الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/06/16
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ الماء النجس\ استعماله في الطهارة\الصلاة به
قال الشهيد ( فلو صلى به أعاده في الوقت ، وخارجه على الأقوى )
اختلف الأعلام في هذه المسألة
قال الشيخ في "المبسوط" : ( إذا استعمل النجس في الوضوء ، أو غسل الثوب عالِمًا ، أعاد الوضوء والصلاة ، وإن لم يكن علم أنّه نجس نُظِر فإن كان الوقت باقيًا أعاد الوضوء والصلاة ، وإن كان خارجًا لم يجب إعادة الصلاة ، ويتوضّأ لما يستأنف من الصلاة ... ) .
وقال علي بن بابويه - في الماء المتغير من البئر بالنجاسة - : ( فإن توضّأت منه ، أو اغتسلت ، أو غسلت ثوبك ، فعليك إعادة الوضوء والغسل والصلاة وغسل الثوب )
وأطلق ، ولم يفصّل بين العلم وعدمه ، ولا بين كونه في الوقت أو خارجه .
وقال ولده الشيخ الصدوق : ( فإن توضّأ رجل من الماء المتغيّر ، أو اغتسل ، أو غسَل ثوبه ، فعليه إعادة الوضوء والصلاة وغسل الثوب )
وأطلق ولم يفصّل أيضا .
وقال ابن الجنيد : ( وإذا تيقن الإنسان أنه غسل ثوبه أو تطهر بالماء النجس من البئر أو غيره غسل الثوب بماء طاهر وأعاد الطهارة ، وغسل ما أصاب بدنه وثوبه وأعاد الصلاة ما كان في الوقت )
ثم قال في موضع آخر : ( ولو صلى فيه ، أو عليه ، ثمّ علم بنجاسته ، اخترت له الإعادة في الوقت وغير الوقت ، وهي في الوقت أوجب منها إذا خرج ).
وقال الشيخ المفيد - في المتغير بالنجاسة - : ( لو توضأ فيه قبل تطهيره أو اغتسل منه لجنابة أو شبهها ، وصلى بذلك الوضوء أو الغسل لمتجزه الصلاة ووجب عليه إعادة الطهارة بماء طاهر ، وإعادة الصلاة )
وأطلق ، ولم يفصّل بين العلم وعدمه ، ولا بين كونه في الوقت أو خارجه
وقال ابن البراج : ( الماء النجس إن تطهّر به مع علمه ، أو سبق علمه ، أعاد في الوقت وخارجه ، وإن لم يسبقه العلم أعاد في الوقت دون خارجه ).
وذهب العلّامة إلى إعادة الصلاة والوضوء والغسل إن وقعا بالماء النجس ، سواء أكان الوقت باقيا أم لا ، وسواء سبقه العلم أم لا .
قال المحقّق الخونساري في "مشارق الشموس" - فيما لو تطهّر بالماء النجس - : ( إنّ العامد والناسي يعيدان في الوقت وخارجه ، وأمّا الجاهل فلا يعيد مطلقًا ، كما هو ظاهر ابن إدريس ... ) .
وظاهر المصنّف هنا ، وفي "الذكرى" أنّ الحكم بوجوب الإعادة في الوقت وخارجه - فيما لو توضّأ بالماء النجس أو اغتسل به - يشمل العامد والناسي والجاهل ؛ وهذا هو الانصاف .
وقد يُستدل لوجوب الإعادة على العامد والناسي مطلقًا بصحيحة علي بن مهزيار
قال: ( كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره أنّه بال في ظلمة الليل ، وأنه أصاب كفه بِردّ نقطة من البول ، لم يشكّ أنّه أصابه ، ولم يرَه ، وأنّه مسحه بخرقة ، ثمّ نسي أن يغسله ، وتمسّح بدُهن فمسح به كفَيه ووجه ورأسه ، ثمّ توضّأ وضوء الصلاة ، فصلّى ، فأجاب - بجواب قرأته بخطّه - : أمّا ما توهّمت ممّا أصاب يدك فليس بشيء ، إلّا ما تحقق ، فإن حققت ذلك كنت حقيقًا أن تُعيد الصلوات التي كنت صليتهن بذلك الوضوء بعينه ، ما كان منهن في وقتها ، وما فات وقتها فلا إعادة عليك لها ، من قِبل أن الرجل إذا كان ثوبه نجسًا لم يعدِ الصّلاة ، إلّا ما كان في وقت ، وإذا كان جُنبًا ، أو صلّى على غير وضوء فعليه إعادة الصلوات المكتوبات التي فاتته ، لأنّ الثوب خلاف الجسد ، فاعمل على ذلك إن شاء الله تعالى )
[1]
.
والرواية صحيحة لأنّ الكاتب ، وهو سليمان بن رشيد ، وإن كان مجهولًا - كما أنّ المكتوب إليه يحتمل كونه غير المعصوم - إلّا أنّ الظاهر أنّ المكتوب إليه هو المعصوم ، لأنّ علي بن مهزيار لا يقول في غير الإمام : (فأجابه بجواب قرأته بخطه) ، مع شيوع المكاتبة للإمام في عصره ، وبناء على ذلك لا يضرّ حينئذٍ جهالة الكاتب بعد قراءة علي بن مهزيار لجواب الإمام .
واحتمل الفاضل الأصبهاني في كشفه: أنّ المكتوب إليه هو علي مهزيار ، أي كتب إلى علي بن مهزيار سليمان بن رشيد ، ويكون القائل : (فأجاب بجواب قرأته بخطه) الراوي عن علي مهزيار ، وهو كلٌّ من أحمد بن محمد ، وعبد الله بن محمد .
وفيه: أنّ هذا الاحتمال بعيد جدًّا عن ظاهر العبارة ، وهذه الصحيحة لا تشمل الجاهل ، لأنّ السائل فرض أنّ الاطّلاع على إصابة البول وقع قبل الوضوء والصلاة .
[1] - الوسائل باب42 من أبواب النجاسات ح1 .