88/08/27
بسم الله الرحمن الرحیم
تذنیبان/الفصل الرابع: فی مقدمة الواجب /المقصد الاول: فی الامر
موضوع: المقصد الاول: فی الامر/الفصل الرابع: فی مقدمة الواجب /تذنیبان
مقدمه:
قال المحقق الخراسانی (ره):
تذنيبان، الأول: لاريب في استحقاق الثواب على امتثال الأمر النفسى و موافقته و استحقاق العقاب على عصيانه و مخالفته عقلا
استحقاق الثواب والعقاب على الواجب النفسي
اقول:
في التذنيب الاول مسئلتان:
المسلة الأولى: أن الامر النفسى هل يُستحق على امتثاله ثواب و على عصيانه عقاب؟
قال المصنف (ره): نعم لاريب في ترتب الثواب والعقاب عليه عقلاً فان العقل يحكم بان امتثال الامر النفسى طاعة فيستحق على امتثاله ثواب و يحكم ايضاً أن مخالفته تمرد و طغيان على المولى و خروج عن رسم العبودية فيستحق عليه العقاب.
اشكال الاستحقاق
و لكن يرد على صاحب الكفاية (ره) اشكالان:
الاشكال الاول: أن استقلال العقل باستحقاق العبد للثواب والعقاب في الامتثال و العصيان، فيه نظر، لأن المولى يكون له حقٌ ثابت على العبد فعليه أن يمتثل أوامره ونواهيه، فإذا اطاع العبد أمر مولاه و نهیه، فقد ادى اليه حقه [المولى] و مع اداء الحق لا يصير العبد مستحقاً للثواب و الا لتسلسل؛ لأن العبد اذا امتثل امر مولاه و ادى اليه حقه، صار فرضاً ذا حق على المولى و المولى اذا اتابه وادى ليه حقه صار ايضاً ذا حق عليه و إذا امتثل العبد و أدى حقه صار ذا حق على المولى و هكذا يتسلسل و هو باطل قطعاً.
الاشكال الثاني: أن نظرية الاستحقاق قبال الطاعات ليس مورداً للتسالم فإنما هو مذهب جمهور فقهاء العامة و أكثر المتكلمين وقد خالفهم الاشاعرة و جماعة من الامامية مثل شيخ المفيد(ره) و من تبعه حيث أنهم ذهبوا الى عدم كون التواب بالاستحقاق بل بالتفضل.
تفصيل الكلام في محتملات الاستحقاق ثلاثة:
• الاحتمال الاول: أن يُراد به العلاقة اللزومية بين فعل العبد و ثواب عليه نظير مالكية الاجير للاجرة بحيث لو منع عن الاجر كان ظلماً و عليهذا فالمراد بالاستحقاق ثبوت حق للعبد عقلاً عليه سبحانه بان يعطيه الاجر بازاء عمله كالاجير.
و لكن هذا الوجه فاسد لان استقلال العقل بلزوم انقياد العبد لمولاه يكون على رسم العبودية حيث كفران المنعم الحقيقى ظلم عليه فيوجب استحقاق العقوبة فاستحقاق العقاب عقلا في طرف المخالفة لكونها طغياناً و هتكاً للحرمة لا بأس بالتزامه؛ بخلاف اطاعة الاوامر حيث إن العقل يحكم يكون الاطاعة من وظائف العبودية و من قبيل اداء الوظيفة و لا معنا لاستحقاق الثواب على اداء رسوم العبودية، نعم يمدح العقلاء المنقاد لاوامر المولى من غير استحقاق الاجر الا بنحو التفضل.
قابلية العبد للفيض
• الاحتمال الثاني: أن يُراد بالاستحقاق قابلية العبد بسبب اداء الواجبات لفيض البارى تعالى و. هذا المعنى صحيح في نفسه و لكن الاستحقاق بهذا المعنى ليس محلاً للنزاع؛
و محل النزاع ثبوت حق للعبد على مولاه لاجل اطاعته.
لزوم الوفاء بالوعد
الاحتمال الثالث: أن يُراد بالاستحقاق الاستحقاق الشرعى بمعنى وجوب اعطاء الاجر على البارى (جلت عظمته) لاجل وعده عز وجل عباده المطيعين بالجنة و وعده صدق، لا يجوز التخلف فيه، فيجب الوفاء به.
و لكن يرد عليه:
ان لزوم الوفاء بالوعد اجنبي عن معنى الاستحقاق لانه ناش عن الفعل الصادر عن العبد الموجب للاجر و قلنا سابقاً أن العبد باداء وظيفة العبودية لا يستحق حقاً على مولاه.
فتحصل أن الاستحقاق بمعنى الاول لا يمكن الالتزام به فى الواجبات النفسية فضلاً . عن الغيرية و بالمعنيين الآخرين لاربط له بالاستحقاق المتنازع فيه عند المتكلمين فما افاده صاحب الكفاية(ره) من عدم الريب في استحقاق النواب على امتثال الأمر النفسي عقلاً، لا وجه له.