< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع / بعض ادلّة وجوب التصدّق فيما علم المقدار وجُهل المالك/ المال الحلال المختلط بالحرام / كتاب الخمس

والاحوط ان يكون باذن المجتهد الجامع للشرائط[1]

هذا وقد ذكر السيد الخوئي قدس سره دليلاً آخر في المقام وهو:

1ـ لو قلنا ان التصدّق بمجهول المالك هو في المال المتميِّز (الخارجي), وعادة يكون معلوم المقدار.

2ـ وقلنا: ان اخبار التخميس تشمل ما اذا لم يعلم مقدار الحلال والحرام, اذن هي لا تشمل المقام,

3ـ اذن ما نحن فيه وهو صورة ثالثة, لانّ هذا المال الذي عندنا مُزِج في الخارج وعلم مقدار حرمته, ولكن لم نعلم صاحبه, فماذا نعمل بهذا المورد؟

فانْ قيل: حتى يتلف فهو باطل.

وانْ قيل: يتملّك, فهو باطل لعدم الدليل على التملّك.

وانْ قيل: يتصدّق به, فهو متعيّن, لانّ التصدّق به هو نحو إيصال للمال الى مالكه, اي نوصل عوضه ان لم يكن إيصاله, اذن هذا متعيّن فلا نحتاج الى نصّ في التصدّق عن المالك في موردنا, فالاقوى هو ما ذهب اليه المشهور, فلاحظ.

ملحوظة: اذا قلنا ان المال المعلوم قدراً وهو حرام وقد اختلط مع اموالي – مثلا – فيجب التصدّق به باكمله على الفقير, للدليلين المتقدمين وكذا اذا كان مجهول المالك قد وقع في يدي لا بعملية محرّمة فكذلك يجب التصدّق به باكمله.

ولكن نقول: لماذا يفتي بعض الفقهاء (ومنهم الس السيستاني حفظه الله): بانّ المال الحرام الذي يضعه البنك

كفائدة على الودائع الثابتة لديه وهو معلوم قدراً ولكن لا يعلم مالكه يكفي لصاحب المال المودَع ان يتصدّق بنصفه

ويأخذ النصف الآخر له؟!!

والجواب: ان ما ذكرناه من التصدّق بالمعلوم قدراً المجهول مالكه (سواء كان حراماً وقد اختلط مع اموالي ام كان حلالاً متميِّزاً) انما هو في المملوك ملكاً شخصياً للآخرين, امّا فتوى السيد السيستاني حفظه الله بالتصدّق بنصف مجهول المالك فهو في البنوك الحكومية اي في الاموال العامّة التي تكون ملكاً للإمام عليه السلام ومن بعده الحاكم الشرعي, فالذي يضع امواله في البنك والبنك شخصية حقوقية ( اعتبارية أو معنوية) لا يكون مالكاً لما تحت يده, بل أموال البنك الحكومي كلها هي من الأموال العامّة التي تكون للإمام عليه السلام ومن بعده للحاكم الشرعي فهنا يكون الحاكم الشرعي هو المالك لهذا المال الذي يكون منشؤه هو الانفال التابعة للمنصب فهنا إرتأى الحاكم الشرعي ان يكون نصفه للفقراء ونصفه لمالك المال الذي جاءت عليه فوائد, فلاحظ.

1)ما هو دليل ما اذا كان عندنا علم بمقدار الحرام المختلط بالحلال الذي حكمه هو التصدّق, ان يكون التصدّق

باذن الحاكم الشرعي؟

وفي جوابه نقول

1ـ قال السيد الحكيم قدس سره: (لعموم ولاية الحاكم لمن لا ولي له)[2] والذي الاولي له هو الغائب المجهول امّا بالولاية العامّة أو بالولاية الحسبيّة, وأمّا مَن بيده المال فلا ولاية له على مال الغُيَّب الذي بيده.

2ـ وذكر السيد الخوئي قدس سره: ان الدليل هو: القدر المتيقّن الذي يجوّز التصرّف في ملك الغير بعد ان كان مقتضى الأصل عدم الجواز لأيّ أحد ان يتصرف بمال الغير بدون اذن, الاّ ان الحاكم الشرعي بولايته العامّة أو الحسبيّة يجوز له التصرّف بما انه ولي[3] .[4]

أقول: هذا القول راجع الى القول الاول.

ويرد على القولين: ان نصوص التصدّق الواردة في المقام في انّ صاحب اليد هو الوالي الذي يتصدّق بالمال الذي في بيده وهو للغير الغير معلوم.

ولكن قد يقال: ان روايات التصدّق قد بيّنت حكم المال الذي للغير في أيدينا ولا نعرف صاحبه وهذا حكم شرعي امّا من يقول بإعمال الحكم الشرعي؟ فان الرواية ليست في مقام البيان من هذه الناحية ليقال انها مصلحة تشمل جواز تنفيذ الحكم الشرعي من كل واحد ومهم بيده المال.

ولكن يمكن ان يقال: ان الامر بالتصدّق بنفسه هو اذن في التصرّف وهو حكم أيضاً, الاّ ان الجزم بذلك مشكل, وذلك لان الروايات الواردة في مجهول المالك بعضها قد بيّن الحاكم الشرعي كما في موثّقة اسحاق بن عمّار, اذ قال الامام عليه السلام بعد ان قال له الراوي: ان السبعين درهماً اذا لم نعرف صاحبها ما هو الحكم فقال: يتصدّق بها[5] .

وهذا هو بيان للحاكم الشرعي فلا يوجد بيان في مَن هو المتصدّق الاّ ان معتبرة يونس بن عبد الرحمن عندما سأله عن متاع الغير الذي كان بمكّة وافترق عنّا, وقال له الامام تحملونه أو تلحقونه الى الكوفة, فقال له السائل: انه ليس من أهل الكوفة ولا نعرف مكانه فقال: اذا كان كذلك فبعْه وتصدّق بثمنه[6]

وهذه الرواية وان كانت بياناً للحاكم الشرعي في بيعه والتصدّق به, وقد خاطب الواجد صاحب اليد, الاّ اننا نحتمل ان الأمر للإمام وهو قد اجازه بكلا الأمرين, فلا تدل على ان الرواية لصاحب اليد على مال الغير غير المعلوم.

وأمّا معتبرة زرارة القائلة: (ان هذا الخاتم الذي في يد الامام قد جاء به السبيل وانا أريد ان اتصدّق به, فهي لا

تدلّ على ان مجهول المالك يتمكن الواجد ان يتصدّق به اذ نحتمل انه قد حصل عليه من غيره والامام يريد التصدّق به

3ـ وقد نقول بوجود روايات اعتبرت الاذن من الامام عليه السلام في التصرّف بالتصدّق مثل رواية داود بن ابي يزيد عن ابي عبدالله عليه السلام قال: رجل اني قد أصبت مالاً واني قد خفت فيه على نفسي ولو أصبت صاحبه دفعته اليه وتخلّصت منه قال الامام عليه السلام: والله أن لو أصبته كنت تدفعه اليه؟ قال إي والله قال الامام عليه السلام ماله صاحب غيري, فاستحلفه ان يدفعه الى مَن يأمره قال: فحلف فقال: فاذهب فأقسمه في اخوانك, ولك الأمن ممّا حلفت من. فقال فقسمته بين اخواني[7] .

 


[3] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي، ج25.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo