< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/08/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الحكم السادس ( حكم من زنا بخالته بعد العقد على بنتها وقبل الدخول ) - مسألة ( 1251 ) - الحرمة بالمصاهرة - الفصل الثالث ( المحرمات النسبية والسببية ) – كتاب النكاح.

الحكم السادس: - لو زنا بخالته بعد العقد على بنتها وقبل الدخول فهنا ما هو الحكم؟

وقبل بيان هذا الحكم نشير إلى أنه يوجد فرع آخر يرتبط بهذه المسألة لم يشر إليه السيد الماتن هنا وإنما أشار إليه في مسألة ( 1253 ) وكان المناسب ضمه إلى فروع هذه المسألة لأنها تتعرض إلى فروع هذه القضية، والفرع الآخر هو ما لو حصل الزنا بأم الزوجة بعد العقد والدخول معاً، ونحن سوف نبحث هذين الفرعين هنا الأول ما تعرض إليه السيد الماتن في الحكم السادس وهو ما لو حصل الزنا بأم الزوجة بعد العقد والدخول والثاني ما لو حصل الزنا بأمها بعد العقد وقبل الدخول، فنحن نربط بين هذين الفرعين لارتباط المدارك.

أما الفرع الأول - وهو ما لو زنا بالخالة بعد العقد والدخول ببنتها -: - ففي مثل هذه الحالة لا تحرم عليه بنت الخالة - أي زوجته - وقد دلت على ذلك مجموعة من الروايات، ويكون هذا المورد من موارد قاعدة ( لا يحرّم الحرامُ الحلالَ )، والروايات هي:-

الرواية الأولى: - معتبرة أبي الصباح الكاني، وهي ما وراه محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام: - ( إذا فجر الرجل بالمرأة لم تحل له ابنتها أبداً، وإن كان قد تزوج ابنتها قبل ذلك ولم يدخل بها فقد بطل تزوبجه، وإن هو تزوج ابنتها ودخل بها ثم فجر بأمها بعدما دخل بابنتها فليس يفسده فجوره بأمها نكاح ابنتها إذا هو دخل بها وهو قوله " لا يفسد الحرامُ الحلالَ " إذا كان هكذا )[1] .

الرواية الثانية: - معتبرة الحلبي، وهي ما رواه علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام: - ( في رجل تزوج جارية فدخل بها ثم ابتلي بها ففجر بأمها أتحرم عليه امرأته؟ فقال: - لا إنه لا يحرّم الحلالَ الحرامُ )[2] .

وسندها معتبر، إذ حتى لو قيل بأنَّ الحلبي غير معلوم وهل هو محمد بن علي الحلبي الثقة أو غيره، قلنا: - إنَّ هذا لا يؤثر فإنَّ الحلبيين موثقون إذ قيل في حقهم: - ( الحلبيون بيتٌ معروفٌ في الكوفة كلهم ثقات )، وعليه فلا مشكلة في السند حينئذٍ.

كما أنَّ ودلالتا على المطلوب واضحة جداً، وهي وإن لم تكن ورادة في الخالة وبنتها إلا أنَّ التعليل الوارد فيها عام فتشمل المورد.

الرواية الثالثة: - ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه ابن أبي عمير عن عمر بن اذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: - (في رجل زنا بأم مرأته أو بنتها أو بأختها، فقال: - لا يحرّم عليه ذلك امرأته، ثم قال:- ما حرّم حلال قط)[3] .

وأما الفرع الثاني- وهو ما إذا حصل الزنا بالخالة بعد العقد على بنتها وقبل الدخول -: - فهنا لا توجد رواية خاصة تدل عليه ولكن إذا رجعنا إلى بعض الروايات المتقدمة كمعتبرة الكناني نجد أنَّ عدم ثبوت الحرمة فيها قُيّد بما إذا حصل الزنا بالخالة بعد العقد والدخول ببنتها فنفهم من هذا القيد أنه إذا حصل الزنا بأم الزوجة - سواء كانت خالة أو غيرها - بعد العقد وقبل الدخول سوف تحرم عليه البنت بمقتضى هذه الرواية.

وأيضاً نستفيد ذلك من الروايتين الأخريين فإنهما قيدتا عدم حرمة البنت بما إذا حصل الزنا بأمها بعد العقد على البنت والدخول بها.

هذا ولكن يوجد في المقابل قاعدة معارضة لهذه الروايات:- وهي قاعدة ( لا يحرّمُ الحرامُ الحلالَ )، والحرام هو الزنا بأم الزوجة - سواء كانت خالة أو لم تكن - والحلال هو بنتها التي عقد عليها ولم يدخل بها بعدُ ولكن كان يحل له الدخول بها، وعلى هذا سوف تحصل المعارضة بين هذه القاعدة وبين الروايات الثلاث، فإن أردنا أن نعمل على وفق الاحتياط فالأحوط حرمة ابنتها عليه، وإن أردنا أن ننظر حسب القواعد فسوف تحصل المعارضة بين هذه القاعدة وبين الروايات الثلاث فيتساقطان حينئذٍ نرجع إلى عموم ﴿ وأحلَّ لكم ما وراء ذلكم ﴾ فيثبت عدم حرمة البنت عليه، وعلى هذا تبين أنَّ الاحتياط يقتضي شيئاً وعموم الآية الكريمة يقتضي شيئاً آخر.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo