الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/05/12
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ المرق المتنجس بقليل الدم\ تطهيره
كان الكلام فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وذكرنا كلام صاحب المدارك نعم ما ذكره من عدم تفاوت الحال فيه بين تقديم التيمم ، وتأخيره ، في محلّه
أمّا احتمال تعيّن الوضوء بالإناء الآخر الباقي فهو لاستصحاب وجود الماء المطلق ، ولكنّه معارَض باستصحاب وجود الماء المضاف .
إن قلت: إنّنا لسنا بحاجة لاستصحاب الموضوع ، أي وجود الماء المطلق لئلَّا يعارِضه استصحاب وجود المضاف ، بل نستصحب الحكم ، أي وجوب الطهارة قبل الانقلاب ، وهذا لا معارض له .
قلت:
أوَّلًا: أنّه من استصحاب الحكم الكلي ، وقد عرفت ما فيه .
وثانيًا: أنّ موضوع الطهارة المائية وجود الماء المطلق ، واستصحاب الحكم لا يثبت موضوعه .
وأمّا احتمال تعيّن التيمم فلأنّ موضوعه عدم وجدان الماء ، وهو متحقق .
وفيه: أنّه مع احتمال كون الموجود ماءً فلم يُحرز عدم الوجدان فلم يتحقق موضوعه ، نعم هو محتمل ، ومن هنا قلنا : يجب الجمع بينهما ، والله العالم .
قال المصنف: ( بخلاف المشتبه بالنجس أو المغصوب )
يقع الكلام هنا في مقامين :
الأول: في الماء الطلق المشتبه بالنجس .
الثاني: في الماء المطلق المشتبه بالمغصوب .
أمّا بالنسبة للمقام الأوّل:
فالمعروف بين الأعلام وجوب الامتناع عن الإنائَين ، فإن لم يجد ماءً غيرهما تعيّن عليه التيمم ، وفي "المدارك" هذا مذهب الأصحاب ، وفي "السرائر" بغير خلاف ، وفي "الجواهر" إجماعًا محصّلًا ومنقولًا في الخلاف ، والمعتبر ، وغيرهما .... .
وفيه: إن كان المراد من الإجماع هو جواز التيمم في هذه الصورة لا تعيّنه فالمسألة حينئذٍ متسالَم عليها بين الجميع ، وإن كان المراد هو تعيّن التيمم فالإجماع المنقول غير حجّة كما عرفت ، لا سيّما أنّه يُحتمل أن يكون مدرَك المجمعِين الروايتين الآتيتين ، ومن هنا كان الأنسب الرجوع مباشرة إلى الروايتين ، لنرى مدى دلالتهما على ما ذهب إليه الأصحاب .
الرواية الأولى: موثّقة عمّار الساباطي عن أبي عبد الله في حديث ، قال : ( سئِل عن رجل معه إناءان ، فيهما ماء ، وقع في أحدهما قذر ، لا يدري أيّهما هو ، وحضرت الصلاة ، وليس يقدر على ماء غيرهما ، قال : يُهريقهما جميعًا ، ويتيمم )
[1]
.
الرواية الثانية: موثّقة سُماعة عن أبي عبد الله وهي مثلها
[2]
وعن العلّامة في "المنتهى" أنّ الأصحاب تلقّت هذين الحديثين بالقبول ، وعن المحقّق في المعتبر نسبتهما إلى عمل الأصحاب ، وقال المحقّق الهمداني ويدلّ عليه - مضافًا إلى النصّ والإجماع - قضاء العقل بحرمة المعصية ، ووجوب الاجتناب عن النجس الواقعي المعلوم بالإجمال ، المردد بين الإنائين ، فيجب التحرّز عن كلٍّ من المحتملين تحرّزًا من العقاب المحتمل... .
[1] - الوسائل باب 8 من أبواب الماء المطلق ح14
[2] - الوسائل باب 8 من أبواب الماء المطلق ح2