< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

41/08/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحوث تمهيدية 29/ دور المجتمع في مراقبة القيادة الإلهية

هل للمجتمع دورٌ في مراقبة القيادة الإلهية المتمثلة في المرجع ومن يحيط به من أجهزةٍ مختلفة، وما هو نوعه إن وجد؟

تمهيداً لابد أن نقول بأن الأمة القوية هي التي تتطور مع الظروف المختلفة، ولا تدع الآخرين يسبقونها، بل تكون هي المسارعة إلى الخيرات، ولا تكون الأمة كذلك إلا إذا كانت قيادتها كذلك، بأن تكون قيادةً عصرية متفوقة على الظروف ومتعالية على المستجدات والمتغيرات.

ويستدعي ذلك بأن تكون هناك مشاركة فكرية وإدارية وعملية بين القيادة والأمة، وبما أن القائد الإسلامي (المرجع) يتبع كل فردٍ فردٍ من المجتمع إتباعاً مباشراً عبر التقليد القائم على أساس القناعة الشخصية، فإن كل فردٍ يكون مسؤولاً عن القائد وتصرفاته.

والدليل على ذلك:

أولاً: الأحكام الشرعية ليست خاصة بالقادة، بل هي عامةٌ، فخطابات القرآن الكريم تعم الجميع، ويقوم القائد بالتوجيه والدعوة إلى تطبيقها، وربما يقوم ببعض الأدوار، ولكن الأحكام الشرعية يشترك فيها المكلف مع القائد، والرب سبحانه يخاطب المجتمع بقوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ﴾ [1] ، وذلك واجب الجميع، وكذلك العدل واجب الجميع، حيث يقول: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾[2] ، وكذلك الأمر بالنسبة إلى النفر للجهاد والتواصي وغيرها من الواجبات التي هي واجبات كل فردٍ من أبناء الأمة.

ومن هنا؛ فإذا ضعف القائد أو قصّر عن قيامه بواجبه بالمقدار الكافي، فإن الأمة لا تعذر بذلك؛ لمسؤولية الجميع وتكليفهم على تطبيق الشرع وأحكامه.

ثم إن هناك صفاتاً لابد من توفرها في القائد، وقد تحدثنا عنها من الفقاهة والعدالة والورع، وهذه الصفات قد تفقد لسببٍ أو بأخر، كأن يمرض فيزول علمه، أو يفقد العدالة بسببٍ أو لآخر، لإمكان تعرّضه لإمتحانات مختلفة، كما في قوله سبحانه، بالنسبة إلى العالم العابد الذي انسلخ عن آيات الرب: ﴿وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوينَ *وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [3] ، وهكذا لابد من الرقابة المستمرة على صفات القائد التي تؤهله لقيادة المجتمع.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo