< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

41/06/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عن الوصي 12

 

يلزم الوصي بحدود وصية الموصي، ومع الشك في حدودها يقتصر على القدر المتقين، كما أن التحديد يمكن أن يكون زمانياً، بأن يكون وصياً في أزمنةٍ دون أخرى.

وهل يجب توفّر شروط الوصي عند الوصية أم عند تنفيذها، وبعبارة اخرى هل تصح الوصية إلى الصغير مع العلم ببلوغه عند موت الموصي أو إلى السجين مع العلم بخروجه؟

قيل بلزوم توفّر الشروط عند الإيصاء، لحدوث فجوةٍ بين الإنشاء والمنشأ فيما لو قلنا بجواز تأخر توفّر الشروط عن وقت الإيصاء، وفيه: إن الوصية كسائر العقود والإيقاعات ترجع إلى العرف، والشارع يمضي ما لا يتعارض مع حدوده، وحيث لم نعرف منعاً من هذا النوع من الوصايا المعهودة لدى العرف -حيث يوصي الأب إلى ولده الصغير وما أشبه- فيمكن القول بصحة الوصية، وفيما لو مات قبل توفّر الشروط يقوم الحاكم مقام الوصي حتى توفّرها فيه.

نعم، تردد المحقق في الشرائع والشيخ النجفي في الجواهر، ولكن لم يجزم أحدٌ ببطلانها.

ولو أوصى إلى صغيرٍ فبلغ عاجزاً عن تنفيذ الوصية بعضاً أو كلاً، وكذا لو أوصى إلى محبوسٍ فخرج من الحبس كذلك، ضم إليه الحاكم من يعينه أو يستبدله بغيره، كما مرّ في مسألة عجز الوصي.

 

مسألة: الوصي على الكبار

ليس للموصي أن يحدد أولياء على ورثته الكبار، لتسلط الناس على أنفسهم إن بلغوا الرشد، إلا إذا رضوا هم بذلك، وحينئذٍ وجب عليهم الإلتزام بتوجيهات الوصي، وذلك للقول بلزوم الوصية مع قبول الموصى له أو الموصى إليه بها، بعد موت الموصي.

نعم؛ إذا كانت الوصية تخالف الأحكام الشرعي فلا يلزمه تنفيذها لسبق شرط الله سبحانه شرط الناس، وفي هذا المجال روي عن محمد بن مسلم ما يفيد هذا الحكم، حيث روى عن أبي عبد الله عليه السلام، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ بِوُلْدِهِ وَ بِمَالٍ لَهُمْ وَ أَذِنَ لَهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَعْمَلَ بِالْمَالِ وَ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ: "لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَ هُوَ حَيٌّ"[1] .

فما دام قد أذن له وقبل الورثة، فعليهم أن يلتزموا بالأمر بعد وفاته.

وهل له أن يمنعهم من التصرف في الثلث مع تمليكه لهم؟

يبدو من الشرائع والجواهر المنع من ذلك، لأنه معارضٌ لتمليكه إياهم، نعم؛ له أن يوصي بصرفه في موارد مختلفة، ولكن مع إنتقاله إليهم بالإرث ليس له منعهم من التصرف فيه.

ويصح ذلك في العنوان الأولي، إما إذا قبلوا هم بالوصية في زمن حياته فلا إشكال في الأمر، قال في الشرائع ممزوجاً بالجواهر: "و لو أوصى بالنظر في المال الذي تركه لهم لم يصح له التصرف في شي‌ء منه، لأنه من الولاية عليهم أيضا بل و لا في ثلثه منه لأنه لا ولاية له عليه مع عدم الوصية به، و عدم إخراجه عن إرث الوارث، فلا تصح الولاية عليه مع كونه ملكا للوارث كما في نظائره "[2] ، ولكن المرجع الشيرازي قدس سره ذهب إلى إحتمال صحة مثل هذه الوصية، فقال ردّاً على الجواهر: "لكن ربما يحتمل صحة مثل هذه الوصية، إذ لما كان للميت بثلثه كان له أن يجعل النظر في ثلثه إلى الوصي بطريق أولى، ففي الثلثين لا حق له في جعل الولاية، أما في الثلث فله ذلك، لإطلاق أدلة الوصية، وإطلاق دليل الثلث، كما أن له أن يقيد ثلثه"[3] .

ومن الصعب تأييد المرجع الشيرازي قدس سره، لإعتماده على العمومات، ولكنها تتعارض مع عموم سلطنة الناس على مالهم، والله العالم.

 


[1] الكافي: ج7، ص62.
[2] جواهر الكلام: ج28، ص436.
[3] الفقه: ج61، ص444.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo