< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

33/11/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
 والجواب:- إن المستند في ذلك هو العرف فانه العرف في زماننا لا يطلق كلمة الضرر على مجرد النقص من دون أن يستوجب الشدة والضيق كما مثلنا لذلك بمن أخذ منه قسراً أو لأجل الوضوء خمسة دنانير وهو يملك مالاً كثيراً فإن هذا نقص في المال ولكنه مادام لا يستوجب ضيقاً عليه فهو ليس ضرراً.
 وحينئذ قد يسأل سائل ويقول:- هذا صحيح في عرفنا لكن المدار على العرف وما هو مفهوم اللفظ في زمان النص وليس على زماننا؟
 والجواب:- هذه مشكلة سيّالة ، ففي جميع الموارد حينما نرجع إلى العرف إنما نرجع اليه في زماننا ، فحينما نقول إن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب فهي كذلك في زماننا وإلّا فنحن لم نعاصر زمان النص حتى نشخّص ما هو المفهوم عرفاّ آنذاك . إذن نحن نشخص ما هو المفهوم بلحاظ زماننا.
 ولكن كيف نثبت أن ما في زماننا مطابق لما كان ثابتاً في زمن صدور النص ؟
 وأجيب عن هذا أيضاً في باب الظواهر:- بأن المدرك في إثبات الوحدة هو السيرة العقلائية وهكذا المتشرعية فإنهما انعقدتا على أنهم يأخذون بما هو المفهوم في زمانهم مادام لم يثبت بالدلائل والقرائن المخالفة لعصر صدور النص ، فالعقلاء يشترون تاريخ ابن الأثير والطبري ونهج البلاغة ... وأصحاب الأئمة المتأخرين كأصحاب الإمام الهادي والعسكري صلوات الله عليهما كانوا يجمعون الأخبار الصادرة من الأئمة السابقين ويعملون بها ، وكيف كانوا يشخّصون الظواهر والمفاهيم ؟ إنه لابد وأن يكون بهذه الطريقة . إذن لا ينبغي التوقف والاشكال.
 نعم قد تقول:- هذه الطريقة جيدة ولكنها اذا تعارضت مع قول أهل اللغة فماذا نصنع ؟ أوليس قول أهل اللغة هو الراجح ؟
 والجواب:- إذا رجعنا إلى أهل اللغة وجدناهم يقولون إن الضرر ضد النفع أما التدقيق من هذه الناحية وأنه هو النقص في المال والبدن مطلقاً أو بشرط الشدّة والضيق فليس لهم في هذا المجال كلامٌ ، بل حتى لو كان لهم كلام مخالف فإننا نطرحه ونأخذ بما هو الظاهر عندنا ، اللهم إلا إذا فرض أنهم اتفقوا على معنىً معين فاتفاقهم يورث الاطمئنان بأن المعنى اللغوي يغاير ما نفهمه في هذا اليوم فتعود الحجية آنذاك إلى الاطمئنان ، أما إذا فرض أنهم لم يتفقوا بل كان بعضهم قد صرّح بالخلاف فحيث أنه لا يحصل الاطمئنان فتعود هذه الطريقة التي أشرنا اليها بلا مانع ، وهذا كلام سيال ننتفع به في موارد متعددة.
 وينبغي الالتفات إلى بعض الأمور في هذا المجال:-
 الأمر الأول:- الضرر - أو بالأحرى النقص - تارة يكون حقيقياً وبلحاظ جميع الأنظار من قبيل من قُطعت يده أو رجله فان ذلك نقص وضرر في جميع الأنظار - أي هو نقص حقيقي وبلحاظ الواقع - وتترتب عليه أحكام الضرر ، ولكن لا يصدق الضرر أحياناً الا إذا افترضنا حيثية معينة من قبيل من أتلف خمر الغير والخمر في بلاد الغرب له مالية كبيرة والضرر إنما يصدق بلحاظ أنهم يرون له ماليّة أما بلحاظنا نحن المسلمون فحيث لا نرى أن له المالية فلا يصدق حينئذ عنوان الضرر في نظرنا ، والسؤال هو:- هل يجوز تطبيق قاعدة لا ضرر في هذا المورد ونحكم بلزوم الضمان لهم إن أتلفنا شيئاً من الخمر عندهم أو لا ؟ ومن هذا القبيل أيضاً ما لو فرض أن تاجراً اشتغل في التجارة لسنوات ولكنه لم يربح ففي عرف التجار يعد عدم الربح عندهم خسارة ونقص وضرر باعتبار أن الاموال بقيت مجمدة من دون أن تدرّ بشيء ولكن من زاويتنا هذا ليس بضرر فهل يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر لو فرض وجود مجال وأثر لتطبيقها هناك ؟
 والخلاصة السؤال سؤال سيّال وعام وحاصله:- إذا فرض أن صدق الضرر كان بنحو الحقيقة والواقع فلا اشكال في تطبيق الحديث لترتيب الآثار أو انفيها ، أما إذا فرض أن الصدق كان متوقفاً على حيثية خاصة فهل يحق لنا تطبيق قاعدة لا ضرر أو لا ؟
 والجواب:- إن صحة تطبيق الحديث موقوف على إمضاء الشارع لتلك الحيثية أما إذا لم يمضها فلا يعد المورد حينئذ من مصاديق الضرر,
 إذن شرط تطبيق الحديث أحد أمور ثلاثة:-
 الأول:- أن يكون صدق الضرر صدقاً حقيقياً.
 الثاني:- أن تكون تلك الحيثية التي يتوقف عليها صدق الضرر حيثية عامة وثابتة في جميع الأنظار.
 الثالث:- أن تكون تلك الحيثية ثابتة في بعض الأنظار والشارع قد أمضاها.
 ففي هذه الموارد الثلاثة يمكن تطبيق قاعدة لا ضرر وإلّا فلا ، وهذه نكتة جميلة يجدر الالتفات إليها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo