< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

40/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط التمسك بحديث الرفع - أصل البراءة- مبحث الأصول العملية.

وقد يقال:- إنَّ من جملة تلك الشرائط أن يكون الأثر أثراً وجودياً لا عدمياً ، فمثلاً لو فرض أنَّ شخصاً زاد سورة في الصلاة ونشك هل هذا تؤثر في البطلان أو لا فنطبق آنذاك حديث الفرع وهذا لا مشكلة فيه ، أما إذا ترك السورة فهل يمكن آنذاك تطبيق حديث الرفع ؟ ربما يقال لا يمكن ذلك فإنَّ لازم تطبيق حديث الرفع يعني رفع الترك ولازم رفع الترك هو أنه أوجد السورة والحال أنَّ حديث الرفع هو حديث رفع لا حديث وضع وثبات ، فإذاً لا يمكن تطبيق حديث الرفع في موارد كون الأثر عدمياً وإنما يصح تطبيقه فيما إذا فرضنا أنه سهى المكلف وزاد لا أنه نقص.

والجواب:-

أولاً:- نحن قد فسرنا فميا سبق أ المقصود من حديث الرفع هو الرفع التشريعي وليس المقصود من الرفع هو تنزيل الوجود منزلة العدة وبالعكس ، وهذا كان من أحد الاحتمالات الثلاثة التي ذكرناها فيما سبق في حديث ارفع ، فإذا كنّا نفسّر حديث الرفع بالتنزيل الخارجي يعني ينزل الوجود منزلة العدم وتنزيل العدم منزلة الوجود فهنا إذا أردنا أن نطبق الحديث فلازمه أنه أتى بالسورة والمفروض أنَّ الحديث يرفع لا أنه يضع ، فهذا الكلام مبني على هذا التفسير ، ولكن نحن قلنا إن التفسير الصحيح هو أنَّ الرفع تشريعي ، يعني أنَّ ما حصل هو مرفوع في عالم التشريع ، فالزيادة أو النقيصة التي حصلت في عالم التشريع هي مخلّة إذا كانت عمداً ، فالرفع التشريعي بمعنى أنَّ هذه النقيصة لم تقع في عالم التشريع مورداً للحكم بالبطلان ، وحينئذٍ هذا لا يلزم منه إشكال.

فإذاً المقصود الرفع التشريعي لا الرفع التنزيلي بتنزيل الوجود منزلة العدم ، فالإشكال مبني على فكرة التنزيل ولا يأتي على فكرة الرفع التشريعي ، فإنه بناءً على فكرة الرفع التشريعي هذه النقيصة السهوية لم تقع موضوعاً للحكم بالبطلان ، لأنَّ النقيصة إذا كانت عمدية فهي عندنا موضوع للحكم بالبطلان ، أما إذا كانت سهوية فالحديث يقول هي لم تقع موضوعاً للحكم بالبطلان ، وهذا رفعٌ تشريعي لا إشكال فيه.

ثانياً:- قيل بأنَّ الحديث هو حديث رفع لا حديث وضع ، ونحن نقول: ما معنى أنه حديث رفع ، فهل يرفع بمعنى أنه يبدّل الوجود بالعدم والعدم بالوجود أو الرفع بمعنى التخفيف ، فرفع النسيان أو رفع الخطأ بمعنى أنه خفّف ، فهو كناية عن التخفيف ، فإذا كان البطلان ثابت في حالة العمد فهذا البطلان لا يحكم به.

ومن المعلوم في موردنا نقول ذلك ، فإنَّ المقصود من الرفع هو التخفيف ، فلا يلزم هذا الكلام الذي قيل فإنه في غير محله - من أنه لو شمل حالة الترك يلزم أن يكون حديث الرفع حديث وضع لا حديث رفع - فنحن نقول إنَّ هذا الكلام باطل من باب أنَّ هذا مبني على أنَّ المقصود من الرفع هو رفع الوجود بالعدم والعدم بالوجود ، بل المقصود هو الكناية عن التخفيف ، يعني إذا كان يحكم بالبطلان في حالة العمد فلا يحكم عليكم بالبطلان في حالة السهو ، فالرفع على هذا الأساس ليس بذلك المعنى حتى يقال يلزم أن يكون الحديث حديث وضعٍ لا حديث رفع.

الشرط السادس:- ما ذكره السيد الشهيد(قده)[1] ، من أنه يلزم أن يكون تطبيق الحديث في مورد فعل المكلف ، فإذا كان المورد فعلاً للمكلف فمتى ما صدر سهواً فسوف يشمله حديث الرفع ، أما إذا لم يكن فعلاً للمكلف فلا يشمله حديث الرفع ، فحديث الرفع هل يشمل النجاسة أو لا ؟ ، يعني إذا شككنا هل تنجّس الشيء أو لم يتنجّس فهل عباءتي لاقاها البول أو لا فهنا حديث الرفع يمكن أن نطبقه لرفع النجاسة.

وهذا بحث علمي ، وإلا فيوجد عندك طريق سهل آخر وهو إما الاستصحاب أو أصالة الطهارة ، ولكن نريد أن نعرف أنه هل يمكن أن يصير هذا دليلاً ثالثاً أو لا ، فهل يمكن أن نطبق حديث الرفع أو لا ؟ قال(قده) وقبله السيد الخوئي(قده) إنه لا يمكن تطبيق حديث الرفع ، وذلك لأنَّ حديث الرفع ناظر إلى ما كان فعلاً للمكلف ، والنجاسة وإن كانت تحصل بالملاقاة والملاقاة أحياناً هي فعلٌ للمكلف بأن نفترض أنَّ المكلف صبَّ النجس على الشيء ولكن بالتالي ليس كونها فعلاً للمكلف ذا مدخلية ، فسواء حصل ذلك بفعلٍ من المكلف أو حصل عفواً كما لو تقاطر من السقف فمادام الأمر كذلك يعني النجاسة الحاصلة بالملاقاة لا تعد فعلاً للمكلف نعم أحياناً هي قد تكون فعلاً للمكلف فلا يشملها الحديث.

وفي مقام التعليق نقول:- إنَّ هذه دعوى تحتاج إلى مثبت ، ولا نرى وجهاً لاشتراط ذلك ، نعم قد تستشهد لي ببقية الفقرات لأنَّ بقية الفقرات قد فرض فيها فعل للمكلف مثل ما اضطروا وما لا يطيقون وما استكرهوا عليه فإنَّ هذه لها أفعال للمكلف ولكن هذا لا يصير دليلاً على أنه في فقرة ( رفع ما لا يعلمون ) يلزم في تطبيقها أيضاً أن يكون المورد فعلاً للمكلف فإنه لا مثبت لذلك.

إن قلت:- أنتم قد اعترفتم بأنَّ الرفع في الحديث رفعٌ تشريعي والرفع التشريعي إنما يتعلق بفعل المكلف ، فالقرينة موجودة إذاً حيث قد فسّرنا الرفع بالرفع التشريعي والرفع التشريعي لا يكون إلا بالنسبة إلى فعل المكلف ؟

قلت:- إنَّ الرفع التشريعي يراد منه أنَّ الشيء بوجوده التشريعي يرتفع في حالة عدم العلم وفي حالة السهو ومن المعلوم أن الشيء في عالم التشريع قد يكون مرة متعلقاً للحكم فيكون فعلاً للمكلف حتماً وأخرى يكون موضعاً للحكم لا متعلقاً والموضوع لا يلزم أن يكون فعلاً للمكلف وأحدها النجاسة فالنجاسة موضوع لحكم شرعي لعدم جواز الصلاة ولعدم جواز التناول وغير ذلك فهي موضوع وليست متعلقاً والموضع لا يلزم فيه أن يكون فعلاً للمكلف.

والخلاصة من كل هذا:- إنه لا يلزم أن يكون المرفوع فعلاً للمكلف فالنجاسة لا مانع من تطبيق حديث الرفع عليها وإن كانت لنا طرق أخرى كأصل الطهارة أو الاستصحاب أو غير ذلك.

وبهذا فرغنا من تطبيق شروط حديث الرفع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo