى .
وأمَّا التفضيل فيها بين الجلود وغيرها من النعل والخِفَاف فلعلَّه من باب أنَّ الجلد يحتمل كونها من غير المأكول
ومهما يكن ، فهذه الموثَّقة معارِضة لصحيحة ابن أبي عمير ، وغيرها .
[1] - الوسائل باب38 من أبواب لباس المصلي ح2
[2] - الوسائل باب55 من أبواب لباس المصلي ح2
[3] - الوسائل باب14 من أبواب النجاسات ح2
[4] - الوسائل باب38 من أبواب لباس المصلي ح3