الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
34/01/20
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ ازالة النجاسة عن المسجد
قال المصنف: ( والمساجد )
المعروف بين الأعلام : وجوب إزالة النجاسة عن المساجد ، كما أنّ المعروف بينهم : حرمة تنجيسها ، بل نقل جماعة من الأعلام : الإجماع على ذلك .
نعم ، يُستشعر من "صاحب المدارك" : الميل إلى جواز التنجيس ، ويظهر من صاحب الحدائق: اختياره ، مُستَشهِداً له - مضافاً إلى الأصل - بإطلاق رواية عمَّار عن أبي عبد الله ع : قال : ( سألته عن الدُمَّل ، يكون بالرجل ، فينفجر وهو في الصلاة ، قال : يمسحه ، ويمسح يده بالحائط ، أو بالأرض ، ولا يقطع الصلاة )
[1]
وفيه
أولًا: أنَّ الرواية ضعيفة السند ، لعدم وثاقة علي بن خالد ، فالتعبير عنها بالموثّقة في غير محلّه .
وثانياً: أنَّها مسوقة لبيان حكم آخر ، وهو أنّ هذا الفعل في الصلاة ليس منافياً لها .
وعليه ، فلا إطلاق فيها ، لجواز تنجيس المسجد ، كما أنَّه لا إطلاق فيها ، لجواز تنجيس حائط غيره .
وأمَّا ما يُقال - من أنَّ انفجار الدماميل لا يستلزم وجود الدم - : فهو وإن كان محتملًا ، إلَّا أنَّه لا يُلتفت إليه .
وأمَّا الأصل الذي ادّعاء : فهو مقطوع بالدليل الدَّال على حرمة التنجيس .
وممَّا يدلّ على وجوب الإزالة : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه ع: قال : ( سألته عن الدابة تبول فيُصيب بولها المسجد ، أو حائطه ، أيُصلّى فيه قبل أن يُغسل ، قال : إذا جفّ فلا بأس )
[2]
.
وهذه الرواية رُويت بطريقَيْن :
أحدهما : ضعيف بعبد الله بن الحسن ، فإنَّه مهمل .
والثاني : صحيح ، حيث رواها علي بن جعفر في كتابه ، وصاحب الوسائل له طريق صحيح إليه .
وجه الاستدلال في هذه الصحيحة - مع أنّ المعروف عدم نجاسة بول الدواب - : هو أنّ المستفاد من هذه الصحيحة سؤالًا وجواباً : كون وجوب إزالة النجاسة عن المسجد أمراً مفروغاً منه .
ومن هنا ، تحيّر علي بن جعفر في مزاحمة وجوب الإزالة للصلاة ، حيث اعتقد نجاسة بول الدواب ، فسأل عن جواز الصلاة في المسجد قبل الإزالة .
اللهمّ إلّا أنْ يُقال: إنَّه يُستبعد عدم معرفة علي بن جعفر ¬ بطهارة أبوال الدواب ، إذ لا يخفى هذا الحكم على مثله ، لقدره وجلالته .
وعليه ، فيكون الإزالة في خصوص المورد أمراً مرغوباً فيه ، فيُحمل على الاستحباب ، كما أنَّ تعجيل الصلاة أمراً مستحبّاً ، فكأنّ علي ¬ تحيّر في تقديم أي المستحبَيْن ، فتخرج الصحيحة عن المطلوب ، نعم ، هي مؤيِّدة للمطلب بلا إشكال .
وقد يُستدل لوجوب الإزالة بروايتَيْن :
الأُولى: رواية محمَّد الحلبي قَالَ: ( نَزَلْنَا فِي مَكَانٍ بَيْنَنَا وبَيْنَ الْمَسْجِدِ زُقَاقٌ قَذِرٌ ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّه ، فَقَالَ : أَيْنَ نَزَلْتُمْ ؟ فَقُلْتُ : نَزَلْنَا فِي دَارِ فُلَانٍ ، فَقَالَ : إِنَّ بَيْنَكُمْ وبَيْنَ الْمَسْجِدِ زُقَاقاً قَذِراً ، أَوْ قُلْنَا لَه : إِنَّ بَيْنَنَا وبَيْنَ الْمَسْجِدِ زُقَاقاً قَذِراً ، فَقَالَ : لَا بَأْسَ ، الأَرْضُ تُطَهِّرُ بَعْضَهَا بَعْضاً ، قُلْتُ : والسِّرْقِينُ الرَّطْبُ ، أَطَأُ عَلَيْه ؟ فَقَالَ : لَا يَضُرُّكَ مِثْلُه )
[3]
وأما الرواية الثانية تأتي
[1] - الوسائل باب22 من أبواب النجاسات ح8
[2] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح18
[3] - الوسائل باب32 من أبواب النجاسات ح4