< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/06/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ البول والغائط
 قال المصنف: ( وإن عرض تحريمه )
  لا فرق في الحكم بين أن يكون أصله حراما كالسباع ، ونحوها ، وبين ما عرض له التحريم ، كالجلّال ، والموطوء ، وشارب لبن الخنزيرة حتى يشتد لحمه ، والمراد بالجلّال المتغذي بعذرة الإنسان ، فلا يدخل فيه المتغذي بغيرها من النجاسات والمتنجسات ، والمرجع في صدق العنوان إلى العرف ، فلا يكفي أن يتغذّى بعذرة الإنسان يومًا وليلة ، بل لا بدّ أن يكون أكثر من ذلك .
  هذا ، وقد ادّعى غير واحد الإجماع على عدم الفرق في المسألة ، كالعلّامة في "التذكرة" ، حيث قال: ( رجيع الجلّال من كلّ حيوان ، وموطوء الإنسان ، نجس ، لأنّه حينئذٍ غير مأكول ولا خلاف فيه ... ) ، وكذا غيره في غيرها وفي "الجواهر" بلا خلاف أجده ... .
 وفيه: أنّ حكاية الإجماع وإن كانت مستفيضة إلّا أنّه يبقى إجماعًا منقولًا بخبر الواحد ، وقد عرفت ما فيه .
 والإنصاف: أن يُستدل لذلك بحسنة عبد الله بن سنان المتقدّمة ( اِغسل ثوبك من أبوال ما لا يُؤكل لحمه ) أعمّ ممّا كان بالعارض ، وقد استُدل أيضًا بخبره الآخر المتقدّم ( اِغسل ثوبك من بول كلّ ما لا يؤكل لحمه ) لكنّه ضعيف ، كما عرفت .
 ولكن قد يُقال: إنّ الحسنة معارضة بما دلّ على طهارة بول الشاة ، والبعير ، وغيرها ، من الدواب والبغال والحمير ، لشموله لحال الجَلل أو الموطوئية ، والنسبة بينهما عموم وخصوص من وجه ، لأنّ الحسنة موضوعها ما لا يُؤكل لحمه ، وهو أعمّ ممّا كان بالأصالة ، أو بالعرض ، كالجلال والموطوء ، والذي دلّ على طهارة بول الشاة والبعير ، ونحوهما ، يشمل حالتَي الجَلل وعدمه ، والموطوء وعدمه .
  فإن قلنا: إنّ الحسنة منصرفة إلى ما لا يُؤكل لحمه بالأصالة ، فلا كلام حينئذٍ ، وإن منعنا ذلك - كما هو الإنصاف - إذ لا موجب للانصراف ، فبعد التساقط حينئذٍ في مورد الاجتماع يكون المرجع أصالة الطهارة .
  ولكنّ الصحيح أنّه لا تصل النوبة إلى أصالة الطهارة
 بل قد يقال: بعد التساقط يرجع إلى العموم الفوقاني ، وهو ما دلّ على نجاسة البول مطلقا ، حيث إنّه ليس طرفًا للمعارضة ، ولم نقل : بانقلاب النسبة بعروض المخصص عليه ، كما هو مبنانا في المسألة ، ولكنّك عرفت أنّه منصرف إلى بول الإنسان ، كما قوينا سابقا ، فراجع ما قلّناه في وجه الانصراف .
  ثمّ إنّه مع ذلك لا نرجع إلى أصالة الطهارة ، بل نعمل على طبق حسنة عبد الله بن سنان وذلك لأنّ الحسنة إن قلنا: إنّها شاملة لجميع أفراد ما لا يُؤكل لحمه بالعموم ، لا بالإطلاق ، باعتبار أنّ الجمع المضاف ، كالجمع المحلى بالألف واللام ، من صيغ العموم ، فوجه تقديم الحسنة على ما دلّ على طهارة بول الشاة والبعير وغيرهما واضح ، لأنّ شمول ما دلّ على طهارة بول الشاة لحالتَي الجَلل وعدمه بالإطلاق الأحوالي ، وهو متوقف على مقدمات الحكمة ، والتي فيها عدم نصب قرينة على الخلاف ، والعموم المستفاد من حسنة عبد الله بن سنان صالح للقرينية ، فلا ينعقد الإطلاق حينئذٍ
 وأما إن قلنا: إنّ دلالة الحسنة على جميع أفراد ما لا يؤكل لحمه بالإطلاق ، لا بالعموم ، باعتبار أنّ الجمع المضاف ليس كالجمع المحلّى بالألف واللام ، فهي أيضًا مقدّمة على غيرها ، لأنّ الإطلاق الأفرادي الشمولي مقدّم على الإطلاق والأحوالي عند العرف .
  والسر فيه: أنّ تقديم الإطلاق الأحوالي يوجب رفع اليد عن الحكم في الإطلاق الشمولي بالنسبة إلى بعض الأفراد ، لما عرفت أن الحكم في الإطلاق الشمولي ينحلّ إلى أحكام متعددة حسب تعدد الأفراد ، فتقديم الإطلاق الأحوالي يوجب رفع اليد عن الحكم في الإطلاق الشمولي ، فإنه لا يوجب رفع اليد عن الحكم في الإطلاق الأحوالي ، إذ لا تعدد فيه ، بل يوجب تضييق دائرته ، لأنّ الحكم في الإطلاق الأحوالي واحد متعلق بالطبيعة ، فتقديم الإطلاق الشمولي عليه يوجب تضييق دائرته فقط ، فيكون المراد من طهارة بول الغنم مثلا هو الغنم المحلّل فقط غير الشامل لحالة الجلل أو الموطوء ، والله بحقائق أحكامه .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo