89/02/12
بسم الله الرحمن الرحیم
فصلٌ هل یبقی الجواز بعد النسخ الوجوب؟/الفصل الرابع:فی مقدمة الواجب /المقصد الاول: فی الامر
موضوع: المقصد الاول: فی الامر/الفصل الرابع:فی مقدمة الواجب /فصلٌ هل یبقی الجواز بعد النسخ الوجوب؟
قال صاحب الكفاية (ره):
«إذا نسخ الوجوب فلا دلالة لدليل الناسخ و لا المنسوخ على بقاء الجواز بالمعنى الأعم و لا بالمعنى الأخص كما لا دلالة لهما على ثبوت غيره من الأحكام [مثل الحرمة]: ضرورة أن ثبوت كل واحد من الأحكام الأربعة الباقية بعد ارتفاع الوجوب ،واقعا ممكن و لا دلالة لواحد من دليلي الناسخ والمنسوخ بإحدى الدلالات على تعيين واحد منها كما هو أوضح من أن يخفى فلا بد للتعيين من دليل آخر ...»[1]
أقول:
- اما عدم دلالتهما على بقاء الجواز بالمعنى الأخص: اى الاباحة الشرعية المتساوية طرفاها من دون رجحان لاحدهما فواضح، لان نفى شى خاص لا يدل على اثبات شئ آخر ولا يدل على أزيد من نقى الوجوب: نعم، نسخ الوجوب دل بالدلالة الالتزامية العقلية على ثبوت حكم آخر اجمالاً من غير تعيين بناء على عدم جواز خلو الواقعة عن الحكم.
- اما عدم دلالتهما على بقاء الجواز بالمعنى الاعم: و هو «الاذن في الفعل و جنس» لما عدا الحرمة المشترك بين الوجوب[2] و الندب و الاباحة و الكراهة -كما صرح به صاحب المعالم (ره)-
فلان الوجوب ليس مركبا من امرين
- أحدهما: الاذن في الفعل؛
- و ثانيهما: المنع من الترك.
كي يقال: ان دليل المنسوخ دل على ثبوت كل من الجزئين والمتيقن من الارتفاع بالناسخ هو المنع من الترك فيبقى دلالة المنسوخ و هو الوجوب على الجزء الأول على حالها بلا مزاحم لها؛
بل الوجوب على التحقيق هو «طلب اكيد و مرتبة شديدة من الطلب» فمع ارتفاع هذا الطلب فلا يبقى دلالة على بقاء الاذن في الفعل.
فدلالة دليل الناسخ هو: «رفع الوجوب فقط» و لا يدل على أزيد من ذلك.
- اما و عدم دلالة دليل المنسوخ على ساير الاحكام: فلان مفاده قبل النسخ ثبوت الوجوب مثل الأمر بالصدقة عند التجوى مع رسول الله (ص) و قد ارتفع على الفرض بقوله تعالى ﴿تاب الله عليكم...﴾ في الآية التالية:
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَى نَجْواكُمْ صَدَقَةٌ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ أَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[3] أ
﴿اَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَى نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتِ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾[4]
ان قلت:
يمكن أن يبقى الجنس بعد ارتفاع الفصل.
قلت:
اولاً: الكلام في الوقوع لا الامكان و مجرد امكان شئ لا يدل على وجوده.
ثانياً: ان امكان بقاء الجنس بعد ارتفاع الفصل على تقدير تسليمه انما هو في الجواهر المركبة حقيقة من الجنس والفصل و الاحكام الشرعية بسائط لا جنس لها ولا فصل و هي مجرد اعتبار المولى في عهدة العبد.
فعدم دلالة دليلى الناسخ والمنسوخ على حكم آخر من الأحكام الباقية هو ان كل واحد من تلك الاحكام ممكن الثبوت و لكن لا دلالة باحدى الدلالات على خصوص واحد من تلك الاحكام ومن المعلوم عدم امكان الحكم بلا دليل فلابد لتعيين حكم للمورد من دليل آخر غير دليل الناسخ وا و المنسوخ.